توجد لجنة في الوزارة مشكلة من الخبراء والمتخصصين يعرض عليها العديد من الأعمال يقبل البعض ويتحفظ على البعض ويرفض البعض.. حيث قد تجد اللجنة الفكرة جيدة ولكن معالجتها دون المستوى فتتحفظ أو ترفض ..اللجنة هي الجهة الوحيدة التى نحتكم اليها ، والوزير يكون حكما كرأي ثالث في حالة الاختلاف. كما أن هناك جهتين تشرفان على انتاج الافلام ذات الطابع التاريخي ..افلام "الذاكرة" تروي السيرة الذاتية لشهيد او بطل من ابطال الثورة طالما انها تتناول الشخصية باسمها مسارها وتاريخها مثل حسيبة بولبعدي وزبانا .. يجب احترام مسار الشخصية ليس من زاوية انه فيلم وثائقي ولكن ولو يكن فيلم روائي فيجب احترام السياق الزمني والتاريخي لهذه الشخصية وهذه تزكها وزارة المجاهدين من خلال لجنة تابعة لها مشكلة من عدد من المؤرخين والمختصين . نحن في وزارة الثقافة يمكننا ان نمول وننتج فيلم سينمائي حول الثورة ولكنه مجرد فكرة فقط والاشخاص ربما غير حقيقيين أو ذات المكان فمثلا فيلم البئر ل "لطفي بو شوشي" في فترة الثورة لا يذكر المكان لكنه جزء من افلام الثورة ، أما أفلام الذاكرة فهي ترصد أشخاص لهم سيرة ذاتية ويكون بالتنسيق بين الوزارتين الثقافة والمجاهدين بطبيعة الحال لاننا في النهاية نقدم منتوج ثقافي له صلة بالتاريخ وأحيانا تمويل مشترك. ممكن أن نمول مائة بالمائة أو بنسب وقد لا ننتج ونوزع فقط حسب نوع الفيلم وإمكاناتنا وجدواه .. وكالة إشعاع الثقافية هي إحدى المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة من مهامها الترويج للمنتوج الثقافي الجزائري في الداخل كما في الخارج..أما المركز الجزائري للتطوير السينمائي فهو المؤسسة التابعة لوزارة الثقافة والمكلفة بمهمة الانتاج السينمائي او الانتاج المشترك . لديه ميزانية قد نضيف إليها حسب الحاجة ..ونعمل دائما على البحث عن ممولين إضافيين حتى لا يقع عبء الانتاج بالكامل على الوزارة أو الدولة ولكن يجب مشاركة الشركات الخاصة. الوزارة تنظم المهرجانات السينمائية لكنها لا تمانع في رعاية المبادرات التي تقدم من قبل مؤسسات إقتصادية لتنظيم مهرجانات جديدة وفق دفتر شروط ما يتعارض معه يرفض . الوزارة تهتم بكل الفنون وهو أمر لا يقبل النقاش بينما يحتل فن مساحة أكبر كالسينما والكتاب قد يزيد أحيانا وقد يقل مثلا ففي مجال نشر الكتاب فالدولة تدعم نشر الكتاب بصورة كبيرة ولكن دور النشر الخاصة يمكنها أيضاً النشر وتدعمها الدولة بنسبة 50 بالمائة إذا كان الكتاب سيلقى قابلية للتوزيع ويحقق انتشارا.. كذلك السينما قد يتطلب الفيلم انتاجا ضخما كما يحدث في الأفلام التاريخية من تصوير المعارك والأسلحة والطائرات وليس فيلماً رومانسياً يتم تصويره داخل أربعة جدران ..ففي الجزائر ومن حسن الحظ أن كل الأفلام الحربية والتاريخية وما يدور في فلك الثورة تدعمها وزارة الدفاع الوطني .. فهي سند هام في دعم تلك النوعية من الأفلام وتغطي جزء كبير من كلفة الفيلم دون أن تأخذ مليماً واحداً والدعم يتمثل في إعطاء أسلحة وطائرات وجنود .. بالتنسيق فيما بين الوزارتين وتتسم وزارة الدفاع بالمرونة التامة فيما يتعلق بقطاع السينما . الجزائر عرفت بأنها بلاد سينما وأولى الأفلام في تاريخ السينما صورت بالجزائر منذ عهد لوميير تم تصوير 10 أفلام في الجزاير منها أفلام طرزان لأنها تتوفر بها طبيعة سينمائية ساحرة تشمل بحر ، جبال ، صحراء ، مدن قديمة وجديدة ، ومنذ الاستقلال ولمدة خمسين عاما كان بها ما يتخطى 400 دار سينما واستمرت في النشاط بشكل عادي وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات شهدت الجزائر تحولات سياسية أنتجت أنذاك قوى سياسية وظفت الدين توظيفاً مقلوباً وتم غلق قاعات السينما أو تحويلها لأشياء أخرى ، ودفعت الثقافة بالتبعية فاتورة كبيرة جراء الأزمات السياسية والأمنية وتراجع الإنتاج السينمائي وتراجع دور الثقافة التي تعتبر السينما أبرز أدواتها ..ووصلنا إلى أننا خلال 25 عاما تقريبا خرج جيلا لم يشاهد السينما بفعل إغلاق قاعات السينما وظهور الفيديو والفضائيات ، هذا لا يعني أن السينما انتهت في الجزائر بل بقيت مقاومة لدى الكثير من السينمائيين كما لعب السينماتيك دور مهم ..في مطلع الالفين مع عهد الرئيس عبد العزيز بو تفليقة مكن الثقافة من تمويل كبير غير مسبوق وتضاعفت ميزانية وزارة الثقافة بشكل كبير وصار فيه اهتمام ..الآن عملية استرجاع القاعات تتطلب وقت وإجراءات قانونية لأنها حولت إلى جهات خاصة أو إلى بلديات ثم أن هذه القاعات بحاجة إلى تهيئة وإعادة ترميم وبالتالي نحن الآن نمتلك أقل من 100قاعة ومسعانا يتجه الآن نحو وضع سياسة لتسييرها تسيير مهنى فهناك مؤسسات خاصة أوروبية اتصلت بنا والتقيت بعدد من المستثمرين الذين طالبوا أن يكونوا شركاء مع مؤسسات جزائرية لإعادة تفعيل وتحريك القاعات من جديد ، العملية الآن تتجه بالموازاة بين منظومة إصلاح لمنظومة السينما في الجزائر ، إصلاح في الجانب القانوني ، في جانب التمويل ، وفي جانب الفضاءات ، والاستثمار في المجمعات السينمائية ..وهذا العام سيشهد فتح عدد من القاعات ومنها ما هو جاهز الآن ، بلاشك فالمخرجين مظلومين ولا يعجبنا هذا الأمر . المسرح في الجزائر أفضل حالا من السينما فالمسارح تم تهيئتها وتوجد مسارح جهوية وكل مسرح يعرض عدد من المسرحيات سنوياً حتى يتم عرض أحدها في مهرجانات يبدأ انتقالها لمختلف المسارح ، يختلف من مسرح لآخر فالمسرح لم يتوقف وظهر جيل جديد من المسرحيين الذين حلوا محل الرواد وظهر المسرح الأمازيغي وله مهرجان خاص به والسينما الأمازيغية موجودة ، نظمنا للآن 9 مهرجانات سينمائية ويماثلها نفس العدد في المسرح لكن سنركز مستقبلا على مهرجانات مرجعية . العلاقات لم تتوقف أبدا وهناك دائما حضور دائم للجزائر في المشهد المصري وحضور دائم لمصر في المشهد الجزائري من خلال مشاركات إن لم تكن على المستوى الإبداعي الثقافي فعلى المستوى الإعلامي إذن هناك حضور دائم بين البلدين وتقاطع في المضامين كمواجهة الإرهاب والتطرف والتخلف ، كيفية وضع جسور مع الآخر ، كيف يكون دور المثقف فاعلاً في ظل التحولات التي تطرأ على المجتمع العربي أو يكون عرضة لها ، المستقبل إلى أين؟ وغيرها من موضوعات تدور هنا وهناك ، وقد كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في التقارب والجدال حول قضايا راهنة وهو مناخ صحي ، فقد أصبح التعارف بين المثقفين اسهل وأوفر فلن تحتاج لتذاكر الطيران لحضور تلك النقاشات. ومؤخرا شاركت وزارة الثقافة بعدد من الكتاب الجزائريين في معرض القاهرة الدولي للكتاب ، للحفاظ على استمرار الفضاء الثقافي الكبير كمرجع تثقيفي عربي للكتاب ، كما تقدم عدد من المنتجين المصريين بأوراق عن قضية الهجرة وناقشنا آلية توفير انتاج مشترك جزائري مصري في فيلم سينمائي عن ظاهرة الهجرة مطروح هذا الموضوع منذ أكثر من سنة ، وطرحنا إمكانية انجاز فيلم حول العلاقة التاريخية بالزواج أو المصاهرة بين الملك يوب الثاني الأمازيغي وكليوباترا سيليني ابنة كليوباترا وهي جديرة بأن تحول إلى فيلم سينمائي وأذكر اننى فاتحت المخرج يوسف شاهين قبل وفاته وأعجب بالفكرة وشرعت في كتابته لكن الموت كان الأسبق وحال دون إنجازه ، هذا الفيلم يؤكد على العلاقات بين الشعبين علاقة تعود إلى 2000 سنة ، السيناريو مكتمل إلا أنني كوزير لا يمكننى الشروع في هذا المشروع. أسمح لنفسي أحيانا بالمشاركة في أمسيات شعرية أو ندوات ثقافية،وانزع قبعة الوزير وأضع قبعة المهتم بالشأن الثقافي . التسهيلات للتصوير موجودة ونرحب بكل من يروج لصورة الجزائر الجميلة ، ففي العام الماضي تم الانتهاء من تصوير فيلم "الجزائر من السماء" باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية ، هذا الفيلم من اخراج وتصوير يان أرتوس برتران مخرج عالمي كبير يقدم افلاماً حول البيئة والثقافة ، استغرق التصوير عامين فالجزائر أكبر من بلد وأصغر من قارة ، وتتطلب للتنقل طائرات ، تم تصوير مشاهد فاجأت الجزائريين أنفسهم ، وسيتم عرضه في الجامعات ، واعتبر برتران هذا الفيلم من أعظم الأعمال التى أنجزها . كما تم الانتهاء من فيلم القديس أوغستين فيلم جزائري تونسي يخرجه سمير سيف وحاليا في مراحل المونتاج يتحدث عن سيرة القديس الجزائري أوغستين . ولدينا مشروع فيلم "دينا" وهي يخت دينا عبد الحميد ملكة مصرية أردنية هي الزوجة الأولى للملك الحسين في عام 1955 بعد اندلاع الثورة الجزائرية بثلاث أو أربعة أشهر تم استخدام هذا اليخت من الإسكندرية في نقل السلاح الى الثوار الجزائريين من الإسكندرية إلى النادور في المغرب لتستمر الثورة وهو فيلم يوثق لمرحلة تاريخية مفصلية في الثورة الجزائرية ودعم المخابرات المصرية لنقل الاسلحة الى طرابلس ثم المغرب ، السيناريو منتهي وتم اختيار المخرج . نرحب بالمبدعين فالجزائر مفتوحة باستوديوهاتها وقاعاتها ومؤسسات الانتاج السينمائي وقوانينها تسمح.