التصريحات السودانية الأخيرة.. والخاصة بالمُطالبة باسترداد حلايب من مصر لأنها أرض سودانية علاوة علي تَخليها عن الاتفاق مع مصر لخوض المعركة السلمية للدفاع عن حقوق دول المصب في مياه النيل.. وكذا هجوم وزير خارجية السودان الدائم والمُستمر علي مصر أصابتني بالحِيرة.. والحُزن.. واليأس.. بالحِيرة لأني لا أعرف ما الذي يجعل كل العرب ينقلبون علي مصر؟ حتي وصلت الي السودان التي تربطنا به شِريان حياة واحد.. السودان الأهل.. الأقارب.. التاريخ.. الجغرافيا.. العادات والتقاليد.. هل هو التفريط المُتعمد في مكانتنا علي مر سنوات طويلة أعتقدنا فيها أن ساعة التاريخ تتوقف علي مواقف ثابتة لا تتغير.. فتخيلنا أن الزعامة الواضحة التي مارسناها بشعارات قوية استخدمناها في فترة كانت في أواخر فترات التأثيرات القوية للشعارات بعد أن انكشف زيف شعارات القوة التي استخدمها هتلر وصدقها وخاف منها الجميع و أدخلت الغرورفي نفوس مُطلقيها.. أعمتهم عن الحقيقة.. وجعلتهم يخطئون الحسابات فكذبها التاريخ.. هل لم نستطع أن نستثمر الظروف التي جعلتنا نُصبح في موقع القيادة لأمة من المحيط للخليج بتأييد كاسح من الشعوب العربية.. وكثيرٌمن الشعوب الإفريقية..؟ هل أصابنا الغرور حينما أصبح لمصر دور مُؤثر في حركات التحرر؟.. فأعمتنا عن الحقيقة فتخيلنا أننا أصبحنا نملك العالم.. ولم نع أن تأثير دور مصر الإيجابي خلقَ من الأعداء أكثر من المؤيدين.. هل فرِحنا بتأييد الصغار الضعاف ولم نبحث عن تأييد الكِبار الأقوياء؟ هل توهمنا بقُدرات وقوي خارقة من شعاراتٍ بُحت بها حناجرنا حتي التهبت.. تركنا الغرب وأمريكا نُصدقها.. حتي تكون الصدمة عنيفة؟.. فأخطأنا بالفعل الحسابات والتقديرات.. ولم نَستفد من دروس التاريخ.. فكانت النكسة التي كانت بداية انهيارات أصابتنا.. جعلتنا نَختصر كل قضايانا ومشاكلنا وعِلاقاتنا واقتصادنا وحياتِنا في إزالة آثار العدوان.. فتنازلنا مُرغمين عن مَوقع القيادة والريادة.. مُنشغلين بتحرير الأرض.. طالبين الدعم.. فاهتزت المكانة.. وتغيرت المشاعر.. وظهرت العدَاوات.. وأراد الله أن تتاح الفرصة للقوات المسلحة المصرية بدعم الشعب المصدوم الذي لم يستوعب الصدمة بحجمها الحقيقي.. لأنه قد تلقي الصدمة بعاطفته وليس بعقله.. ولكن وبعد أن تحقق الهدف الأسمي بالنصر العسكري الكبير.. لم نُحاول أن نَستعيد مكانتنا العربية والأفريقية ولا الدولية مُكتفيين بتمسُكنا فقط بالقضية الفلسطينية لعقود من الزمن لتُبقينا في دائرة الأحداث العربية والإقليمية والدولية.. وفي الغالب كنا نَفشل في فرض إرادتنا أوتقدير دورنا واحترام تدخُلنا في القضية.. فأداؤنا في القضية الفلسطينية مُرتبط بأدائنا عربياً وإقليمياً و إفريقياً ودوليا ًوهذا ما فرطنا فيه.. أما الحُزن فلأننا كعرب وأفارقة ننسي للاستعمارما فعله بنا ولا ننسي لبعضنا البعض أي مواقف خلافية.. يساعد قادتنا أمريكا والغرب وأحياناً إسرائيل لتصفية الحِسابات حتي علي حِساب شُعوبنا ومَصالحنا وحريتنا وكرامتنا.. ولا يساعد قادتنا بعضِهم لتقوية الأمة العربية لتكون لها المكانة اللائقة التي تجعل الآخرين يقدروننا.. نُفرط في مواردنا وثرواتنا وأموالنا لمصلحة من يطمع فينا.. ولا يستفيد منها من يحتاجها منا.. سهولة حدوث الخلافات بين العرب والأفاقة لأتفه الأسباب مما يدلل علي تخلف أعتقد أحياناً إننا سُعداء به.. اما اليأس فيأتي مما أراه من طريقة التعامل مع قضايانا ومع الأخطار التي تُحيق بنا.. نتخاذل في مُعالجة قضايانا الهامة حتي تَتفاقم.. نتركها لتتضخم مُنصرفين الي توافه الأمور.. حتي تُصبح مُشكلة يصعُب حلها.. لم نتعلم كيف تُدار الأزمات وحينما تقترب النتائج السلبية لتخاذلنا.. لا نجد الا مُبررات نظرية المؤامرة والأصابع الخفية اسباباً نقنع بها شعوبنا.. فهل التقصير وفشل العلاقات تتحمله مِصر وحدها؟؟.. أم هو خلل في منظومة العلاقات العربية والأفريقية يتحملة الجميع؟ وهل هناك أمل في إصلاحها وتماسُكنا؟ نرجو ذلك ولن نفقد الأمل.