أحسن منظمو معرض قناة السويس الجديدة الماضي الحاضر المستقبل والذي افتتح الخميس الماضي حين اختاروا لوحة (حفر قناة السويس)للرائع الفنان عبد الهادى الجزار لتتصدر لوحات جيل الرواد من الفنانيين في المعرض...باعتبارها اللوحة الأهم التي جسدت معاناة المصريين في حفر القناة الأم. والفنان عبد الهادى الجزار يعد علامة من علامات الفن التشكيلى فى مصر.. فقد سخر ريشته لرسم أحلام الفقراء وارتبط بالعمال والفلاحين وأبناء الطبقات الكادحة واشتهرت لوحاته بأبعادها التشكيلية فى التعبير عن ذلك، كانت نشأته بالإسكندرية بحي القبارى. فقد ولد فى مارس 1925 وتوفى وهو فى الأربعين من عمره فى مارس 1966، كانت طفولته مابين الإسكندرية وحى السيدة زينب الملىء بالتقاليد الشعبية والمحيط بالأماكن التاريخية القديمة التى تلهم الفنان وتمكنه من ترجمة ما يراه إلى لوحات فنية بديعة، كلية ما لهاش مستقبل التحق بكلية الفنون الجميلة عام 1944 بالرغم من معارضة أسرته آنذاك والذين رأوها كلية بلا مستقبل! ويعتبر الجزار من جيل مابعد الرواد، وكان يتميز بأسلوبه الفنى فى تخليد الأحداث المهمة من حوله بصدق وحرفية حتي أصبح المهتمين والهواة يتنافسوا على إقتناء أعماله حتى حققت لوحاته أسعارا قياسية لم تصل لها أعمال اي فنان مصري.. وتعد لوحة (حفر قناة السويس) من أشهر أعمال الفنان الكبير التي يعود تاريخها لسنة 1965 فقد أبدعها الفنان قبل وفاته بعام.. وكان رسمها بناء عن تكليف من المتحف البحرى بالإسكندرية، وقد رسم الجزار لوحة أولية بالألوان المائية بمقاس 35x70 سم جسد فيها الآلاف من العمال وهم يحفرون القناة فى مشهد بديع وقد بيعت هذه اللوحة الأولية فى العام الماضى بصالة المزاد (كريستي) بدبى بمبلغ مليون وثلاث وعشرين دولاراً. أما اللوحة الأصلية فأبعادها 302x184 سم وهى مرسومة بألوان الزيت على سلوتيكس وموجودة بمتحف الفن الحديث بساحة دار الأوبرا المصرية. قصة وراء اللوحة وهذه اللوحة الأصلية لها قصة رواها لنا تلميذ عبد الهادى الجزار وقت رسمها الفنان الكبير الدكتور صبرى منصور الأستاذ المتفرغ بكلية الفنون الجميلة حالياً.. يقول صبرى: تخرجت عام 1964 وكنت تلميذ الفنان الكبير عبد الهادى الجزار وفور تخرجى وحصولى علي المركز الأول على دفعتى وسعدت جداً بتكليفه لى بتنفيذ لوحة حفر القناة فقد كان فى هذه الفترة مريضًا بالقلب ولايستطيع أن ينفذ العمل بالمقاس الكبير ولكنه قد نفذه بحجم صغير بالألوان المائية وأعطانى الماكيت المصغر لأنفذه بالحجم الكبير الموجود حالياً بمتحف الفن الحديث بالقاهرة.. ويكمل منصور أن تنفيذ هذه اللوحة استغرق ما يقرب من 60 يوماً من العمل المتواصل ليل نهار ولم يشاهد الجزار اللوحة إلا بعد أن انتهيت منها وقد أضاف إليها بعض الرتوش البسيطة كوضع وشم على ذراع أحد العمال القائمين على حفر القناة كما هو واضح باللوحة الأصلية.. وقد نجح العمل فى إظهار السخرة التى تعرض لها عمال حفر القناة فى كثير من الأوضاع أثناء عملهم.. ومن الطريف أنى استعنت بموديل واحد لأحد الفلاحين لتجسيد العمال الموجودين باللوحة.. ويضيف صبرى أن الجزار نجح فى تجسيد مشهد حفر القناة فى هذا العمل التاريخى الرائع الذى سعدت جدًا بتفيذه.. بالفعل لوحة الجزار لوحة غنية بالدلالات الرمزية سجلت أعظم مشهد فى حفر القناة فهي بانوراما توضح المشهد الرائع للعمال والفلاحين وهم يحفرون وآخرون يحملون ويتحركون هنا وهناك.. وتعد اللوحة تخليداً للآلاف من المصريين الذين ضحوا بحياتهم من أجل إنجاز أضخم مشروع فى تارخ مصر.