إن الحرب على الفساد والإهمال الذى يتسبب يوميا فى خسارة الدولة خسارة بشرية ومادية لا تقل أهمية عن الحرب على الإرهاب الذى تقوم به الجماعات الإرهابية من عنف وقتل وتدمير وترويع للآمنين داخل البلاد وعلى الحدود لإنهاك وإضعاف وتفتيت الدولة المصرية ضمن مشروع الجماعة الإرهابية وتنظيمها الدولى والدول الاستعمارية الكبرى. يا سادة يا مسئولين عليكم أن تعرفوا أن مخطط مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى يطلق علينا الوحوش الإرهابية لتنهش فى كيان الدولة المصرية وتنهش فى قلب الأمة العربية يتساوى تماما مع وحوش الإهمال والفساد التى تنهش فى أجهزة الدولة وتأكل فى لحم المصريين. إننا نواجه الحرب على إرهاب الجماعات المتأسلمة مثلما نواجه الحرب على إرهاب الفساد والإهمال. إن سوس الفساد والاستهتار والإهمال والذى نما عبر سنوات النظام الأسبق ينخر فى أساسات الدولة، يقضى على ثرواتها الطبيعية وثروتها البشرية، يقضى على منظومة التنمية والإنتاج والبناء والتقدم والأخلاق والقيم والضمير، يقضى على دولة العدل والحق والقانون. وإذا كنا فى المقال السابق قد تكلمنا عن حكومة الحرب على الإرهاب وأفردنا مساحة كبيرة للتنويه إلى أن محاربة الإرهاب تتحقق بالأمن والتنمية الإنتاجية ومحاربة الفقر ومحاربة الجهل والأفكار الظلامية بنشر التثقيف والعلم والتنوير ومفاهيم الدين الصحيحة، فإننا فى هذا المقال نؤكد على محاربة الفساد والإهمال الذى لا يقل فى خطورته عن إرهاب الجماعات المتاجرة بالدين والشرف والأوطان. الفساد والإهمال والفوضى المرورية تتسبب فى حصاد أرواح أكثر من 12 ألف قتيل سنويا وخمسين ألف مصاب، ويكبد الدولة خسائر مادية تصل إلى 15 مليار جنية. الفساد والإهمال فى صيانة وتطوير الخدمات ومنها الطرق والمزلقانات وسلامة المركبات والقطارات والعبارات ومعديات الموت يؤدى إلى هذه الخسائر المادية والبشرية. هذا غير إصابة آلاف المصريين بأمراض الفشل الكلوى والسرطان والفيروسات الكبدية وغيرها. الفساد والإهمال وعدم توافر الإرادة السياسية للدولة لتنفيذ دولة القانون وتنفيذ الأحكام برجوع الشركات التى تم خصخصتها فى عهد النظام الأسبق، هذه الشركات لم يتم استرجاعها وفتحها ورجوع العمال المفصولين إليها وضخ الاستثمارات لتدور عجلة الإنتاج والنمو حتى نستطيع بالتنمية الحقيقية الوصول إلى الاكتفاء الذاتى من الغذاء، بل والتصدير. إن التنمية الإنتاجية الشاملة هى أساس محاربة الفقر، والذى يعتبر البيئة الخصبة لنمو بذور الإرهاب، وأساس استقلال الإرادة الوطنية وتحقيق الكرامة الإنسانية. عقب كل كارثة تتكون اللجان ويتم وضع الحلول وتشريع القوانين الرادعة المانعة، عقب كل كارثة تنتفض أجهزة الدولة للمناقشات ومحاولة حل الأزمات، ثم لا يتم تنفيذ أى شيئ ذى بال. هل تتوافر الإرادة السياسية لمسئولى الدولة لتنفيذ الحلول وتطبيق الانضباط وتثبيت دولة القانون أم نحتاج إلى مزيد من دماء البشر وأشلائهم على أسفلت الطرق؟ إن نيران الفساد والإهمال تلتهم مؤسسات الدولة وأجساد المصريين. انتبهوا أيها السادة المسئولين.