بقلم: محمود الخولي كارثة !! عادت بعض الفضائيات ومرة أخري ، إلي ما كنا قد نسيناه من عبث إعلامي، يروج للدجل والشعوذة تحت مسمي "العلاج بالقرآن"، من المس والجان والربط الجنسي وما شابه، تحت وطأة الإفلاس الإعلامي والعجز عن تقديم ما يحترم عقل المشاهد. نهايته.. لم يكن في نيتي أبدا أن أعود للكتابة في هذا العبث، الذي كنت قد نسيته منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، حين كانت إحدي الفضائيات المشهورة في هذا التوقيت، تفرد لما اصطلح عليه في حينه " العلاج بالقرآن "، مساحات كبيرة من حلقات التوك شو التي كانت تشتهر بها، وشرفني أن كنت ضيفا مع علماء دين وأساتذة طب نفسي وممن أطلقوا علي أنفسهم "المعالجين"، علي هذه الفضائية، لحلقتين متتاليين من إعداد الزميل والصديق محمد هاني وتقديم الإعلامية القديرة هالة سرحان، علي خلفية صدور دراسة لكاتب السطور في حينه( 1996) تحمل عنوان " عفاريت يعالجون المرضي"، يفضح من خلالها رموز هذا العالم ، بعد توجيه الدعوة لهم واستضافتهم بجريدة السياسي المصري لساعات وأيام طويلة ، ليتعرف منهم في أحاديث مسجلة صوتا وصورة، علي وظائفهم الأولي قبل احتراف هذه الممارسات، وقد صارحوني القول، بأن الأمر ليس بحاجة إلي مؤهلات عويصة،إذ لا تزيد عن حفظ بعض آيات القرآن من سور البقرة والجن والصافات وغيرها، ثم ارتداء جلباب أبيض قصير وطاقية ، مع إطلاق اللحية ، وشبشب تطأ قدما "صاحبنا" به الأرض، تركوا بعدها مهنهم المتواضعة جدا التي كانوا يسترزقون منها ،بعد أن أصبحوا ملء السمع والبصر والعطايا !! كانت الخطورة في ذلك التوقيت، أن حكومة ذلك الزمان هي التي روجت لظاهرة العلاج بالقرآن، بعد أن تبنت مؤسسة صحفية كبرى ، في إصدار جديد لها معني بنشر أخبار الحوادث، ومن قبلها جريدة إسلامية تنتمي لحزب سياسي معارض ، نشر أخبار تلك الفئة باعتبارها رسالة قومية وإنسانية لعلاج المرضي، فإ ذ بالجريدتين تعيدان عصر الخزعبلات إبان انهيار الخلافة العباسية، فعمت البلاهة العقول، ونشب الخلاف بين الطوائف الفكرية والعلمية والدينية، لا أحد يستطيع أن يجزم بصحة ما يفعله" المشعوذون"، خاصة بعد ما تردد عن شفاء بعض الحالات من المرضي النفسيين علي أيديهم!! كبار أساتذة الطب النفسي باتوا في حيرة، انقسموا علي أنفسهم حول تفسير ما يحدث، بل بلغ الأمر ذروته حين أعلن المشعوذون عن تحديهم الأطباء وعلماء الدين، وخبراء الاجتماع الذين طالبوا بوضع الأمر في حجمه الطبيعي بالدراسة العلمية. خشيت الحكومة علي نفسها من الوقوع في الفخ، لكنها كذلك فعلت كمن خاف من العفريت ف"طلع له"، حين قررت وزارة الصحة عقد ندوة علمية دينية بمستشفي الصحة النفسية بالعباسية، فوقعت بالفعل في الفخ، ولكن كيف؟ للحديث بقية غدا بإذن الله This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.