في جلسة ساخنة صباح اليوم الثلاثاء، نظرت محكمة جنايات القاهرة أولي جلسات واحدة من كبري القضايا التي شهدها الوطن والتي يحاكم فيها 131 متهما يتقدمهم الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية والتنظيم الدولي للجماعة. وذلك بالاشتراك مع عناصر بحركة حماس الفلسطينية وتنظيم حزب الله اللبناني والجماعات الإرهابية المنظمة. وقد شهدت محاولة المتهمين -كعادتهم- تعطيل الجلسة، حيث ظهرالرئيس المعزول بصحة جيدة وبملابس الحبس الاحتياطي البيضاء وظل يتجول داخل قفص الاتهام ولكنه كان يبدو متوترا، خاصة عندما خاطب رئيس المحكمة بطريقة عصبية وانفعالية، متجاوزا وهو في حالة هياج قائلا لرئيس المحكمة: "أنا محمد مرسي رئيس الجمهورية.. من أنت؟" فرد المستشار شعبان الشامي "أنا رئيس محكمة جنايات مصر" وأخذ مرسي يردد العبارات التي دأب على ترديدها خلال الجلسة الأولى لمحاكمته في قضية "أحداث الاتحادية" بقوله "أنا الرئيس الشرعي للبلاد". ومع ذلك فقد ذكر مرسي أنه قد أوكل عنه المحامي "سليم العوا" فقط للدفع بعدم أحقية المحكمة ولائيا بنظر الدعوي، قائلا: لم أتنح ولم أتنازل عن الحكم واسترسل في حديثه وكأنه يخطب قائلا: إنه لا يطمئن للمحكمة وعندما تحدث إليه رئيس المحكمة، مناديا إياه باسمه. وذلك ليتمكن الدفاع من إبداء طلباته وخاطب المتهم محمد مرسي، رئيس المحكمة بطريقة غير لائقة قائلا: " إنت تناديني باسمي أنا اسألك اسمك إيه". وفي نهاية الجلسة قررت المحكمة التأجيل لجلسة 22 فبراير المقبل مع استمرار حبس المتهمين وضبط وإحضار المتهمين الهاربين والسماح للدفاع بتصوير أوراق الدعوي. وقد عقدت الجلسة برئاسة المستشار شعبان الشامي وعضوية المستشارين ياسر الأحمداوي وناصر البربري وحضور ياسر الفرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة وخالد ضياء ومحمد وجيه ورامي السيد ومحمد هشام ممثلي نيابة أمن الدولة وسكرتارية أحمد جاد وأحمد رضا. اتسمت الجلسة بإجراءات أمنية مشددة، حيث تم إحاطة قفص الاتهام بقفصي زجاجي، حيث أودع مرسي في قفص وباقي المتهمين في قفص آخر في خطوة لتحقيق الهدوء والانضباط في الجلسة التي حضرها 22 متهما وغاب عنها ال109 الآخرون. وما أن أودع المتهمون قفص الاتهام، حتي قاموا بالتلويح ب"إشارة رابعة" والقول ببطلان المحاكمة، واصفين إياها ب"المحاكمة غير الشرعية" علاوة على ترديد الشعارات المناهضة للقوات المسلحة " وجلسوا وأعطوا ظهورهم لقاعة المحكمة، تعبيرا عن رفضهم للمحاكمة برمتها. وظهروا جميعا يرتدون ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء، وحمل بعضهم زجاجات مياه وحقائب صغيرة لحمل أمتعتهم الشخصية، واعتلى بعضهم تلك المقاعد بأقدامهم للهتاف ولوحظ أن حالتهم الصحية جيدة. وفور إدخال مرسي إلى الجانب المخصص له بقفص الاتهام، تدافع بقية المتهمين صوبه لتحيته، وقاموا بالتصفيق له مثلما فعلوا قبل ذلك في قضيه السابقة. وما أن اعتلت هيئة المحكمة المنصة، حيث قام المتهمون بالتصعيد من وتيرة الهتافات وزعموا أنهم غير قادرين على سماع المحكمة أو ما يدور بداخل قاعة المحكمة، بدعوى أن "القفص الزجاجي" يحول دون تبادل سماع الأصوات بينهم وبين المحكمة وذلك كنوع من المرواغة. واستهلت المحكمة الجلسة بإثبات حضور المتهمين داخل قفص الاتهام، حيث رفضوا التجاوب مع المحكمة لإتمام إجراء عملية إثبات الحضور بمحضر الجلسة إيذانا ببدء إجراءات القضية، فيما أجاب محمد مرسي ردا على نداء المحكمة على اسمه قائلا : "أنا رئيس الجمهورية الشرعي، فمن أنت؟".. فأجاب المستشار شعبان الشامي بلهجة استمت بالحزم : "أنا رئيس محكمة جنايات مصر" فعاود مرسي الحديث متظاهرا أنه لا يستطيع أن يراه أو يسمه بسبب القفص الزجاجي وقال: "أنا مش شايفك ومش سامع حاجة خالص.. أنت مين.. أنا هنا من الساعة 7 صباحا".. فرد رئيس المحكمة قائلا: "يا محمد يا مرسي أنا سامعك كويس وانت كمان سامعني، ويجب أن تلتزم بنظام الجلسة وسيرها". وأبدى محامو المتهمين اعتراضهم بشدة على وضع المتهمين داخل قفص زجاجي بداخل قفص الاتهام الحديدي ودخلوا في سجال مطول مع رئيس المحكمة المستشار شعبان الشامي، مؤكدين معارضتهم لمسألة القفص الزجاجي. وأوضح الدفاع، أن سبب اعتراضهم على القفص الزجاجي، أنه يحول بين المتهمين وبين المحكمة، وأن المتهمين غير قادرين على الاستماع بوضوح لما يدور داخل قاعةالمحكمة ولحديث المحكمة لهم شخصيا ودفعوا ببطلان انعقاد الجلسة في ظل وجود هذا القفص الزجاجي. وعقب رئيس المحكمة على طلب هيئة الدفاع عن المتهمين، قائلا لهم إن من حقهم إبداء ما يعن لهم من طلبات، وأن المحكمة ستستمع لهذه الطلبات والدفوع جميعا وستفحصها، ولكن بعد الانتهاء من الإجراءات الوجوبية للجلسة. وأنهى المستشار الشامي الجدال المتعلق بالقفص الزجاجي، قائلا إنه وبقية أعضاء هيئة المحكمة، أجروا بأنفسهم معاينة لهذا القفص الزجاجي، وقاموا بتجربته للتأكد من أن من سيكون بداخله يستطيع "الاستماع بوضوح" والتجاوب مع هيئة المحكمة ومن يجلسون بقاعة المحكمة، مؤكدا أن وجود هذا القفص لا يمثل مخالفة ولا يترتب عليه ثمة بطلان، وأنه يتفق وصحيح أحكام قانون الإجراءات الجنائية في شأن المحاكمات الجنائية. وأذنت المحكمة لممثلي النيابة العامة، بتلاوة أمر الإحالة المتضمن الاتهامات بحق المتهمين جميعا، حيث انبرى المستشار تامر فرجاني المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا لتلاوة أمر الإحالة. وطالب، بتطبيق مواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة بحق المتهمين، وتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانونا ضدهم على ضوء هذه المواد. وظل المتهمون يتبادلون الابتسامات والأحاديث والضحكات في محاولة للإيهام بأنهم لا يستمعون لما يدور خارج قفص الاتهام، وأنهم لا يكترثون بما يحدث، وجلس بعضهم في تجمعات بينما تقدم البعض الآخر إلى مقدمة القفص لمشاهدة ما يحدث، في حين ظل الرئيس المعزول محمد مرسي يتجول داخل قفص الاتهام باديا عليه التوتر الشديد، بينما لم يكترث ممثل النيابة العامة لمحاولات المتهمين مقاطعته والتشويش عليه أثناء تلاوة أمر الإحالة، وقام باستعراض ما ورد به من اتهامات بحق المتهمين جميعا. وطلب دفاع مرسي اللقاء به وسمحت المحكمة لثلاثة من المحامين على رأسهم محمد الدماطي بلقائه، ثم رفعت الجلسة وعادت مرة أخرى بعد نحو أكثر من ساعة وتحدث مرسي قائلا: "إن يحي من داخل القاعة أولا وثانيا أنه تم القبض عليه واقتيد بالقوة الجبريه إلى مكان لا يعلمه وأشار على حد زعمه أنه حريص على أن يبقى القضاء بعيدا عن ما أسماه بالمهاترات قائلا: "إنها سوف تزول حتما وأن الخائن يخان وأخذ يقول أنا منكم لأنى رئيس جمهورية ومواطن وأن إجراءات هذه المحاكمة باطلة، لأن الدستور حدد إجراءات لمحاكمة رئيس الجمهورية". وقال في حدة وتجاوز: "أنتم لستم محكمتي وتكررت زيارات قضاة التحقيق وأعضاء النيابة لي دون إذن مني للسماح بذلك كرئيس جمهورية" فعندئذ قام بقية المتهمين بالتصفيق له. وقد طلب عدد من المتهمين من المحكمة رفع الجلسة لتمكينهم من دخول دورة المياه، مشيرين إلى أن أجهزة الأمن تعسفت ضدهم ومنعتهم من دخول دورات المياه، وتدخل المحامون لدى المحكمة لمؤازرة المتهمين، فما كان من المحكمة أن سألت المتهمين :"من منكم يريد دخول دورة المياه" فرفع المتهمون جميعا من داخل قفص الاتهام أياديهم بطلب دخول دورات المياه، غير أن المحكمة رفضت الطلب بعدما أدركت أنه طلب غير جدي يستهدف المماطلة وتعطيل سير الجلسة. من جانبهما، تقدم المحاميان ياسر سيد أحمد وعاصم قنديل، بالادعاء مدنيا قبل المتهمين جميعا، حيث ادعى الأول بمبلغ 100 ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت عن ذوي أحد المساجين الذين تم تهريبهم قسرا من سجن وادي النطرون، وهو ما تسبب في مقتله في أثناء عملية هروبه.. في حين ادعى الثاني بنفس المبلغ ضد المتهمين عن السيدة دعاء رشاد زوجة الرائد محمد الجوهري الذي كان ضمن الضباط المختطفين في قطاع غزة، وهي إحدى الوقائع التي تضمنتها القضية وأسند فيها الاتهام إلى عدد من المتهمين بها. وطالب محمد الدماطي المحامي عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، المحكمة بمنح هيئة الدفاع أجلا واسعا للاطلاع على أوراق القضية وتصوير مستنداتها والاستعداد لإبداء طلباتهم فيها ولقاء المعزول وأن تقوم المحكمة برفع الجلسة للاستراحة يتم خلالها تمكين هيئة الدفاع من الجلوس معه، مشيرين إلى أنهم لم تتح لهم كهيئة دفاع، الفرصة للتشاور والالتقاء بمرسي منذ 4 نوفمبر الماضي (تاريخ أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول في قضية أحداث قصر الاتحادية) سوى مرة واحدة فقط. وعقبت المحكمة قائلة إنها ستسمح لهم بلقاء المتهم محمد مرسي، ولكن عقب الانتهاء من إبداء طلباتهم بالكامل. وصرحت المحكمة لثلاثة من المحامين بهيئة الدفاع هم كل من (كامل مندور ومحمد الدماطي ونبيل عبد السلام) بلقاء مرسي خلال فترة الاستراحة. وقال محمد الدماطي موجها حديثه للمحكمة: "إننا نستشعر أننا أمام محاكمة صورية وشكلية وأن الظروف السياسية التي كان آخرها صدور قرار بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية، أثرت على المحاكمة".. فما كان من رئيس المحكمة المستشار شعبان الشامي، إلا أن استوقفه مؤكدا أن المحكمة لا تقبل مثل هذا الحديث، قائلا: "لا نقبل ذلك على أنفسنا.. نحن محكمة عادلة ونزيهة، ونوفر كافة حقوق وضمانات الدفاع، والسياسة لا مجال لها في المحكمة، وعليك أن تتحدث في موضوع القضية فقط دون التطرق لأية أمور خارجها".