هل لما أصدره المستشار حسن سمير قاضي التحقيقات المنتدب من محكمة استئناف القاهرة بحبس الرئيس السابق محمد مرسي 15 يوماً بتهمة التخابر مع حماس واقتحام السجون وإتلاف الدفاتر والسجلات الخاصة بها وحرق أقسام للشرطة والقيام بأعمال عدائية، علاقة مباشرة بما توعد به "المعزول" في خطابه الأخير من خطورة السعي لعزله متمسكًا بالشرعية الدستورية، وإما دخول البلاد في فتن كالليل المظلم، نراها ماثلةً أمام أعيننا اليوم في احتراب الشعب المصري في مواجهة نفسه، منقسماً على نفسه، كارهاً لبعضه؟. وهل لما سبق أن طالب به الدكتور محمد البلتاجي بالإفراج عن مرسي مقابل توقف العمليات الإرهابية في سيناء فورًا، علاقة أيضًا بدعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع النائب الأول لرئيس الوزراء في البيان الأخير الشعب بتفويضه في التصدي للعنف، وما وصفه بالإرهاب المحتمل، متحسبًا لأية احتمالات إرهابية بعد إشارات تهديد "البلتاجي" الملمحة إلى أن الفوضى على الأبواب، وأن التخريب يعرف مكانه وعنوانه، كما أن تدمير المنشآت الحيوية ممنهج ومعمول حسابه؟! بداية.. لم أر داعيًا لطلب الفريق أول عبدالفتاح السيسي تفويضًا من الشعب بالتصدي للعنف أو الإرهاب، إذْ أنه ووفق اليمين الدستورية التي حلفها أمام الرئيس برعاية مصالح الشعب والحفاظ علي استقلال الوطن وسلامة أراضيه من الفتن والاجتراء الخارجي، أو الداخلي بالتعاون مع وزارة الداخلية، ما يكفل له كافة سبل الدفاع عن الأمن القومي المصري ودون تحفظ من الشعب. ثم إن لم يكن السيسي هو المؤتمن علي ذلك، فمن سواه إذن، فضلاً عن أن طلب التفويض- كما تابعنا جميعًا- أوغر الصدور، وشطر الشعب في عيون بعضه البعض إلى شاطر ومشطور، وهم معذورون، الأول برأيهم في ميدان التحرير تحت رعاية وعناية وفي "نن عين" الدولة الرسمية، والآخر في محيط رابعة العدوية منبوذ، ومتهم بالإرهاب، وخارج حسابات الأم المصرية، بل ومغضوب عليه لمجرد التعبير السلمي عن الرأي، أو كما يقولون عن الشرعية!! لن أنفي في ظل هذا التوتر والاحتقان الشعبي، تعكُّر صفو السلمية علي الجانبين، ولن أنفي حق كل طرف في تمكين عقيدته الأيديولوجية كأساس للحكم، بين ليبرالي مدني وبين ديني أو حتى عسكري، حيث المهم هنا الوصول إلى صيغ توافقية لقبول كافة التيارات السياسية في المجتمع دون تعمد إقصاء الآخر ليبقي الحكم في النهاية للشعب. كما لا يستطيع أحد أن ينفي، والحال كذلك اندساس عناصر مخربة ودموية تحمل سلاحًا آليًا أو أبيض لترويع السلميين، ولا يستطيع أحد أن ينفي احترافية تأجيج الفتن دون تدخل أي من الجانبين فيها لصالح أجندات خارجية، ولا أن ينفي براءة ذمة عشرات الآلاف من المتظاهرين، وربما الملايين المتعاطفين مع رؤية كل فريق، من الدم المراق في ساحات وميادين التظاهر قديمًا وحديثًا، في الداخل المصري أو علي الحدود وما يتهدد الأمن القومي في سيناء. إذن لماذا التفويض الشعبي؟ ارجع معي إلى كلام السيسي في الإسكندرية، ربما تجد الإجابة حين يقول: "خلال الجلسة– يقصد مع الرئيس السابق- مع اثنين من قياداتهم- يقصد الإخوان المسلمين- قيل لي: لو حصلت مشكلة، فلدينا جماعات مسلحة، فقلت: يا جماعة مصر لا تدار بهذا الشكل، ومن يفكر في التعامل بعنف سيواجه بعنف!! فهل أراد السيسي أن يشرك الشعب في قرار مطاردة الفصيل المسلح في جماعة الإخوان المسلمين، ومن يظاهرهم في حماس وغيرها، بعد أن اعترفوا أمامه بوجود ميليشيات مسلحة من الممكن أن تشيع الدم والفوضى، والرعب في المجتمع المصري، في إشارة مهمة إلى أن فكرة الدولة غير واضحة لديهم بالمرة، فيما يعد كيان الجماعة وتنظيمها الدولي ومرشدها الذين يمثلون الأهل والعشيرة، هم الأولى بالبقاء في الحكم ودونهم الدم؟! أقول: ربما. ثم هل أراد الفريق السيسي أن يشرك الشعب معه حيث القادم أسوأ إذا استمر الحال على ما هو عليه، خاصة بعد أن أكدت المعلومات تسلل 500 مسلح من قناصة حماس عبر الأنفاق الحدودية إلى سيناء، تبين أنهم وراء مقتل أربعة من أفراد الشرطة قبل يومين بسلاح القناصة بعد أن أثبت المعمل الجنائي حسبما نشرت الصحف أول أمس أن المقذوف المستخرج من أجساد الشهداء لا يستعمل في مصر؟ أقول: ربما. أو هل أراد السيسي تفويضًا معنويًا يطمئنه على وقوف الشعب خلفه في حفظ أمن مصر القومي المهدد بالخطر، حتي وإن ترتبت علي ذلك خسائر متوقعة في الأرواح، بعد أن أيقن خطورة الوضع الحالي علي مصر الداخل إثر تسلل أكثر من100 من القناصة تمكنوا بالفعل من دخول القاهرة لارتكاب أعمال تفجيرات وإرهاب خلال المظاهرات بحسب أقوال ثلاثة متهمين منهم ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم مؤخرًا؟ أقول: ربما. هذا ما هو ظاهر لنا وكشف عنه القائد العام للقوات المسلحة المصرية، ومن يدري فربما ما خفي كان أسوأ بما يستحق التفويض وزيادة من أجل مصر. [email protected]