الرباط: تستعد الحكومة المغربية لإصدار قانون ينظم ما يطلق عليه "صناعة القرآن" بالبلاد، ويهدف إلى الإبقاء بشكل رسمي على قراءة "ورش" المنتشرة بالمملكة دون غيرها بالمساجد. وتقوم ملامح القانون الجديد على اقتصار القراءة في المساجد على قراءة ورش عن نافع، كما سيبقي على المصاحف المطبوعة بنفس القراءة دون غيرها. وحسب مصادر إعلامية مغربية، فإن لجاناً داخل وزارة الأوقاف تعمل على قدم وساق لإعداد ملامح القانون الذي سيصدر على شكل مرسوم ملكي. وأشارت الوزارة إلى قرب تشكيل لجنة علمية تقنية لها سلطة الاطلاع على صناعة القرآن، للإشراف على المشروع، حيث ترى الوزارة أنه "لم يعد من المقبول أن توجد داخل المسجد الواحد عدة أنواع من المصاحف". ورفضت مصادر من داخل الوزارة _بحسب جريدة الوطن القطرية_ الحديث عن تفاصيل هذا الموضوع، دون أن تنفي في الوقت نفسه ما راج في بعض الصحف من أن مرسوما ملكيا ينظم طباعة القرآن بالبلاد على وشك الصدور. وحسب المصادر ذاتها فإن "الحديث مبكرًا عن موضوع قانوني سيصدر على شكل ظهير (مرسوم) تصدره أعلى سلطة في البلاد وهو الملك، أمر غير لائق، وبالتالي لا يجوز استباق الأحداث، ولا بد من انتظار صدور الظهير والاطلاع على كافة تفاصيله". الدكتور محمد ضريف المتخصص في شئون الحركات الإسلامية رأى من جانبه أن القانون المرتقب هو "إجراء جديد يندرج ضمن مخطط يستهدف ضبط الحقل الديني الذي شكل فاتحته خطاب الملك في الثلاثين من إبريل 2004" والذي دعا فيه إلى إعادة هيكلة الحقل الديني في البلاد. وأوضح ضريف أنه "منذ ذلك الوقت، شرعت وزارة الأوقاف في تطبيق واتخاذ سلسلة قرارات تستهدف التحكم في عناصر المشهد الديني المغربي، ابتداء بإعادة هيكلة وزارة الأوقاف ومراجعة دور المجلس العلمي الأعلى، وكذلك دور المجالس العلمية المنتشرة في محافظات البلاد، بالإضافة إلى ضبط الفتوى عبر إنشاء المجلس الأعلى للإفتاء بالبلاد". وأشار إلى أن "من بين الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في هذا الاتجاه أيضا إصدار قانون ينظم بناء وتسيير أماكن العبادة والمساجد، إلى جانب ضبط مهمة الخطباء والوعاظ ، وأصدرت لأجل ذلك دليلا ينظم عملهم، ويضع الحدود الفاصلة الموضحة لطبيعة اشتغالهم". ورأى ضريف أن "الحفاظ على وحدة المذهب داخل البلاد، والمتمثل في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية شكل هاجسًا للسلطات منذ عقود، ويمكن اعتبار الإجراء الجديد مؤشراً على استمرار السياسة نفسها، في عالم لم تعد فيه الحدود الجغرافية والمسافات النائية عائقا أمام انتشار المذاهب والأفكار الأخرى في البلدان البعيدة عنها". وشدد على أن "السلطات المغربية تسعى بكل جهدها من هذا المنطلق لضمان خصوصية الممارسة الدينية للمغاربة، ومواجهة ما يأتي من المشرق من أفكار دينية خاصة أن المسئولين صرحوا في مناسبات مختلفة أنهم لن يسمحوا بأي مساس بالهوية الوطنية في المجال الديني". وكانت عدة تنظيمات إسلامية قد أبدت قبل سنوات احتجاجها على قيام وزير الثقافة الحالي محمد الأشعري (عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) بمنع حضور المصاحف بغير رواية ورش في معرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب. ورأى بعض المراقبين أن الحكومة ترى في بقاء نسخ القرآن المكتوبة حسب الروايات الأخرى من غير رواية ورش بالمغرب "مساساً بالخصوصية الدينية للمغرب". ويبلغ عدد القراءات القرآنية عشر قراءات صحيحة منها سبع متواترة (وردت من مصادر كثيرة)، والثلاث الأخرى آحاد (وردت من مصدر واحد) إلى جانب أربع قراءات أخرى شاذة فيكون المجموع 14 قراءة. وتغلب القراءة بإحدى هذه القراءات على مناطق بعينها في العالم الإسلامي، ففي المغرب العربي تسود قراءة «ورش» بينما تسود قراءة «حفص» في مصر والسعودية والعراق وبلاد الشام.