المبيدات المسرطنة تتسبب في وفاة 200 ألف شخص سنوياً حول العالم محيط مروة رزق توصلت الدراسات العلمية إلى العلاقة بين المبيدات المستخدمة فى الزراعة وإصابة الإنسان بمرض السرطان، كما أن ارتفاع معدل الإصابة بمرض السرطان يرتبط بدخول كميات كبيرة من المبيدات المسرطنة إلى مصر على مدى العشرين عاماً الماضية. وفى تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة بعنوان "المبيدات الزراعية" عن حقائق بشأن المبيدات موجود على موقع المنظمة على شبكة الإنترنت ورد ما يأتي: تتسبب المبيدات في مقتل 200 ألف شخص سنوياً حول العالم بسبب تأثيرها المباشر وأن هناك أكثر من نصف مليون طن من المبيدات المحظورة تتداول وتدخل إلى الدول النامية والفقيرة محدثة دماراً بيئياً وتدميراً لصحة الإنسان في هذه الدول، أن هناك 23% من المزارعين في الهند و25% في المكسيك و45% في زيمبابوى يمرضون سنوياً ويتلقون علاجاً مباشراً للتخلص من سمية وتأثير المبيدات على المزارعين. كما أن هناك 3% من الأفراد في القطاع الزراعي يعانون من سمية مباشرة ومعظمهم من الأطفال، أما فيما يتعلق بتخلل المبيدات لسلسلة الغذاء في العالم ومعه أيضاً تأثيرها على الترع والمصارف وتلوث مياه البحار وبالتالي تسمم أو تلوث الأسماك والكائنات البحرية والنهرية فهذا الأمر يحتاج إلى مساحات كبيرة قد تنفر المواطنين في مصر من تناول الخضراوات والفاكهة والأسماك والألبان واللحوم والدواجن وغيرها لأن المبيدات تختلف كلياً عن الكمياويات لما لها من تأثير قاتل سواء عن طريق السمية أو الهزال والوهن والمرض وغيرها الكثير. وأكد الدكتور نادر نور الدين الأستاذ بزراعة القاهرة أن المبيدات الزراعية المسرطنة حقيقة وانتشار عبواتها الفارغة خطر داهم، وذلك رداً على تصريحات الدكتور مصطفى كمال طلبة العالم البيئي ورئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية بوزارة الزراعة، والتي أشار إلى أن المبيدات الزراعية المستخدمة في الزراعة لها تأثيرها السام ولكن لم يثبت علمياً مسئوليتها عن السرطان. وأوضح أن مصر لم تسمح بتسجيل وتداول مبيدات يمكن أن تسبب السرطان بشكل رسمي وأن الخطورة تأتي فقط من المبيدات المغشوشة أو التي تدخل البلاد بطريقة غير مشروعة. ومن جانبه، يستشهد نور الدين بالمقالات العلمية المنشورة على نطاق دولي ومنها ما هو بعنوان "المبيدات الزراعية وسرطان الثدي" والأخرى بعنوان "المبيدات الزراعية وسرطان الدم في الأطفال "اللوكيميا" والبعض الآخر يتحدث عن الحقائق العلمية بين المبيدات وسرطان البروستاتا ثم المبيدات وسرطان القولون والمعدة والجهاز الهضمى بما فيه سرطان الكبد والدم، بالإضافة إلى عشرات المقالات الأخرى التى تؤكد العلاقة بين المبيدات والسرطان، وبالتالي فإن ما ورد على لسان الدكتور طلبة حول أن المبيدات المتسرطنة أكذوبة هو أمر غير صحيح علمياً. ويؤكد أن الحديث عن عدم وجود مسمى لكلمة "مسرطن" هو أيضاً خطأ حيث إن الكلمة الإنجليزية "Carcinogenic" ليس لها ترجمة للغة العربية سوى كلمة "مسرطن" ولا تحتاج إلى اجتهاد ولا إعادة تسمية وجميع المبيدات تحمل هذا اللقب، كما ورد ذكرها أكثر من مرة في جميع المقالات العلمية، طبقاً لما ورد بجريدة "الأهرام". ويضيف أن الطريقة التي وردت على لسان الدكتور طلبة في مرجعيته لحساب إضافة المبيدات بالنسبة إلى كامل المساحة الكلية المزروعة في مصر للتدليل على ضآلة الكمية التي يتعرض لها الإنسان المصري من المبيدات هى طريقة غير علمية الغرض منها الخروج بأرقام صغيرة وغير حقيقية عن التركيزات التي تدخل أجسام المصريين، فنحن نعلم أن معظم المزروعات القائمة لا ترش بالمبيدات، مثل البرسيم وهو يمثل المساحة الأكبر فى الزراعات المصرية وتتجاوز مساحته 3 ملايين فدان. وكذلك القمح كمساحة تالية تتجاوز 2،5 مليون فدان وزراعات بنجر السكر وقصب السكر لمساحات نحو 600 ألف فدان والأرز بمساحات وصلت إلى 2،2 مليون فدان سابقاً ونحو 1،45 مليون فدان هذا العام ووصولاً إلى الذرة بمساحة 1،6 مليون فدان وجميعها نادراً ماترش بالمبيدات وقليلاً ما يرش الفول والعدس وإن ما يستخدم المبيدات دورياً وبانتظام هو فقط القطن ومساحته لا تتجاوز حالياً نصف مليون فدان وبساتين الفاكهة لمساحة 650 ألف فدان ثم الخضراوات لمساحة مشابهة بما يعنى أن المساحات التي تستخدم المبيدات دورياً لا تتجاوز 2 مليون فدان فقط وليس 12مليون فدان أى أن ما يتعرض له المصريون من جرعات سامة أكبر مما ذكره الدكتور طلبة بكثير. والخطأ نفسه كان في الحديث عن توزيع تركيزات المبيدات على 80 مليون مصرى وموضوعياً فإن الأطفال دون العامين أو الثلاثة لا يتناولون المنتجات الزراعية خاصةً الخضراوات والفاكهة وكذلك العديد من المسنين. وينتقد نور الدين موقف الدكتور طلبة من تولي رئاسة لجنة المبيدات بوزارة الزراعة مع بداية ولاية السيد أمين أباظة وزير الزراعة السابق والعمل في الوقت نفسه كمستشار لوزير البيئة مسئولاً عن اصدار التقرير السنوي لوزارة البيئة والذي يرصد الوضع البيئى في مصر وحالة مياه الترع والمصارف وتلوث الأراضي الزراعية والغذاء وكل ما يتعلق بالأمور البيئية وهذا يضعه في موقف المراقب والمراجع على نفسه لذلك خلا التقرير الصادر في يونيه 2010 من أى إشارة عن التلوث بالمبيدات لأن سيادته كمصدر للتقرير يعمل أيضاً رئيساً للجنة المبيدات. وقد تحدث الدكتور طلبة عن المبيدات الرسمية التي تستوردها وزارة الزراعة فقط بعيداً عن حقيقة إسناد استيراد المبيدات هذه المادة الحيوية القاتلة إلى القطاع الخاص لتكون الوزارة بعيداً عن المساءلة وكان من الواجب الاحتكام إلى المواني المصرية للحديث عن إجمالي كميات المبيدات التي دخلت مصر خلال الأعوام السابقة. والجميع يتذكر حوادث التسمم بالخضراوات والفاكهة ومنتجات الألبان نتيجة للتأثير المباشر للمبيدات وبدون حتى أن تجتهد وزارة الزراعة في تقديم الارشاد الصحى اللازم للمزارعين عن الاخطار الكبيرة للمبيدات فمازال مزارعو القطن فى مصر وحتى اليوم يزرعون البامية والملوخية والطماطم على المساقى وتتعرض للرش بمبيدات القطن التى يستمر تأثيرها السام لأكثر من 54 يوماً، بالإضافة إلى تأثيرها التراكمي في جسم الإنسان لمن ينجو من السمية ليذهب إلى السرطان بمختلف أنواعه. ويشير نور الدين إلى تجاهل وزارتي الزراعة والبيئة لمصير عبوات المبيدات من أكياس وشكاير وعلب وتحرص على تسلمها من المزارعين ولو بمقابل بسيط للحفاظ على البيئة والصحة ومنع تلوث الموارد المائية لكن دورها ينتهى ببيع وتوفير هذه السموم القاتلة وبالتالي فإن المزارع لا يجد سبيلاً للتخلص من هذه العبوات بعيداً عن أهل بيته، إلا بإلقائها في الترع والمصارف لتعود إليه مع مياه الرى ومع الأسماك التي يتناولها من الترع. السرطان يرتبط بالمبيدات وفي هذا الصدد، أكد الدكتور مصطفى منيع أستاذ جراحة الأورام بكلية طب قصر العيني وعميد معهد الأورام السابق، أن ارتفاع معدل الإصابة بمرض السرطان يرتبط بدخول كميات كبيرة من المبيدات المسرطنة إلى مصر على مدى العشرين عاماً الماضية. وأوضح منيع خلال ندوة ب"نقابة الصحفيين" أن المبيدات المسرطنة دمرت التربة المصرية، التي كانت تتميز بإحتوائها على 120 معدناً بسبب طمى النيل، مؤكداً أن المبيدات المسرطنة لم تقض على التربة فقط وإنما على صحة الإنسان لأنها رفعت من معدل السرطان، مشيراً إلى أن دراسة حديثة أجرتها كلية الطب البيطرى بجامعة المنوفية أثبتت أن المواد المسرطنة بالأسمدة وصلت إلى ألبان المواشي. وأشار الأطباء المشاركين في الندوة الى تضاعف نسبة أحد أنواع السرطان وهو سرطان الكبد 30 مرة خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، مع إيضاح أن لذلك علاقة بالتدهور البيئي الذي بدأ واضحاً في تلوث الهواء والماء والغذاء، والذي راح ضحيته المستهلك. وكشف مصطفى منيع عن عدم وجود قوانين لمنع استخدام الهرمونات في مزارع الدواجن، مما تسبب فى زيادة معدلات الإصابة بسرطان الثدي بين السيدات، وأضاف أن استخدام المزارع لحبوب منع الحمل لزيادة نمو الدواجن يجعل الوجبة الواحدة التي تحتوي على "ربع فرخة" بها نحو 12 وحدة من الحبوب. وقال "المعدل الطبيعى الآمن للمرأة في تناول الحبوب يجب ألا يتعدى القرص يومياً، إما الدواجن فهى تختزن هذه الحبوب التي تحتوي على هرمونات في طبقة بين الجلد والعضلات بداخلها مما يجعل معدل الإصابة بالسرطان مرتفعة بين السيدات، وهو أمر لا نستطيع أن نوقفه فى المزارع لعدم وجود قانون يحرم ذلك". وأشار منيع إلى الدور الذي قام به معهد الأورام في التنبيه إلى خطورة التلوث البيئي خاصةً بعد اكتشاف زيادة المصابين بسرطان المرىء بين أهالي الصعيد نتيجة وجود مصنع الألمنيوم الذي كان يلقي بمخلفاته في نهر النيل، مؤكداً على انخفاض نسب الإصابة بعد أن أصبحت مخلفات المصنع تلقى بالصحراء، وقال "لقد أثبتنا بالأرقام والدلائل العلمية أن المبيدات سبب من أسباب انتشار المرض، وأرسلنا مذكرة قمنا بإعدادها بمشاركة أساتذة من كليات الهندسة والزراعة المهتمين بالتربة المصرية إلى رئيس جامعة القاهرة في ذلك الوقت وليوسف والي وزير الزراعة نحذر من أثر المبيدات، وكذلك للدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء لكن للأسف وضعت المذكرة بالأدراج ملفتا] إلى أنه جار إعداد مذكرة جديدة سوف ترفع لرئيس الجامعة الحالى الدكتور حسام كامل للتحذير، ونطالب فيها بمعاقبة المتسببين فى تلك الكارثة". ومن جهته، أكد الدكتور هشام الخياط أستاذ الكبد أن من بين 200 عالم وباحث بالمركز القومي للمبيدات أصيب 30 بمرض السرطان وفقدوا حياتهم نتيجة استنشاقهم هذه المبيدات وقال" لقد دخلت اللأسواق مادة "الجال كروم" في عهد والي ويوسف عبد الرحمن الوكيل الأول لوزارة الزراعة السابق والمتهم في قضية المبيدات، وذلك على مدى 6 سنوات واستخدمت كمبيد دمرت التربة المصرية والغذاء المصري وصحة المواطن"، وأشار إلى وقوع 40 ألف حالة وفاة في مصر سنوياً بسبب سرطان الكبد تمثل نسبة 10% من إجمالى أسباب الوفيات. فيما أكدت الدكتورة ابتسام سعد الدين أستاذ الأورام على أن الدراسات أثبتت أن شباباً في العشرينيات مصابون بأورام الجهاز الهضمي والقولون نتيجة تناول غذاء ملوث بمبيدات محرمة دولياً بعد أن كان هذا المرض ينتشر بين كبار السن، لافته إلى غياب الرقابة على دخول هذه الملوثات الخطيرة إلى البلاد ومؤكدة على أن إصلاح وعلاج التربة المصرية لتصبح خالية من أثر تلك الملوثات سوف يستغرق سنوات، وقالت إن الأمل فى زراعات الأراضى الجديدة التى لم تستخدم فيها المبيدات. يذكر أن المبيدات المحظور استخدامها دولياً قد فجرت أشهر قضايا الفساد فص عهد الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق وقد أعادت النيابة العامة فتح ملفها مرة أخرى خلال الأيام السابقة.