اكتشاف يقود لعلاج نهائي للمرض العلماء يحددون الجينات البشرية المقاومة لفيروس الإيدز
محيط - محمد السيد
يتسابق العلماء منذ فترة لإحراز خطوة إيجابية تمكنهم من إيجاد علاج مناسب لفيروس الإيدز الذي يأتي على رأس قائمة الأمراض التي تهدد حياة الملايين، خاصة في الدول الفقيرة التي تعاني من نقص شديد في الدواء والمستلزمات الطبية، ويصحبها انتشار جملة من الأمراض الأخرى.
ويحمل نحو 42 مليون شخص في جميع أنحاء العالم فيروس نقص المناعة لدي الإنسان والمعروف اختصارا ب HIV، ويعيش أكثر من ثلثي ذلك العدد في دول جنوب الصحراء الأفريقية.
وفي خطوة تمنح الأمل لملايين المصابين بالفيروس، توصل باحثون من جامعة ألبرتا الكندية إلى اكتشاف جينات تقاوم أشكالا معينة من الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز من المؤمل ان يقود الى اكتشاف علاج نهائي للمرض.
وأوضح الدكتور ستيفن بر الباحث في قسم علم الجراثيم والمناعة الطبية في جامعة ألبرتا أن الباحثين في الجامعة تمكنوا من تحديد الجين البشري المسمى ب "تي آر آي أم 22" الذي يمنع الجسم من الاصابة بعدوى الفيروس المسؤول عن الاصابة بمرض الايدز وذلك عن طريق منع الفيروس من التكرار.
واضاف ستيفن أنه عندما قام الباحثون بمنع الخلايا الانسانية من انتاج مادة معينة في الجسم، وجدوا أن الجسم توقف عن تنشيط النظام الدفاعي الطبيعي المقاوم لأي هجوم من قبل الفيروس بالتالي فان الخلايا لا تستطيع حمايه نفسها ضد الفيروس، وأكد أن هذا يعني ان "تي آر آي أم 22" تعتبر جزءً أساسياً من قدرتنا على مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية.
وأشار إلى أن الجينات الاخرى من أسرة الجين نفسه تفيد في مقاومة الفيروس وتمنع تكراره في المرحلة الأولى وجينا آخر من الأسرة نفسها يمنع تكرار الفيروس في مراحله المتأخرة.
ويعمل العلماء الآن على استكشاف كيف يمكن تفعيل هذا الجين في أجسام الناس الذين لا يستطيعون الدفاع عن انفسهم ضد الفيروس.
من جهة أخرى، تمكن باحثون أمريكيون مؤخرا من تطوير مرهم مصمم لحماية النساء من الإصابة بالفيروس المسبب لمرض الإيدز، ولكنه لا يمنع الإصابة، وهو ما يبعث الإمال بأنه إذا إضيفت له عقاقير أو مکونات اخرى فسيؤدي إلى نتائج أفضل.
وأوضح الباحثون أن هذا المنتج الذي يطلق عليه اسم "کراجارد" هو أول مرهم لفيروس "اتش.آي.في" يختبر في تجارب مسبقة على النساء ويظهر أنه آمن.
ومن جانبه، أوضح بيتر دونالدسون رئيس مجلس السكان الذي اشرف على التجربة، أن التجربة لم تظهر أن "کراجارد" فعال، ومع ذللك فإن تکملة هذه التجربة أمر مهم في بحوث الوقاية من فيروس "اتش.آي.في".
وبدأت التجارب على کراجارد في مارس 2004 وشملت 6202 امرأة في جنوب فريقيا، وتلقى النصف "کراجارد" وهو مرهم لا طعم له و لا رائحة وصنع من الطحالب البحرية وتلقى الآخرون مرهماً وهمياً، وتلقت کل النساء استشارات بشأن طريقة تجنب الإصابة بفيروس "اتش.آي. في" وأعطين أيضاً عوازل ذکرية، وبعد ثلاث سنوات أصيبت 134 امرأة من بين اللاتي استخدمن "کراجارد" و151 امرأة من اللاتي استخدمن مرهماً وهمياً.
وأشار جيف سبيلر وهو مستشار علمي کبير في الوکالة الأمريکية للتنمية الدولية، إلى أنه علينا الآن مضاعفة جهودنا لابتکار مبيد جراثيم يمکن للنساء استخدامه لحماية انفسهن، حيث أنه يوجد أکثر من 18 في المائة من سکان جنوب أفريقيا مصابون بفيروس الإيدز.
العلماء يعترفون بالفشل
وفي ظل زيادة عدد ضحايا الإيدز يوميا، قال البروفسور ديفيد بالتيمور، الحائز على جائزة نوبل للبيولوجيا إن العلماء لا يزالون أبعد ما يكون عن تطوير تلقيح ضد فيروس HIV المسبب لمرض الإيدز، وذلك منذ أكثر من عشرين سنة من بداية البحث في هذا المجال.
وقال العالم الأمريكي: "إنه تحد كبير، لأن التصدي لفيروس HIV من الناحية المناعية يتطلب من العلماء أن يصارعوا الطبيعة، أن ينجزوا شيئا لم تستطع الطبيعة صنعه، على الرغم من ميزة تطور يتواصل منذ أربعة مليارات سنة والتي تتمتع بها الطبيعة.. إن إخفاقنا في العثور على لقاح أمر يمكن تفهمه، لا قبوله".
وأوضح البروفيسور بالتيمور أن فيروس الإيدز قد تطور بحيث يحمي نفسه من جهاز المناعة البشري ، مؤكدا أن الفيروس نجح في تضليل جهاز المناعة البشري، وبالتالي يجب أن نصنع جهاز مناعة أفضل من ذاك الذي زودتنا به الطبيعة.
والمعروف أن جميع بحوث تطوير مضادات طبيعية أو بتعزيز جهاز المناعة البشري قد آلت إلى الإخفاق، وهذا الفشل أصاب مجموعات البحث في اللقاح ضد الإيدز بخيبة أمل كبيرة، لأنه كان بالنسبة لهم الأمل في التصدي للإيدز.
وتأخذ جهود العلماء في الوقت الراهن اتجاها آخر، هو البحث في إمكانية استخدام الجينات والخلايا الجذعية للعلاج، على الرغم من أن هذا المجال لا يزال في مراحله الأولى.
الوقاية خير من العلاج
وفي إطار الحديث عن طرق الوقاية من الإيدز، أكدت دراسة حديثة أجراها باحثون أمريكيون أن ختان الذكور ُيقلل من خطر الإصابة بمرض الإيدز في أفريقيا.
وأجري الباحث روبرت بايلي و فريق البحث التابع له في جامعة إلينوي بشيكاغو فحوصات طبية علي 2784 شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين 18 24 سنة لم يخضعوا لعملية ختان أو يصابوا بفيروس "أتش أي في" المسبب لمرض الإيدز.
وأجري فريق البحث عمليات ختانٍ بشكل عشوائي لنصف هؤلاء وترك النصف الآخر من دون ختان، حيث قام بمراقبتهم لحوالي عامين في منطقة كيسيمو بكينيا.
وخلص الباحثون إلى أن المجموعة التي خضعت لعمليات ختان أصيبت ببعض النزيف والالتهابات البسيطة والتي تمت معالجتها من دون مشاكل تذكر، مشيرين إلي أنه خلال هذه الفترة قدمت إلي المرضي علاجات لمكافحة الالتهابات الجنسية وزودوا بالواقي الذكري وعقدت حلقات لتحذيرهم من مخاطر الإصابة بالإيدز، وتبين بعد انقضاء السنتين أن نسبة الإصابة بالإيدز بين الشبان الذين خضعوا لعملية الختان كانت 22% مقارنة ب 47% لنظرائهم الذين لم يتم ختانهم.
وقال بايلي "لدينا الآن أدلة قوية تؤكد بأن إجراء عملية جراحية بسيطة كالختان يمكن أن يكون لها فائدة كبيرة جداً في منع الإصابة بالإيدز.
كما أفاد باحثون بريطانيون بأن الرضاعة من الثدي، يمكن أن تخفض بشكل كبير خطر انتقال فيروس "أتش أي في" المسبب لمرض الإيدز من الأمهات إلي الاطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر.
ومن خلال الدراسة التي أجراها الباحثون، اتضح أن خطر انتقال عدوي الفيروس إلي الأطفال ما بين 6 أسابيع و6 أشهر الذين يرضعون من الثدي لا تتجاوز أربعة في المائة، مقارنة بثمانية في المائة لنظرائهم الذين يشربون حليب الاطفال الصناعي.
وأوضحت الدراسة أن الرضع الذين يعطون مأكولات خاصة بالأطفال خلال تلك الفترة معرضون للإصابة بالفيروس 11 مرة أكثر مقارنة بغيرهم.
وأشار الباحث هوسين كوفاديا من المركز الأفريقي للصحة والدراسات السكانية، إلى أن حليب الأم يقوي الغشاء المخاطي للأمعاء ويشكل عازلاً فعالاً ضد انتقال فيروس "أتش أي في".