عاشق القاهرة القديمة, والمحافظ على تراثها, اتخذ "نغمات على ضفاف النيل" عنوانا لمعرضه الجديد الذي أقامه بالمركز المصري للتعاون الثقافي الدولي, الفنان التشكيلي المصري سيد البيباني الذي يصر على ارتياد المناطق المصرية الأصيلة منذ بدايته. محيط - رهام محمود بدأ الفنان مشواره الفني عقب تخرجه من كلية الفنون الجميلة عام 1979, أقام أول معرض خاص عام 1988, وتوالت بعدها معارضه التي يصل عددها ثلاثون معرضا, بجانب مشاركاته في معظم المعارض الجماعية منذ تخرجه حتى الآن. شغله المنظر الطبيعي الذي بدأ نشاطه الفني من خلاله, فهو فنان أحب المنظر بصفه عامة والمشهد المصري بصفة خاصة, وهذا بحكم نشأته في الأحياء الشعبية التي تناولها في بداية أعماله, والتي توسعت رؤيته بعدها لتتناول الأماكن المختلفة كالمناطق الريفية والساحلية والبحر والمراكب من خلال تنقله وزيارته لمختلف المدن المصرية. ضم المعرض سبعة وأربعون لوحة, متنوعة الخامات حيث استخدم الفنان الألوان الزيتية, والباستيل, والجواش, وهم حصيلة ثلاثة سنوات متتالية. ذهب الفنان إلى المنصورة كمكان ريفي لكي ينتقي منه مشاهدة التي يرسمها, كما تناول في لوحاته المناطق الساحلية لرأس البر ورشيد ورسم منها المراكب التي ترسو على ضفاف النيل, وسجل انطباعاته عن التراث المصري القديم بالأقصر, فرسم الأماكن الأثرية كوادي الملوك والقرنة القديمة. تنوعت مجموعاته اللونية في أعماله تبعا لطبيعة المكان والزمان الذي سجل فيه الفنان مشهده, فمثلا لوحة الصيادين كانت في الغروب, فظهرت ألوانها هادئة مائلة للبرودة, أما اللون في وادي الملوك بالأقصر كان شديد السخونة يتناسب مع طبيعة الطقس الحار هناك. تميزت أعماله بانفرادها بالشخصية المصرية, وهذا من خلال تسجيله للبيئة الشعبية والريفية, والصيادين, والأسواق, ووادي النيل والعشش والمراكب. لعبت الإضاءة دور البطولة في أعماله, حيث كان لها دورا كبيرا في إضفاء جو البيئة المصرية الساخنة على الأعمال, كما أنها جسدت حرارة الشمس الساطعة طول العام وخدمت العنصر التشكيلي حيث ظهرت اللوحة ذات تكوين تشكيلي محكم. صور أسواق الخضار المصرية, وأهتم بالتعبير حيث أننا نستشف الحوارات التي يجريها التاجر مع المشتري, كما أهتم بإظهار تفاصيل جدران المباني الأثرية, ونراه عبر عن الشقاء في لوحة الرجل الذي يسير حاملا أجولة القطن فوق ظهره تكاد تخفي وجهه من تكدثها, بينما نشاهد النخيل ينعكس ظلالها فوق مياه النيل لتشعرنا بواقعية المنظر, أما الجبال فقد صور تفاصيلها ونتوءاتها وخشونتها التي تكاد تلين من حرارة الشمس التي تتساقط عليها. بينما نشاهد جمال الريف وأرضه الخضراء في لوحاته الريفية, التي تسير بها الفلاحة في خشوع حاملة أغراضها فوق رأسها, فيحين يحتضن النيل مراكبه التي تمتد أشرعتها لأعلى اللوحة. لا يوجد بأعماله تكوينات رمزية, بل ظهرت جميعها واقعية, واضحة, مفهومة, صادقة, تكاد تجذبنا داخل إطار اللوحة لنتفاعل مع أشخاصها نسمع أصواتهم ونسير بجانبهم. يقول الفنان "أنا أحب المنظر الطبيعي, وهو خطي الأساسي ولا أستطيع أن أتجه اتجاهات أخرى, كما أن المشهد شيء مفهوم وأنا أحب الوضوح لا الغموض باستثناء حالة رمزية اللون, فعلى سبيل المثال اللون الأخضر يعبر عن الخضرة ويعطي رمزية لخصوبة الأرض الزراعية. في الخطوة القادمة سأتناول المنظر, ولكن في موضوعات جديدة, فالمنظر محبوب من الجمهور الذي أرى رد فعله الجميل عند رؤية أعمالي. أضاف: أنا ابحث في البيئة المصرية عموما, واكتشف المناطق المجهولة والتي تبدأ في الاندثار والتي أصبحت أيضا ليس لها وجود".