محيط: أوضح الدكتور ياسين ناصر الخطيب استاذ الدراسات العليا بجامعة ام القرى ان الهجمة على الإسلام وركائزه ودعائمه ليست وليدة اليوم بل هي موجودة منذ وجد الإسلام، مشيرا في هذا الصدد الى ما قاله المفكر الإسلامي المصري جمال البنا، تحت عنوان (الإمام البخاري ليس ملاكا) ومن خلال مقاله يدعو إلى تنقية كتب السنة من بعض أحاديث البخاري، مثنيًا في الوقت ذاته على البخاري، واصفا إياه بالورع والتقى، ثم استشهد البنا بما قاله الشيخ عبد المنعم وزير الأوقاف المصري السابق أو الشيخ محمد الغزالي السقا. وقال الدكتور الخطيب: إن العلم يؤخذ عن العلماء لا عن المفكرين؛ لأن هؤلاء يقولون بفكرهم لا عن علم، وفرق بين عالم يتكلم عن علم، وبين مفكر يفكر بما يمليه عليه عقله، ويتبع فيه ما يميله عليه هواه، يقول الله تعالى (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم، وان كثيرًا من الناس لفاسقون، أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون) المائدة 49-50. فهذا هو الله العليم الحكيم يحذرنا من أن نتبع أهواء هؤلاء حتى لا نضل ونخزى، وهناك نغمة قديمة جديدة تريد هدم الإسلام مع بقاء المدح والتبجيل لمن تريد أن تهدم أقواله بمعاول لا أساس لها من اليقين والتحقيق. ومضى الدكتور الخطيب يقول: أنا أقول لهذا المفكر: إن العلماء الكبار في الحديث قد قالوا كلمتهم في الإمام البخاري، وفي كتابه؛ لكن ما دمت قلت عن الإمام البخاري إنه ورع وتقي، وانه سخر جهده ووقته لاستخلاص الأحاديث؛ فهذا يقتضي منا أن نرجع إلى أقواله عن كتابه؛ لأن الورع التقي لا يدع الكذب على الناس، ويكذب على الله تعالى، أو على نبيه صلى الله عليه وسلم. ففي مقدمة فتح الباري يقول ابن حجر -رحمه الله تعالى- في ج1ص5-9. قال البخاري: ما كتبت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين. وقال أبو على الغساني: روى عنه أنه -أي الإمام البخاري- قال: (خرَّجت الصحيح من ستمائة ألف حديث). وروى الإسماعيلي عنه قال: (لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحًا، وما تركت من الصحيح أكثر) قال الإسماعيلي: لأنه لو أخرج كل صحيح عنده لجمع في الباب الواحد حديث جماعة من الصحابة، ولذكر طريق كل واحد منهم إذا صحت؛ فيصير كتابا كبيرًا جدًا، وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت الحسن بن الحسين البزار يقول: سمعت إبراهيم بن معقل النسفي يقول: سمعت البخاري يقول: (ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول). وقال أبو جعفر محمود بن عمرو العقيلي: لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلى بن المديني وغيرهم فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة. فهذا كلام البخاري الورع التقي الذي سخر جهده ووقته لاستخلاص الأحاديث، هذا كلامه عن كتابه؛ فمن نصدق الورع التقي أو المفكر.. وأما عن قول البنا، قول عمن سبقه إن الطريقة المنهجية المثلى للبت في هذه القضية ومعالجتها؛ تتمثل في العرض على القرآن الكريم. إلى آخر ما رآه وفكر به يقول الخطيب. أقول من الذي يحق له أن يضع طريقة منهجية لمعرفة الأحاديث؛ هل هم أصحاب الحديث أصحاب الصنعة؛ أم المفكرون الذين ليس لهم قدم صدق في مثل هذه الأمور؟! ثم إن هذه الفرية الجديدة المتمثلة في قولهم العرض على كتاب الله تعالى؛ إنها كلمة حق أريد بها تمييع الشريعة الإسلامية والقضاء عليها، لأنهم يعلمون أن القرآن الكريم ليس فيه كم عدد الصلوات، ولا كم يؤخذ من الزكاة، ولا بيان كثير من أحكام الحج، ولا البيوع، وهم يعلمون أن الناس لو انقادوا معهم وأخذوا بأفكارهم؛ فسيكون الإسلام كالأديان الأخرى ليس فيه تفصيل ولا بيان، وهم يعلمون أن السنة ما جاءت إلا لتبين للناس كتاب الله تعالى، قال الله تعالى (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) النحل 44. واكد الدكتور الخطيب، بحسب جريدة "المدينة" السعودية، أن هذه الدعوى تشبه إلى حد بعيد دعوى المبتدعة الذين يكفرون الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- أو يكفرون أبا هريرة -رضي الله عنه- وهم يعلمون أن لا ناقة لهم مع أبي هريرة ولا جمل، ولكنهم يعلمون أيضًا أن في تكفير أبي هريرة وفي تكفير الصحابة الكرام؛ تركا لكل ما نقلوه لنا من الأحاديث النبوية الشريفة، وكذا في افترائهم على عائشة الصديقة -رضي الله عنها- ما ذلك إلا ليترك الناس ما جاءت به من الأحاديث، وليبقى الدين بعد ذلك ألعوبة بأيديهم؛ لكن الله تعالى حافظ دينه، ومعز شرعه، ومظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.