تنطلق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الخميس المقبل في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري الذي قضى نحبه في انفجار شاحنة صغيرة مفخخة في أحد شوارع بيروت في 14 فبراير 2005، فيما اصطلح على قضية "عياش وآخرون" وفقا لما أطلقته المحكمة الدولية على هذه القضية. وتعقد المحكمة وسط انقسام سياسي لبناني فاقمته المحكمة ، حيث تنظر قوى 14 آذار للمحكمة باهتمام شديد ، وهناك أنباء عن اجتماع حضور رئيس تيار المستقبل سعد الحريري للجلسة الأولى للمحكمة، فإن رد فعل قوى 8 آذار يتراوح بين التجاهل والانتقاد حيث يهاجم بعض المحسوبين عليها المحكمة بشدة ويتحدث عن اختراق إسرائيلي أمريكي لها ، ولاسيما أن المحكمة تحاكم غيابيا 5 من أعضاء حزب الله. وذكرت وكالة أنباء "الشرق الأوسط" أن المدعي العام للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان نورمان فاريل اعتبر أن اتهام 5 أشخاص أعضاء في "حزب الله" في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري لا يعني أن الحزب متهم.. رافضا الاعتماد على الاستنتاج في هذا الشأن. وحدد المتحدث باسم المحكمة مارتن يوسف في سلسلة مؤتمرات صحفية ومقابلات مع وسائل الإعلام اللبنانية في الأيام الأخيرة مسار الجلسات الأولى التي تتضمن سماع مطالعة المدعي العام الدولي ومداخلات وكلاء الدفاع عن المتهمين على أن يتم الاستماع تباعا إلى 103 شهود وتلاوة شهادات خطية ل 76 شاهدا إضافة إلى شهادات 23 خبيرا وعدد منها كان أدلي بها خطيا. وكانت غرفة الدرجة الأولى قد عقدت جلسة تحضيرية علنية هي الثالثة لها مؤخرا برئاسة رئيس الغرفة ديفيد راي وبحضور فريق الادعاء وفريق الدفاع إلى جانب الممثلين القانونيين عن المتضررين لدراسة تفاصيل سير أعمال المحاكمة وإجراءاتها وتحديد إمكان الإدلاء بالشهادة بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة وعرض الأدلة واستدعاء الشهود والتواصل معهم وآلية مشاركة المتضررين. ولفت الادعاء إلى أن افتتاحيته لجلسات المحاكمة في 16 الجاري قد تستمر ليوم ونصف اليوم أي أنها تنتهي بعد ظهر يوم الجمعة، فيما أفادت المحكمة بأنها ستعطي الوقت الكافي للمداخلات الافتتاحية، كما أمنت أموالا للمتضررين الحاضرين للجلسات كي يبقوا في هولندا الوقت الكافي ليدلوا بمداخلاتهم. وسيمثل 8 شهود أمام المحكمة في الأسبوعين الأخيرين من الشهر الحالي7 منهم سيحضرون شخصيا وواحد سيدلي بشهادته عبر تقنية المؤتمرات المتلفزة وقد قبلت المحكمة بذلك، كما قبلت المحكمة بشهادة شاهدة عن الانفجار أدلت بها أمام لجنة التحقيق بعدما تخلفت عن الحضور إلى المحكمة بداعي الخوف. وتم نقاش عن كيفية تحضير الشهود وطلب الدفاع أن تكون عملية التحضير مسجلة بالصوت والصورة ولكن المحكمة لم تتخذ قرارا بعد في هذه المسألة. وكشفت مصادر قضائية لبنانية أنه للمرة الأولى ستأخذ المحكمة بشهادات وصلت إليها عبر الرسائل القصيرة "اس ام اس" وذلك بعد التأكد من صدقيتها وهوية مرسلها وجدية مضمونها، مشيرة إلى أن التقنية ستفتح الباب أمام كل من لديه معلومات لإرسالها إلى المحكمة بهذه الطريقة وذلك عملا بقواعد الإجراءات والإثبات التي اعتمدتها المحكمة والتي تفتح المجال أمام اعتماد كل الوسائل لإثبات الأدلة أو نفيها. ويأتي الإعلان عن بدء المحاكمات الغيابية بمثابة تأكيد استمرار عمل المحكمة وبعد التأكد من أن السلطات اللبنانية قامت بكل ما يلزم من أجل تبليغ المتهمين مذكرات التوقيف بحقهم وأنه لم يعد بمقدورها القيام بالمزيد. وينص النظام الأساسي للمحكمة على قيام المحاكمات الغيابية في حال فرار المتهم أو عدم العثور عليه وللتأكيد أكثر على هذا المسار عمد مكتب الدفاع في المحكمة إلى تعيين 8 محامين دائمين للمتهمين الأربعة في قضية اغتيال الحريري وستكون مهمتهم الدفاع عن حقوق المتهمين بدون التواصل معهم. والمحامون هم اللبناني أنطوان قرقماز محاميا رئيسيا لمصطفى بدر الدين ويعاونه البريطاني جون آر دبليو دي جونز والكندي يوجين أوسوليفن محاميا رئيسيا لسليم عياش ويعاونه اللبناني إميل عون والفرنسي فينسان كورسيل لابروس محاميا رئيسيا لحسين عنيسي ويعاونه المصري ياسر حسن والبريطاني دايفيد يونج محاميا رئيسيا لأسد صبرا ويعاونه السويسري جويناييل ميترو. وعرفت المحكمة الخاصة بلبنان منذ نشأتها بأنها محكمة ذات طابع دولي ويقع مقرها الرئيسي في إحدى ضواحي لاهاي في هولندا ولها أيضا مكتب في بيروت وهدفها الرئيسي محاكمة الأشخاص المتهمين بتنفيذ اعتداء 14 فبراير 2005 الذي أدى إلى مقتل رفيق الحريري إضافة إلى 23 آخرين وإلى جرح عدد من الأشخاص. وأنشئت المحكمة بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأممالمتحدة وعندما رفض لبنان التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الأممالمتحدة نتيجة للخلاف السياسي بين الفرقاء السياسيين عمدت الأممالمتحدة إلى إقراره تحت الرقم 1757 عبر مجلس الأمن الدولي. وكانت المحكمة قد بدأت عملها في الأول من مارس 2009 وهي هيئة قضائية مستقلة تضم قضاة لبنانيين ودوليين وليست محكمة تابعة للأمم المتحدة ولا جزءا من النظام القضائي اللبناني غير أنها تحاكم الناس بموجب قانون العقوبات اللبناني وتعتبر المحكمة الأولى من نوعها في تناول الإرهاب بوصفه جريمة قائمة بذاتها وتشكل المساهمات الطوعية 51 في المئة من تمويلها ويساهم لبنان بنسبة 49 في المائة. كما يشمل اختصاص المحكمة أيضا اعتداءات أخرى وقعت في لبنان بين 1 اكتوبر 2004 و12 ديسمبر 2005 إذا تبين أنها مرتبطة بأحداث 14 فبراير ومماثلة لها من حيث طبيعتها وخطورتها كما أن ولاية المحكمة تجيز لها أيضا ممارسة الاختصاص على جرائم ارتكبت في أي تاريخ لاحق ويقرر ذلك الطرفان بموافقة مجلس الأمن إذا كانت هذه الجرائم مرتبطة باعتداء 14 فبراير 2005. يشار إلى أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الخاصة بلبنان هما منظمتان منفصلتان وقد انتهت ولاية اللجنة في 28 فبراير 2009 ونقل اختصاصها إلى المحكمة الخاصة بلبنان وسلمت المعلومات التي جمعتها اللجنة إلى المدعي العام الدولي.