الغربة في رواياتي حنين و شجن وألم ووجع على النقاد أن يهتموا بالأشكال الأدبية المعاصرة تجربتي "السيد مر من هنا" ليست تاريخ بالمعنى الحرفي مشروعي القادم مئة قصة وقصة قصيرة أحلم بمجلة "تكوين" الثقافية لأضع فيها أحلامي وخبراتي يميل إلى الغربة، والحنين، والدهشة والألم.. يكتب ما يشعر يحمل بين جنبيه العالم العربي من المحيط إلى الخليج، يعتبر مصر وخاصة الإسكندرية موطنه الثاني، فبين حل وترحال يكون هو. إنه الأديب العماني الشاب محمد الرحبي، عمل الرحبي خبير إعلامي لمكتب وزير ديوان البلاط السلطاني العماني، ومدير تحرير جريدة عمان الرسمية، إلا انه ترك العمل الحكومي وتفرغ للعمل الأدبي والفكري، ويتفرغ لعمل كمراسل لصحيفة الحياة اللندنية وبعض الصحف العمانية المحلية. التقت شبكة الإعلام العربية "محيط" محمد الرحبي مؤخرا وأجرت معه هذا اللقاء: لماذا ظهر نوع "القصة القصيرة جدا " في الآونة الأخيرة ؟ أعتقد أنها من ضمن اكتشافات الكاتب العربي لضمن هذه الأشكال الأدبية التي من المؤكد انه يحتاج إلى زمن ليستطيع المتلقي العربي استيعابها ، لان تطورات العصر تفرض نفسها، المشاهد متسارعة جدا، صارت السرعة وضيق الزمن، كل شيء صار مختزل داخل الإنسان . هناك ضرورات لكل مرحلة كتاب القصة القصيرة أصبحوا بين اتجاهين متباعدين، الكل يريد لأن يتحول من الرواية إلى القصة القصيرة جدا، البعض من الأدباء يريد أن يعمل على الرواية باعتبارها النفس الأطول، ولكن على العموم هناك بعض الأفكار تفرض نفسها على الكاتب. هل يتلقي المبدع العربي باهتمام هذا النوع من الشكل الأدبي " القصة القصيرة جدا "؟ ليس هناك مقاييس واضحة أو معايير محددة لنعرف مدى اهتمام المتلقي العربي بمثل هذا النوع من الفن، وهل له تأثر في مثل هذه النوعية من الأدب، وهل المستمع أو القارئ أو المتلقي يدفع الكاتب إلى الأمام. لكن أتوقع أنه سيكون في المستقبل اهتمام بهذا الشكل الأدبي لأن هناك أكثر من عامل تدفعه للأمام، من ضمنها مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" و "تويتر" والشبكات الاجتماعية الأخرى. مثل هذه النوعية من الوسائط تحتاج أشياء قصيرة جدا لتعبر عن الأفكار والأحداث في يوميتنا العادية، لم يعد الكاتب والأديب فقط هو الذي يحدد ما يكتب.. فهناك كم هائل من كتاب القصة القصيرة يكتبون بتأثير ودافع من المتلقي وهذه الوسائط. هل يهتم النقاد بالقصة القصيرة جدا؟ عليهم أن يهتموا لأنها تعكس مرحلة مهمة في تاريخ الأدب.. في العالم العربي لا يمكن صياغة مشهد ثقافي أدبي خارج الأطر المقدمة من القصة والرواية والقصة القصيرة جدا، وربما هي من اكتشافات العصر في هذا التوقيت المهم المفروضة على الجميع. وليس للناقد أن يختار ما عليه أن يكتب وينقد، وما دام الأدباء والكتاب يكتتبون مثل هذه النوعية، فيجب أن يهتم بها النقاد، لأنه يقدم اللقطة والدهشة السريعة. القصة القصيرة هي فن الالتقاط، كيف تحول القصة القصيرة إلى بضعة أسطر وتصنع الدهشة في قلب المتلقي قبل عقلة وأذنيه، وتعتمد على المفارقة والاشتغال على شيء مختلف على ما درج عليه الكاتب العادي، ولا يكون الاختزال مجرد وصف صورة سريعة. هل تميل للكتابة الرواية التاريخية أم الشكل الروائي المتعارف عليه ؟ أنا أميل إلى التجربتين، رواياتي الأربع في كل واحدة تجربة معينة، في التاريخ كانت تجربة "السيد مر من هنا" وقصدت الاستفادة من التاريخ العماني والمفارقات التي حدث مع السيد سعيد بن سلطان اشتغلت فيها عن الحارة والأساطير التي كانت موجودة هي ليست تاريخ بالمعني الحرفي. أعمالك تعكس حالة من الغربية كما جاء في مجموعة "بوابات المدينة " او "الريح " او " أغشية الرمل" لماذا تشعرنا بالغربية في هذه الأعمال ؟ هي غربة الإنسان داخل الوطن، تشعر وانك منفي وأنت داخل ذاتك، فكرة الغربة من القرية إلى المدينة، غادرتنا أنفسنا، أحيانا نتلبس أشخاص وذوات خارج أنفسنا، و نحن مع مرور الوقت نغادر طفولتنا باعتباره الوطن الآمن نفاجئ بأن أعمارنا تغادرنا، كل ذلك قبل أن تتمدد أعمارنا ونذهب إلى الخارج.. نبحث عن الوطن الآمن ونذهب إلى ما هو أوسع من ذاتنا، الغربة حنين شجن ألم وجع . الإنسان الذي لا يستطيع ن يجاري ما يعيش يتقزم أمام كل هذه المتغيرات الحياتية يغرد بعيد عن السرب حتى يعود إلى غرفته ويصبح وحيد فريد فيفكر في حالة. كنت في منصب مرموق في الحكومة العمانية ما الذي حدث، ولماذا تركتك السلطة؟ لم كن في منصب مرموق. أنت كنت تعمل خبير إعلامي لمكتب وزير ديوان في البلاط السلطاني العماني؟ نعم أليس هذا منصبا مرموقا؟ نعم ولكني لست وزيرا ولا رئيس وزراء. لماذا تم إقصاءك من هذا المنصب ؟ أنا الذي طلبت إعفائي من المنصب. هل بسبب رواية " الخشت " ؟ لا هي منعت طبعتها في سلطنة عمان، أما روايتي الأول منعت من طبعتها وليس نشرها لأنها تطرقت لموضوع سياسي في وقت مبكر جدا عام 1994وعرضت موضوع اعتقالات السلطة للمعارضين. ما الذي عرضته في هذه الرواية ؟ تحدثت عن شخص إسلامي التقى مجموعة من الشباب في مصر، وكان يدرس في كلية طب الإسكندرية، كان شخصا عادي ووجد نفسه في اتهام بأنه إرهابي متطرف مثل شخصية "فيلم الإرهاب والكباب". عندما رجع إلى عمان بداء يسمع عن اعتقالات في السلطنة لبعض أصدقائه وأكتشف أن اسمه لمجرد انه يعرفهم في هذا التنظيم السري، عاش بطل الرواية هذه المرحلة بكل عذابها وصرعتها، وحاول الخروج بأقل الخسائر الممكنة. بطل الرواية كان شخصية عادية وليست متطرفة، كان يعشق فتاة، وكان هناك فوارق معينة تعوق الارتباط، تلعب دورا في حياته بعد ذلك عندما تأتي لحظة لحمة الجسد. السلطة عادة لا تميل إلى أن تظهر أشخاص تعدهم متطرفين على أنهم مجني عليهم ؟ كتاباتي في عمان دائما ما يعتبرها البعض مع السلطة، وآخرين يعتبرونها ضد السلطة، لذلك لا أميل إلا أن أكون إلا نفسي وفقط. كنت مدير تحرير جريدة عمان الرسمية وتم استبعادك ؟ أنا الذي اخترت أن ابتعد عن جميع المناصب الرسمية كما قلت، دعني أقول لك.. أنا أحب العمل الحر، وكانت خطتي أن ابقي في العمل الحكومي اثني عشر عاما فقط ثم أنتقل إلى العمل الحر. هل هي حرية الأديب فيك ؟ أنا أحب السفر والغربة. هل يتوافق ذلك مع الزواج والأسرة و الاستقرار ؟ عائلتي يقدرونني ويحترمون اختياراتي جدا.. وقد وفرت لهم حياة كريمة والحمد الله. كيف توفق بين عملك في الصحافة العمانية وعملك مراسل في الحياة اللندنية؟ طبيعة العمل الصحفي هكذا، عندما تتعامل مع خبر في الصحافة العمانية تستطيع أن تحوله إلى الصحافة العالمية فهي ليست مشكلة في الواقع. هل يحدث عليك تضيق ؟ تم استدعائي أكثر من مرة ولكن استدعاء توجهي. من قبل الأمن ؟ لا من قبل وزارة الإعلام العمانية. ما هو أخطر خبر كتبته في جريدة الحياة؟ أخطر خبر كتبة عام2004وكان هناك اعتقالات لعدد من الإسلاميين في السلطنة، ونشر على نطاق واسع، وتم استدعائي وتحويلي للتحقيق وتوقيفي عن العمل لمدة ثلاث أسابيع. وقالوا لي انك كتبت عن قضية خطيرة وكانت هناك اعتقالات بالمئات، وكان بها قيادات مهمة وفاعلة في المجتمع العماني, وكان رأي الجهات الإعلامية التي استدعتني أن هناك التباس فيما كتبته وهو ما قاله الشارع العماني وليس الجهات الرسمية، لأنني قلت في الخبر يتناقل الشارع العماني. كانت هذه الملاحظة الرئيسية على الخبر ولو رجعت للمصادر الأصلية سوف يقولون لي لا تنشر. لم يوقعوا علي أي عقوبة، ولكن تم لفت نظري بعدم مخالفة القانون، وهذا شيء طبيعي في مثل هذه الحالات. تشاؤل عمود صحفي في الصحافة العربية ما الذي تقول فيه؟ أتناول طبيعة المجتمع العماني والعربي وما يدار في الحياة السياسية. ما رأيك في الحالة المصرية؟ حالة معقدة جدا، هناك غيوم على مستوى الرؤية، أصبح الإنسان لا يعرف أين الحقيقة، هذه العقدة لا نستطيع أن نقرأها الآن إلا بعد فترة. صناعة الأحداث السياسية هي صناعة الوعي العربي هناك غياب للوعي الآن، هناك حالة من الضبابية الرهيبة والمستمرة سواء عند التيارات الإسلامية أو الليبرالية.. كلها تعيش مرحلة من المراهقة السياسية، نتيجة تعلم لغة الديمقراطية، باعتبار أن رأس الحاكم الذي كان سابقا ذهب. علمنا انك تعد مشروعا أدبيا كبير بعنوان مئة حكاية وحكاية يعني 101 قصة؟ بعد أن أنجزت روايتي الرابعة كان أمامي قصص قصيرة جدا شدتني كثيرا، وفكرت في كتابتها وهي قصص معاصرة وحديثة حكايات الإنسان العادي البسيط. بها معاني قديمة فلسفية فمثلا عندما يجري الرجل يجري ظله وراءه لكن عندما يستدار يقف ظله وعندما يبتعد قليلا يقف ظله أمامه، وهنا المقاربة أو المقارنة. ولو أسقطنا ذلك مثلا على الخوف عندما يجري، الشخص منه يجري الخوف وراءه وعندما يقف وينظر إليه يخاف منه، وهنا تظهر المعضلة.. نحن قادرين على أن نطارد الخوف، من المكن أن انتهي من المجموعة على آخر 2013. وماذا عن مشروعاتك الفكرية الأخرى؟ استعد لإصدار مجلة " تكوين " الثقافية والأوراق في وزارة الأعلام لأخذ الترخيص وإن شاء الله تصدر قريباً، أنا متفائل بهذه المجلة جدا، وسوف أضع فيها خبرتي الصحفية وجميع إمكانياتي للقارئ العماني والأسرة العربية، وأيضا للجاليات العربية والآسيوية هناك عشرات الأسر العربية، والغير عربية في السلطنة.. هناك مليون ونصف من الجاليات وخاصة الجاليات الآسيوية.