أفرد الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" مقالا مطولا بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن مباحثات النووي الإيراني التي تصدرت اهتمام الرأي العالمي خلال الأسبوع الماضي. وسلط الكاتب الضوء على الانتصار الذي شعرت به إيران في الصراع المتنامي مع دول السنة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن هذا النصر انعكس إيجابيا على وضع "بشار الأسد" في سوريا، بعد أن كانت الأمور قد بدأت في الخروج عن سيطرته، ولكن بعد محادثات "جنيف"، جاءت النتائج بمثابة انتصار إيرانى داعم للدول الشيعية فى مقابل السنية. وأشار الكاتب، فى مقاله، إلى غضب دول مثل السعودية وقطر وإسرائيل، حيث كان لدى كل دولة منهم "أمالا خفية" في أن تنتهي هذه المحادثات دون نصر يذكر لصالح إيران. ولفت "فيسك" إلى خوف إسرائيل من أن يتم عزل أو تجاهل مطالبها فيما يتعلق بمسألة النووي، مشيرا إلى أن النتائج التي توصلت إليها المحادثات التي جمعت إيران في مقابل ستة من أكبر القوى السياسية المتحكمة في العالم يثبت أن الغرب ليس لديه نية في خوض حرب مع إيران كما أن ليس لديه نية لهذا الأمر في المستقبل البعيد. وأكد الكاتب البريطاني أن الغرب أثبت أيضا عدم نيته في القيام بأي أعمال عسكرية في المنطقة، الأمر الذي أكدته دول مثل بريطانيا وفرنسا بعد أن أقرت "الأسد" كواحد من أكثر زعماء المنطقة دموية، إلا أنهم لم يذكروا أي خطط للإطاحة به أو شن حرب ضده. وعلى صعيد آخر، وصف "فيسك" العرض الإيراني بالتفاوض على أنه مفاجيء، معتقدا أن هذا العرض لم يكن بناء على كرم الجانب الإيراني لكنه جاء لأن طهران كانت مرعوبة من أن تقوم الولاياتالمتحدة بمساعدة الإتحاد الأوروبي بشن حرب عليها. وقال فيسك إن مباحثات جنيف جعلت من رئيس الوزراء الإسرائيلي زعيما مخدوعا، لكن نتائج المباحثات أغفلت شيئا في غاية الأهمية – حسبما قول الكاتب – هو أن نتنياهو أراد سحق إيران لتكون إسرائيل هي الأمة النووية الوحيدة في المنطقة، دون تردد أو استئذان، وأكد الكاتب أن الولاياتالمتحدة لم تكن لتقف في طريقه إذا أراد ذلك. وتساءل فيسك عن الأسباب الخفية التي جعلت نتنياهو يرضخ لنتائج المباحثات السلمية، دون أن يتخذ أي رد فعل عسكري، حيث رأى أن الضغط الذي مارسه اللوبي الإسرائيلي عليه لرفض المباحثات كان قويا كفاية لدرجة تجعله يتخذ إجراءات عسكرية، مؤكدا أن الاحتمال الذي يقول بأن نتنياهو قد أقتنع بأن طهران سوف تفكك مشروعها النووي، ليس بالاحتمال المنطقي. وفي هذا السياق أشار الكاتب إلى ما قاله نتنياهو أمس أثناء المباحثات ليؤكد أن النوايا السلمية لم تكن تنبع من داخل رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث قال :"إن أكثر أنظمة العالم خطورة تسعى بخطوات إيجابية للحصول على أكثر أنواع الأسلحة خطورة في العالم". وفي الختام، قال فيسك إن تصريحات نتنياهو التي تتناقض مع موقفه تدفع العالم بما في ذلك العالم الغربي أن يتساءل، ما إذا كانت إسرائيل التي حصلت بالفعل قبل ذلك على أكثر أنواع الأسلحة خطورة ، ترفض بشكل خفي مباحثات جنيف.