هيمنت تفاصيل التفجيرين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت أمس، وتداعياتهما على اهتمامات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم. ونقلت صحيفة "السفير" اللبنانية عن مصادر أمنية مطلعة قولها أن ما يتردد في شأن استخدام دراجة نارية في التفجير الأول الذي استهدف السفارة الإيرانية أمس "ليس دقيقاً"، مشيراً إلى أن الانتحاريين كانا في سيارة واحدة رباعية الدفع، فترجل منها الانتحاري الأول وتوجه إلى مدخل السفارة سيراً على القدمين ثم فجر نفسه، بينما كان الانتحاري الثاني يقود السيارة منتظراً سماع صوت التفجير. ووفقا للراوية التي أوردتها الصحيفة فإنه بعد مرور نحو 4 دقائق على الانفجار الأول "العاشرة إلا الثلث صباحا بتوقيت بيروت" أمام بوابة السفارة، وصل سائق السيارة، أي الانتحاري الثاني، إلى الشارع الأساسي، لكنه فوجئ بأمرين اثنين: أولاً، وجود شاحنة صغيرة كانت محملة ببراميل مياه توقف سائقها فجأة في وسط الطريق عند الانفجار الأول، على بعد أمتار قليلة عن المدخل الذي كانت تقضي الخطة بأن يقتحمه الانتحاري الثاني ليفجّر السيارة في باحة السفارة. وقالت الصحيفة إن الأمر الثاني والأساسي الذي حال دون تقدّم السائق الانتحاري، ، فتجلّى بهجوم مسلّح نفذه المسئول الأمني في السفارة رضوان فارس "لبناني"، المعروف ب"الحاج رضا"، إذ خرج وخمسة من أفراد أمن السفارة بعد الانفجار الأول للاطلاع على ما حدث، ثم انتبه "الحاج رضا" إلى أن السيارة تحاول الهجوم فشهر سلاحه وأطلق الرصاص على السائق. ووفقا لمعلومات الصحيفة فإن هجوم فارس أرغم الانتحاري على تفجير نفسه داخل السيارة، بالقرب من مبنى يقطنه إيرانيون ومن بينهم المستشار الثقافي في السفارة إبراهيم الأنصاري. ويقول مصدر أمني رسمي أن الأجهزة المعنية عثرت على هوية شخص سوري في مكان الانفجار، تبين أنها مزورة ويقطن صاحبها في صبرا، مشيراً إلى أن السيارة التي انفجرت أمس يرجّح أنها كانت بحوزة شخص لبناني استأجرها ثم باعها إلى أحد تجار السيارات المسروقة في بريتال بشرق لبنان. وكشف مصدر أمني ل"السفير" عن ورود معلومات شبه موثّقة للأجهزة الأمنية الرسمية، سبقت تفجيري الأمس في محيط السفارة الإيرانية بأيام قليلة، مفادها أن السعودي المنضوي في «كتائب عبدالله عزام» أحمد السويدي يحضّر لعمل إرهابي يستهدف مقراً دبلوماسياً مواليا للنظام السوري في لبنان. وأكد المصدر أن المعلومة تقاطعت مع معلومات من مخبرين وأجهزة أمنية أجنبية، تحذر من خطة يشرف عليها القيادي البارز في «كتائب عبدالله عزام» السعودي ماجد الماجد، بالتنسيق مع السويدي، تهدف إلى الضغط على «حزب الله» لسحب مقاتليه من سوريا. . لكن التقارير الأمنية تضاربت حينها في شأن طريقة التفجير. و لم تتمكن الأجهزة الأمنية اللبنانية من رصد ومتابعة المتهمين أو حتى إعاقة تحركاتهم، مستفيدة من ذريعة سيسمعها اللبنانيون في الأيام المقبلة كثيراً: «ماذا نستطيع أن نفعل تجاه مخيم ممنوع علينا الاقتراب منه ( في إشارة إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان؟و لدى كتائب عبد الله عزام في المخيم صواريخ وقياديون خطرون، لكننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً». وأشارت الصحيفة إلى أن «كتائب عبد الله عزام» بدأت تنفيذ عملياتها العسكرية في العام 2004. ويعود اسم الكتائب المرتبطة ب«القاعدة» إلى القيادي الفلسطيني الشهير عبد الله عزام، الذي تم اغتياله في العام 1989. وسبق أن تبنّت الكتائب قصف بارجتين أميركيتين في ميناء العقبة في العام 2005، وقصف مدينة إيلات في العام 2010، وتفجير انتحاري نفذه أيوب الطيشان ضد ناقلة نفط يابانية أمام السواحل الإماراتية. وصنّفت الولاياتالمتحدةالأمريكية «كتائب عبد الله عزام» على لائحة المنظمات الإرهابية في 24 أيار 2012، وجمدت جميع أرصدتها وممتلكاتها على الأراضي الأميركية. أما في لبنان، فقد تمركزت الكتائب في مخيم عين الحلوة، وعملت على استقطاب شباب كانوا في تنظيمات إسلامية منحلة. وشيئاً فشيئاً راكمت خبرات في تصنيع العبوات التفجيرية، عبر الاستفادة من مقاتلين شاركوا في معارك أفغانستان والعراق وسوريا أخيراً. من جانبها، أشارت صحيفة "النهار" اللبنانية إلى أن خطورة التفجيرين تمثلت في استهدافهما أولا السفارة الإيرانية في لبنان مباشرة وللمرة الأولى منذ نشوب الأزمة السورية، كما برزت هذه الخطورة ثانيا في تشكيل الهجومين الاعتداء الانتحاري الأول في لبنان منذ ثلاثة عقود أي منذ الهجومين الانتحاريين على مقري "المارينز" والمظليين الفرنسيين ضمن القوة المتعددة الجنسية عام 1983 ، أما وجه الخطورة الثالث فكان في اعلان جماعة "كتائب عبدالله عزام" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" مسئوليتها عن الاعتداءين الارهابيين بلسان احد مشايخها اللبنانيين الذي اعتقل سابقا في لبنان وأطلق قبل سنتين. واعتبرت الصحيفة أنها مواجهة مباشرة إذا بين القاعدة وإيران دفعت الوضع الداخلي نحو متاهة غير مسبوقة كشفتها وقائع التفجيرين اللذين اوقعا 23 ضحية ونحو 150 جريحا. وذكرت "النهار" أنه تم التعرف على أشلاء الانتحاريين، فأمر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر برفع عينات منها إلى المختبر الجنائي لإجراء تحليل الحمض النووي ال"DNA"، توصلا إلى مطابقتها ومعرفة هويتي صاحبيها. ووفقا لمعلومات الصحيفة فإن السفير الإيراني غضنفر ركن آبادي كان يهم بمغادرة السفارة لحظة حصول الانفجار الانتحاري الاول الذي قتل فيه الملحق الثقافي الإيراني الشيخ إبرهيم الأنصاري، وعندها عاد السفير إلى مبنى السفارة الذي يبعد قرابة 75 مترا عن سورها. وقبل وصول الانتحاري الأول إلى سور السفارة راكبا دراجة نارية أطلق حراس السفارة النار عليه فسارع الى تفجير نفسه وقتل معه احد الحراس، ثم أسرع مسئول الحرس رضوان فارس في اتجاه السيارة التي كان يقودها الانتحاري الثاني مطلقا رشقات من سلاحه، كما سارع احد الحراس إلى فتح باب السيارة المندفعة نحو السفارة بعدما اعاقت تقدمها سيارة بيك اب لتوزيع المياه وعندها فجر الانتحاري السيارة فقتل رضوان ومعه عنصران آخران من حرس السفارة. من جانبها قالت صحيفة المستقبل الناطقة باسم تيار المستقبل اللبناني إن ما حدث أمام السفارة الإيرانية في بيروت مُدان ومرفوض من أساسه. وهو إرهاب تام واضح ولا يحمل التأويل. وأشارت إلى أن قدر لبنان ربما، أن يبقى هكذا، مسرحاً للدم والقتل واستباحة كرامة البشر، بأحطّ الأساليب وأشنعها. وقدر اللبنانيين أن يبقوا معرّضين في أرزاقهم وحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم لأفدح المخاطر وأكبر الأخطار، وأن يدفعوا أغلى الأثمان وأعزّها، فداء لحريتهم وربما لتنوّعهم وربما أكثر لإيمانهم بقدسية الروح البشرية.