بدأت كاثرين آشتون مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أمس، محاولة جديدة للتوفيق بين الحكام الجدد وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي. لكن مصادر مسئولة، قالت: إن «آشتون فوجئت بأن مصر ترفض أي تدخل في شؤونها خاصة فيما يتعلق بالمصالحة مع الإخوان، وأن القاهرة لا تزال تطالب الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى مصر بصورة أفضل واحترام وتقدير إرادة الشعب المصري التي خرجت في 30 يونيو الماضي». وأضافت المصادر أن «لقاءات أمس أكدت جميعها أن الدولة المصرية ستستمر في خارطة طريق المستقبل، وأن مسألة الوساطة بين قيادات العمل السياسي في مصر مرفوضة شكلا وموضوعا وغير مقبولة على الإطلاق». واجتمعت آشتون أمس، بكل من نبيل فهمي وزير الخارجية، ورئيس لجنة تعديل الدستور عمرو موسى، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، في حين يتوقع أن تلتقي لاحقا الرئيس المؤقت عدلي منصور، ووزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء حازم الببلاوي، كما تلتقي بممثلين عن حزب النور السلفي وحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين «المحظورة»، وعدد من السياسيين لبحث الأوضاع الحالية في مصر ولحث القيادات السياسية على تحقيق التوافق الوطني في مواجهة المشكلات السياسية والاقتصادية في البلاد. ووصلت آشتون إلى القاهرة ليلة أول من أمس في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام هي الثالثة لمصر منذ عزل الرئيس السابق مرسي في الثالث من يوليو الماضي، وقالت المصادر المسئولة التي تحدثت ل«الشرق الأوسط»، إن «أشتون أكدت خلال لقاءاتها أمس، أنها جاءت لتستمع، وأنه على الطرفين (السلطة الحاكمة وجماعة الإخوان) إن أرادوا حل الأزمة السياسية أن يتوقفا عن إملاء الشروط والعمل على إيجاد حلول وسط، وذلك لن يكون إلا عبر المفاوضات والمصالحة». وأضافت المصادر، أن آشتون: «سوف تطرح على جماعة الإخوان، أن تعترف الجماعة بما نتج عن ثورة 30 يونيو، وتقبل الحوار مع السلطة، في مقابل وضع ضمانات لمشاركة الإخوان في الحياة السياسية الجديدة». ولم تعرب المصادر عن تفاؤلها للتقارب بين السلطة الحالية والإخوان، واستبعدت أن توافق السلطة المصرية بالحوار مع الجماعة، أو أن تعترف جماعة الإخوان بالنظام الجديد. وقالت الخارجية المصرية في بيان لها، إن «لقاء نبيل فهمي وآشتون ركز على قضايا إقليمية ودولية وتطورات مشروع سد النهضة الإثيوبي فضلا عن القضية الفلسطينية والملف النووي الإيراني». وقال السفير بدر عبد العاطي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن «اللقاء تناول مجمل العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي، خاصة الملف المالي في إطار برنامج المساعدات التي يقدمها الاتحاد لمصر، والعلاقات التجارية بين الجانبين، وسبل جذب الاستثمارات، وتوصيات مجموعة العمل المشتركة بين مصر والاتحاد الأوروبي التي عقدت في نوفمبر عام 2012 بجوانبها المختلفة، كما ناقشا التعاون بين مصر ومؤسسات التمويل الأوروبية في الفترة المقبلة مع بنك الاستثمار الأوروبي والبنك الأوروبي للأعمار والتنمية». وأوضحت المصادر المسئولة، أن «مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أكدت خلال لقائها مع وزير الخارجية أنها لا تحمل أي مبادرات وأنها لا يمكن أن تتدخل في الشأن الداخلي المصري». والتقى شيخ الأزهر أحمد الطيب، أشتون والوفد المرافق لها، وأكد شيخ الأزهر أن موقف الاتحاد الأوروبي أو أميركا من الشعب المصري يحتاج إلى تصحيح والوقوف مع الحقائق لا مع العواطف التي تنقلها بعض الفضائيات التي اعتمدت على الكثير من الأكاذيب. من جانبها، قالت أشتون خلال لقاء الطيب، إنها متفهمة لإرادة الشعب المصري ولم تصف يوما ما حدث في مصر بالانقلاب، مؤكدة دعم الاتحاد الأوروبي لاستقرار مصر سياسيا واقتصاديا وسوف يستمر الدعم الأوروبي لمصر في رحلة الديمقراطية والاستقرار. كما استقبل عمرو موسى، أشتون، وقال محمد سلماوي المتحدث الرسمي للجنة الخمسين المنوط بها تعديل دستور عام 2012. خلال مؤتمر صحافي أمس، إن «اللقاء انتهى إلى إبداء أشتون ارتياحها تماما للخطوات التي تتخذها مصر لإعادة البناء وما تقوم به لجنة الخمسين لكتابة الدستور الجديد». وأشارت مصادر في لجنة الدستور، إلى أن «أشتون رحبت بالخطى التي تتخذها مصر على طريق خارطة المستقبل». وقالت المصادر المسئولة نفسها، إن «لقاء كاثرين أشتون بموسى، ركز على أن مصر ترفض أي تدخل وما طرحته أشتون من التوافق الوطني ما بين النظام الحاكم وجماعة الإخوان، هدفه تحسين صورة الجماعة والخروج من وضعها الحالي». في السياق نفسه، قالت جماعة الإخوان «المحظورة»، إنه لا وجود لأي انشقاقات في صفوفها، وإن ما تردد عن لقاء الرئاسة المصرية أول من أمس مع «منشقين» عن الجماعة، هو عار تماما من الصحة ويهدف إلى أغراض بعينها لتزامنه مع زيارة أشتون. كان المتحدث الإعلامي باسم الرئاسة أحمد المسلماني، قد قال: إنه التقى عددا من شباب الإخوان المنشق، وإنهم عرضوا مبادرة بعنوان «فكر وارجع» بهدف إعادة تأهيل شباب الإخوان والجماعات الجهادية من خلال عمل رؤية نقدية شاملة لأخطائهم ورصدها لمواجهة شباب هذه التيارات فكريا. وشددت الجماعة، في بيان لها أمس، على أنها «على قلب رجل واحد وهي قائمة بمؤسساتها وقيادتها الشرعية في أداء مهمتها ولا صلة البتة لهؤلاء المدعوين بها، فلا صاحب الدعوة ولا المدعوون هم أصحاب الموضوع». وقالت: إن «تزامن هذه الدعوة المشبوهة –على حد وصفها - مع زيارة كاثرين أشتون مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، هو محاولة من سلطة الانقلاب – على حد قولها - لتروج بواسطتها أنها منفتحة على الحوار مع القوى السياسية المختلفة وهو عكس الواقع الذي تشهد به حملات الاعتقالات».