تراجع إنتاج وودسايد إنيرجي الأسترالية خلال الربع الثالث    29 قتيلاً على الأقل و42 جريحاً في انفجار شاحنة صهريج في نيجيريا    السوداني: الحكومة العراقية حريصة على مواصلة زخم التعاون الثنائي مع أمريكا    بعد الإكوادور، زلزال بقوة 6 درجات يهز كوستاريكا    هجوم غامض بأجسام مجهولة على القطار المعلق في ألمانيا    طقس اليوم: حار نهارا مائل للبرودة ليلا والعظمى بالقاهرة 33    تعامد الشمس.. آلاف السائحين يصطفون لمشاهدة الظاهرة بمعبد أبوسمبل "فيديو"    تعليم المنوفية تحسم قرار غلق مدرسة بالباجور بعد ارتفاع إصابات الجدري المائي    القوات الأوكرانية تستهدف مصنع متفجرات في منطقة بريانسك الروسية    حسين فهمي: الدفاع عن الوطن في غزة ليس إرهابًا.. واستقالتي من الأمم المتحدة جاءت بعد هجوم قانا    ترامب: لن ألتقي بوتين إلا إذا كانت القمة مثمرة    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    طالب يطعن زميله بسلاح أبيض في قرية كفور النيل بالفيوم.. والضحية في حالة حرجة    عبد الله جورج: الجمعية العمومية للزمالك شهدت أجواء هادئة.. وواثقون في قدرة الفريق على حصد لقب الكونفدرالية    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في الدوري والقنوات الناقلة    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته ال17 ل زياد الرحباني    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 22-10-2025.. كم سجل طن عز الآن؟    «حقك عليا».. أحمد فهمي يعتذر ل شيكابالا.. ويؤكد: «احنا الاتنين على الله» (فيديو)    رسميًا.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير وحقيقة تعميمه إجازة للموظفين (تفاصيل)    بعد انخفاضها 2040 للجنيه.. مفاجأة بأسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة محليًا وعالميًا    عاجل- بدء التقديم لحج الجمعيات الأهلية اليوم.. 12 ألف تأشيرة وتيسيرات جديدة في الخدمات    وزير الزراعة: تحديد مساحات البنجر لحماية الفلاحين وصادراتنا الزراعية تسجل 7.5 مليون طن    عاجل- الحكومة: لا تهاون في ضبط الأسعار.. ورئيس الوزراء يشدد على توافر السلع ومنع أي زيادات غير مبررة    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    أكثر من 40 عضوًا ديمقراطيًا يطالبون ترامب بمعارضة خطة ضم الضفة الغربية    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    إلغاء مباراة برشلونة وفياريال فى ميامى.. والبارسا يصدر بيانًا رسميًا    القيادة المركزية الأميركية تفتتح مركز تنسيق مدني عسكري لدعم غزة    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    اعترافات المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية: من قنا وجاء لزيارة شقيقته    وفاة شاب ابتلع لسانه أثناء مباراة كرة قدم في الدقهلية    الحماية المدنية تسيطر على حريق تدوير مخلفات شرق الإسكندرية    تشييع جثمان شاب بأسيوط ضحية انهيار بئر في محافظة المنيا    سفيرة قبرص بالقاهرة: مصر خيارنا الأول.. ولو كان بوسعنا اختيار جيراننا لاخترناها    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    تكريم ياسر جلال فى مهرجان وهران للفيلم العربى بالجزائر    فعاليات للتوعية ضد الإدمان وزواج القاصرات بعدد من المواقع الثقافية بالغربية    جامعة طنطا تحتفي بإنجاز دولي للدكتورة فتحية الفرارجي بنشر كتابها في المكتبة القومية بفرنسا    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    مجلس كلية طب طنطا يناقش مخطط تدشين مبنى الكلية الجديد    استشاري مناعة: الخريف أخطر فصول العام من حيث العدوى الفيروسية.. واللقاحات خط الدفاع الأول    خطر يتكرر يوميًا.. 7 أطعمة شائعة تتلف الكبد    تخلصك من الروائح الكريهة وتقلل استهلاك الكهرباء.. خطوات تنظيف غسالة الأطباق    وزير الخارجية: نشأت فى أسرة شديدة البساطة.. وأسيوط زرعت الوطنية فى داخلى    الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثماني محتجزين اثنين جنوب غزة    هل يجوز تهذيب الحواجب للمرأة إذا سبّب شكلها حرجًا نفسيًا؟.. أمين الفتوى يجيب    المصري الديمقراطي يدفع ب30 مرشحًا فرديًا ويشارك في «القائمة الوطنية»    رمضان عبد المعز: "ازرع جميلًا ولو في غير موضعه".. فالله لا يضيع إحسان المحسنين    شاريسا سولي تشارك في لجنة القضايا العامة بمجلس الكنائس المصلحة العالمي    رئيس الوزراء يتابع عددا من ملفات عمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في "نجمة أغسطس" لصنع الله ابراهيم .. إرادة المقهورين أمام فرعون مصر
نشر في محيط يوم 21 - 09 - 2013

السد العالي ومعبد أبي سمبل .. حين يخلد الحاكم صورته
. السياط تنهال على ظهور المعتقلين .. والراديو ينشد لهم "وطني"
. رمسيس لم يكن سوى سلسلة من الأكاذيب !!
"في أمسية من شتاء سنة 59 كنا ثلاثة في زنزانة مظلمة باردة في سجن القناطر نحاول إزجاء الوقت بالحكي والغناء المتعثر. فقد كنا محرومين من الصحف والكتب والورق والقلم والراديو . وفجأة انطلق راديو السجن على غير انتظام بأغنية عبد الحليم حافظ الجديدة : قلنا حنبني وآدي احنا بنينا السد العالي . اهتزت أعطافنا جميعا رغم ما نعانيه . فها هو حلم وطني يتحقق . أو يشرع في التحقق . ومن موقع جديد في الصحراء، هو سجن "المحاريق" بالواحات الخارجة ، تابعت في الصحف المهربة إلينا صورة اللوحة التي تتصدر موقع العمل في السد وتحمل هذه العبارة "باق من العمل .. يوما على تحويل مجرى النيل" الذي حدد له يوم 14 مايو 1964 . وكنت أدير في رأسي هذا السؤال : كيف يمكن التعبير روائيا عن موقف معقد تقوم فيه سلطة تقدمية معادية للاستعمار بتحديث البلاد وتصنيعها ومحاولة تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية بينما تمارس أبشع ألوان القهر ضد من يخالفها في الرأي أو يجرؤ على محاولة المشاركة في الفعل ؟ "
إنها لقطة حقيقية من حياة الأديب المصري البارز صنع الله ابراهيم سجلها بمفتتح روايته الشهيرة "نجمة الأغسطس" وقد صدرت للمرة الأولى 1974 وأعيد نشرها العام الماضي عن قصور الثقافة. وكان صنع الله قد تعرض لمحنة الاعتقال في عهد ناصر بسبب توجهه المعارض، وحين خرج من السجن 1965 الرحال مع صديقيه كمال القلش ورؤوف مسعد ومراسل الأزفستيا في مصر كونستتين فيشنفسكي إلى منطقة السد .. وبالفعل حين عادوا كتبوا موضوعات عن إنسان السد ولكن الروائي بعدها بسنوات تنقل بين بلدان عدة ومنها روسيا وبدأت تظهر له أشباح الماضي والطفولة والمقارنات بين القهر والإرادة فكانت تلك الرواية ..
إهداء الرواية جاء لذكري شُهدي عطيَّه الشافعي، اليساري المصري وزميل الراوي بالمعتقل والذي لقي حتفه تحت التعذيب بتهمة الإنتماء للحركة الشيوعية .
والرواية بلا أحداث كبرى ، وتشبه اليوميات إلى حد كبير التي يخطها الراوي لحياته في أسوان ، حيث انتقل مع زميليه في سبيل عملهم الصحفي عن السد ليواجه مفارقات هامة تكشف بؤس المصريين الذي لم يكن بإمكانهم أن يتحدثوا عنه بالصحافة مطلقا، فوسائل الإعلام الناصرية كانت مهمتها الوحيدة تمجيد الأوضاع ومعيشة البشر في ظل النظام ، فمثلا لم يكن بالإمكان الحديث عن الكوليرا التي حصدت الأرواح ولا محاولات الهروب للخارج بحثا عن الحرية أو لقمة العيش .. لكن ذلك لا يمنع أن النظام الناصري قدم إنجازات حقيقية للمصريين ومنها ما ورد بالرواية عن معجزة بناء السد العالي لحماية موارد مصر من الغرق تحت الفيضان..
ولكن السد حمل الكثير من الآلام لأهالي النوبة كما ظهر بالرواية، فقد اضطروا لترك قراهم وبيوتهم قسرا وتعرضت الأراضي لنقص الخصوبة التي كان الطمي يوفرها للمحاصيل، ولكن الأهم أن الكثير من الآثار المصرية النادرة لم يكن بالإمكان نقلها في رحلة نقل المعابد من ضفة السد وحمايتها والتي ساهمت بها منظمة اليونيسكو آنذاك، إذ كانت بعض الآثار محفورة في الجبال ومنها مثلا كنيسة تحولت لمسجد فيما بعد وتبرز جدرانها عصر الاضطهاد الروماني للمسيحيين الأوائل في مصر.
كانت
صورة الروس بالرواية بأنهم منظمون للغاية ودقيقون في كل شيء ، شعوب متقدمة، وهم في المساء يبحثون عن متعة تخفف عنهم عناء اليوم الطويل ..
فهناك مثلا السيد ابراسيموف أحد المسئولين الروس بمشروع السد وهو مهندس وقد عمل بمشاريع للري بآسيا كما عمل على استعادة الجسور ومحطات الكهرباء التي دمرتها الحرب ، وهناك ياكونوف صديق البطل وهو المكلف بتعريفه أوجه حياة الروسيين الاجتماعية وهناك فاليري الذي يدرس علاقة المصريين بالروس ويؤلف كتبا عنها ، وهناك تانيا التي أقام معها البطل علاقة غرامية متكاملة انتهت
بتنكرها له ..
في رحاب أسوان
المكان في الرواية يبدو جافا لا يحمل تفاصيل مثيرة باستثناء خواتيم النص التي طاف الراوي خلالها بمعابد أبي سمبل ورمسيس وقرى النوبة التي شاهدها من فوق صندل على النيل ، وبغير ذلك كان الصحفي بطل العمل يتنقل بين الفندق الذي يمكث فيه ومواقع بناء السد المليئة بالآلات والعمال والخبراء الروس الصارمين والعمل الشاق تحت لهيب الشمس والطرق الوعرة التي تندر فيها وسائل التنقل ..
ومن القرى التي شاهدها البطل من فوق الصندل حين قرر السفر لأسوان جنوبا لمشاهد معبد أبي سمبل وقد تم تقطيع أجزائه الخلفية وبقيت واجهته فقط في إطار عملية نقله، شاهد قرية "إبريم " التي أقامها الأتراك حتى أجلاهم عنها المماليك في القرن التاسع عشر وبها كنيستان تبدوان من عصر الاضطهاد المسيحي القديم ، وهناك قرية توشكة التي دارت فيها المعركة الفاصلة بين ثوار السودان والجيش الانجليزي عام 1889 ولكنها فشلت وسقط النهر كله في العبودية .. أما قرية "جرف حسين" فبها آثار لم يتم نقلها لأنها محفورة في الصخر.
رمسيس الثاني
يعتبر رمسيس الثاني أحد أبطال الرواية الذين يستعيد البطل قصصهم، فقد استدعى معلوماته عن كونه قاهر الحيثيين وصاحب الحملات الناجحة على النوبة وسلسلة المعابد التي تتراص بكبرياء فوق ضفاف النهر العظيم تمجد باسمه .. ولكنه يصدم بخبير أثري مصري يعطيه صورة مغايرة تماما لذلك الفرعون المسكون بنزعة التحول لإله، حتى أنه حشر تماثيله وصورته بين صور إلهة المصريين القدماء "رع" و"إيزيس" و"موت" وغيرهم ، والحقيقة أيضا أن الجدارية التي تحمل صورته يقود سلسلة من الأسرى خانعين أمام قدميه في معركة قادش الشهيرة ليست حقيقة، لأن المعركة انتهت بتورط الفرعون في كمين نصبه له ملك الحيثيين !!
وهكذا تتداعى أمام الراوي البطل صورة الحاكم الذي يبني لنفسه الأمجاد لتخليد اسمه ، وينشر الأكاذيب في شعبه الذي يسبح ليل نهار بحمده ، وهي توحي بالعلاقة بين الفرعون أيضا وبين عبدالناصر.
ذكريات غير بعيدة
تبرز بالرواية إحالات رائعة، هي استدعاءات تتوالى على ذهن الصحفي بطل الرواية من الطفولة والصبا وفترة الاعتقال وتذهب أحيانا لمشاهد تاريخية من تاريخ مصر البعيد .. وأحيانا تمتثل لوحات وتماثيل مايكل أنجلو فنان عصر النهضة الإيطالي والذي جسد عذابات البشرية ورغباتهم باقتدار ..
هناك إحالة تشير لواقع الاستبداد الذي غلف العالم العربي بالخمسينات ؛ حين كانت السيارة السوداء تجوب بالسجين، الذي هو الراوي، شوارع المدينة النائمة، فتقتاده من سجن لآخر، وحينها يتذكر جيدا أنه خير بين أوروبا والجحيم في وطنه فاختار الجحيم ، وأن تلك الفترة كانت شاهدة على تفجر العنف من الفرات إلى النيل بمثل ما لم يتفجر من قبل، فسحلوا الأجسام العارية في الموصل وأذابوا اللحم والعظام بالأحماض في دمشق، ومن فوق مآذن القاهرة طالبوا بالدماء ..
ثم في إحالات السجن نرى قسوة تعذيب السجناء العراة أمام الضابط الكبير ، ونرى أيضا الهواجس الجنسية التي تنتاب البطل ورفقائه المعتقلين كل مساء، وكانت تذهب بالبعض لما هو أكثر شذوذا من الرغبة بالأنثى .. والتعرض لدفقات البول فوق أجسادهم من الجرادل، وبينما هم يشعرون ببؤس العالم يتكوم فوقهم إذا بالراديو يهلل بسعادة نشيد "وطني" !
وهناك إحالات فلسفية تستدعي أسطورة الحكيم لورانزو الذي دعا الكهنة للتحرر العقلي بينما كانت عيناه تلمعان بشهوة السلطة وتنظيم العالم وبالفعل حين اعتلى المنصة ادعى بأنه صوت الرب على الأرض ، وصدقه الرسام بوتشيلي فاستنكر رسومه العارية وحرقها في النار لكن النحات وحده رأى بقاء روحه في الفن وظل يردد قول لورانزو "إن قوى التدمير تسير في أعقاب الإبداع " وإذا بلورانزو نفسه يستسلم على فراش الموت ويطلب غفران الراهب وبعد سنوات أجبروا الراهب أن يعترف قبل إعدامه بأنه اختلق قصة تلقين الوحي الإلهي فاهتز النحات من أعماقه وعاد لفنه بعد أن تيقن أنه الشيء اليقيني في عالم تسوده الفوضى ,,
كما أن هناك إحالات من كتاب مايكل أنجلو للوحة العذراء مثلا وهي تحنو على جثة ابنها المصلوب بحسب المعتقد المسيحي .. وبرأي الراوي لم تكن الصورة لابن إله ولكنها لبشر يعذبه الشك في جدوى رسالة تدعو للتسامح بينما يعج الواقع بهذه الوحشية التي تمثلت في تلك المسامير المثبتة في جسده
وبالطبع هناك إحالات فرعونية في قدس الأقداس بالمعبد حيث لم يكن يدخله إلا صفوة الكهنة الذي يديرون الشعائر السرية في الظلام بعيدا عن الشعب ، وإحالة لرمسيس الذي حين سيطرت عليه فكرة الألوهية اتبع في التبشير بعبادته أسلوب تصويره بين الآلهة كواحد منها وفي يديه الصولجان والريشة على هيئة إنسان له رأس صقر متوج بقرص الشمس ..
تذكر البطل أيضا نفسه حين كان طفلا في بيت هاديء يقابل مدرسة اليهود، حينها كان يلعب مع رفاقه في دعة بالزلط في الشوارع التي فضضها ضوء القمر ، ثم تومض بالذاكرة مشاهد من مواجهتهم حين صاروا صبيانا كبارا لعساكر الإنجليز واختفائهم بالأزقة هربا ..
هاجس الجنس ..
يسيطر ذلك الهاجس مع فكرة القمع على عقل الراوي طيلة العمل، ويتبدى ذلك حتى في لغة السرد التي تستخدم مفردات قريبة من هذا العالم وتطبع بها كل شيء، بما فيها الجمادات كآلات العمل في السد.
وقال بعض النقاد أن صعود تلك النظرة في أعمال صنع الله ربما مبعثها لفترة الاعتقال التي تعرض لها والتي جعلته يرتد لحاجات الإنسان الأولية الغريزية .. لكن كان هناك اختلاف في مدى توظيف ذلك الهاجس فنيا وأهميته في مضامين كل رواية على حدا . والرواية مليئة بالتفاصيل التي تؤكد بروز الأنثى كرغبة ملحة عند البطل، حتى إنه رفض السفر من السودان وترك الفتيات الأجنبيات..
إضاءة ..
ربما كان معروفا عن صنع الله ما ذكرته الدكتورة أولريكه شتيلي خلال منح جائزة بن رشد للفكر الحر للأديب بأنه لم يسمح للجهاز الثقافي الحكومي بأن يستوعبه. ومع أنه قد حصل على العديد من الجوائز التقديرية –كجائزة غالب هلسا التي منحته إياها رابطة الكتاب الأردنيين سنة 1992، وجائزة سلطان العويس المعتبرة التي تمنحها دولة الإمارات العربية- فقد سمح لنفسه بأن يرفض دعوات وجوائز، إذا وجد فيها أدنى شبهة بأنها توظَّف لغرض سياسيّ، مثلما فعل سنة 1998، عندما رفض "جائزة نجيب محفوظ" التي تمنحها الجامعة الأمريكية في القاهرة، أو في عام 2003، عندما رفض الجائزة التقديرية ذات القيمة المالية العالية، التي تمنحها وزارة الثقافة المصرية لأفضل رواية عربية. فالحكومة المصرية، حسب قوله، تفتقر إلى المصداقية التي تخوّلها منح جائزة كهذه، وذلك نظراً لأن تلك الحكومة تتغاضى عن مساعي السيطرة الأمريكية على المنطقة، وعن احتلال العراق، وعن الاحتلال الإسرائيلي وما يمارسه في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني من تدمير، وعن الفساد وتدني مستوى المعيشة في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.