مصر فى مرحلة تحول سياسى واجتماعي كبير .. وبقراءة الخريطة السياسية والاجتماعية للمجتمع المصري إبان هذا التحول تبرز كتلتين متقابلتين. " كتلة الجيش ": المؤسسة العسكرية بقواتها المسلحة وشركاتها ومصانعها وهيئاتها الاقتصادية المدنية وشبه المدنية . " كتلة الاخوان " : الجماعة الدينية وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة وحلفائهم من الجماعة الاسلامية وجماعات دعويه اخرى وأحزاب سياسية صغيرة ومراكز ابحاث ومدارس وجمعيات خيرية ثم نشاط اقتصادي يتمثل فى شركات ومشروعات معلنة وغير معلنة فى الداخل والخارج . يغيب عن ارض هذه الخريطة الكتلة الثالثة " الكتلة المدنية " التي ينبغى ان تولد وتتشكل لتقود هي عملية التحول الكبير نحو مصر الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة دولة العدل والقانون والمساواة والاستقلال الوطني . ان طوفان الجماهير التي زحفت على الشوارع والميادين فى ايام 30 يونيو و 26 يوليو ومن قبل فى يناير وفبراير سنة 2011 تمثل اغلبية هائلة ( طبقية وفئوية ) فى تكوين الشعب المصري وهى المكون الرئيسي لهذه الكتلة المدنية ولكنها حتى الان بلا تنظيم وبلا تمثيل سياسى معبر .. مصر الان وهى تغلى وتفور فى خضم هذا التحول العظيم فى لحظة تاريخية تتطلب ان يولد التحالف الوطني الديمقراطي معبرا عن جماهير الثورة ، تنظيم سياسى يستند الى قواعد اجتماعية يولد فى مخاض ايام يونيو ويوليو الجديد: الموجة الثورة الثالثة ... هل يكون ذلك من احلام الثورة عندما نتكلم عن مستقبل هذا التحالف الوطن الديمقراطي المرجو والمنتظر ونقول انه لكي يؤكد وجوده على الارض وبين الناس يجب ان يرعى المشروع الثقافي والمعرفي لعموم مصر وان يسعى فى بناء اسس الاقتصاد التعاوني وان يعمل على انشاء ورعاية ودعم المشروعات الصغيرة للشباب فى الخدمات الصحية والنظافة والتنسيق الحضاري والمواصلات والتعليم والانتاج الزراعي والغذائي وتطوير القرية والمجتمعات المهمشة وغيرها من المشروعات التي تربى صلة عضوية مع جماهير الشعب ... فشل السياسيون ومن يسمون بالنخب على مدى عامين ونصف العام فى بناء قواعد تنظيمية على الارض او مد قنوات اتصال مع الجماهير وكان اعتمادهم ومايزال على الاعلام وقنوات التليفزيون فتقدمت الجماهير المشهد وسبقت فى حركتها النخب السياسية التي كان ينبغى ان تكون هي الطليعة الثورية ... ادى تراجع النخبة السياسية خلف حركة الجماهير الى دخول الجيش لمواجهة استبداد الكتلة الدينية ولسوف يبقى المجتمع المصري فى حالة عدم التوازن هذه الى ان تنجح القوى السياسية فى التجاوب مع اللحظة التاريخية والتقدم الى الامام لبناء هذا التحالف الوطني الديمقراطي الجامع .