الدستور هو مجموعة المبادىء العليا والقيم الحاكمة والآهداف السياسية الكبرى التى تتفق ويتوافق عليها المجتمع والتى تصاغ فى شكل وثيقة دستورية تكون هادية وحاكمة للجميع.وهذه الوثيقة تعبر عن أمال وأمانى الشعب فى مرحلة زمنية . وتختلف الدساتير من حيث طريقة الاعداد وعدد وكم المواد ولكن الآهم هو أن تكون هذه الوثيقة محل تقدير وأقتناع من الجميع .ومن المعروف أن دستور 2012 وهو دستور ما بعد ثورة 25 يناير 2011 لم يكن محل أجماع وتوافق نتيجة للظروف والملابسات التى أحاطت به منذ تشكيل لجنته التأسيسية التى حدد تشكيلها البيان الدستورى الصادر من المجلس العسكرى فى 30 مارس 2011 عن طريق أعضاء مجلسى الشعب والشورى المنتخبين. ولما كانت أغلبية المجلسين من التيار الآسلامى لظروف كثيرة وأسباب متعددة جأت اللجنة التأسيسية غير معبرة عن كل فصائل المجتمع ناهيك عن أنسحاب كثير من القوى السياسية والفاعلة من هذه اللجنة الشىء الذى أصابها بعدم المشروعية أضافة الى حكم المحكمة الادارية العليا بعدم دستورية هذه اللجنة ولكن لآنه كان هناك غرضاً فى نفس يعقوب لدى السلطة فى أعداد وتمرير دستور يعبر عن فصيل بذاته وجدنا محاصرة المحكمة الدستورية العليا لعدم تمكينها من أصدار حكمها بعدم دستورية اللجنة مرة أخرى فى واقعة غير مسبوقة . وتم تمرير الدستور بليل فى أطار تحدى الراى العام ليكون دستوراً لدولة دينية لا علاقة لها بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى توافق عليها الجميع بما فى ذلك وثيقة الازهر التى وقع عليه الجميع بما فيهم التيار الآسلامى الذى أقتنص الدستور لنفسه .وتم الاستفتاء على الدستور والغريب أنه قبل الاستفتاء وفى أحد جلسات ما كان يسمى بالحوار الوطنى أقر مرسى بأن هناك عدد من المواد التى يجب تعديلها فى الدستور وتم تكرار هذا أكثر من مرة وكان أخرها هذا الخطاب الغريب يوم الآربعاء 26/6 والذى أقر فيه مرسى بهذا التعديل . ثم كانت ثورة 30 يونيو وخطة الطريق لتقول بتعديل الدستور .وتم تشكيل لجنة العشرة وسيتم الآعلان عن لجنة الخمسين والآهم أن هناك رأى عام وضاغط يطالب بتغير الدستور وليس تعديله حيث أن كم المواد المطلوب تعديلها تنتج دستوراً مهلهلاً بلا قيمة.والآهم من التغير أو التعديل هو تلك المواد التى تحدد الهوية الدينية للدولة ومنها المادة الخامسة التى تعطى الازهر الحق فى الموافقة على التشريعات بما يمثل ما يسمى بمرجعية الفقيه الشيعية.وكذلك المادة 219 والتى حولت مبادىء الشريعة الى أحكام الشريعة والتى أصبح مرجعيتها أهل السنة والجماعة بما يعنى أن الامر سيكون مباحاً للجميع للأفتاء فى الاحكام. كما أن ربط الديمقراطية بالشورى يحدث عدم توازن وتداخل سيكون له أثاره فى الاطار التطبيقى .نهيك عن كثير من القضايا الاخلاقية مثل نظام الانتخابات النيابية ..هل هى بالقائمة وما نوعها او بالفردى ؟.وما مصير المواد الخاصة بالعزل السياسى وبقاء مجلس الشورى من عدمه ونسبة الخمسين بالمئة عمال وفلاحين. أى أن الخلاف بل قل الصراع بين مدارس أيدولوجية محددة خاصة فيما يخص الجانب الاقتصادى وهل سيكون كما جاء بدستور 2012 ذو التوجه الرأسمالى أم سيكون معبراً بالفعل عن ثورة 25 يناير ومبادىء العدالة الاجتماعية ؟ وهناك بلا شك ستكون معركة الدستور تعديلا أو تغيراً أو أقراراً.. معركة هامة ستشكل أهم الجوانب والملامح لمجمل المشهد السياسى الذى مازال مرتبكا. فهل سننظر الى الوطن وسلامته والى الشعب المصرى ومصلحته وهما أهم من المصالح الذاتية والحزبية والايدلوجية الضيقة خاصة ونحن فى هذه المرحلة الاستثنائية التى لن نخرج منها بدون التوافق والتشارك فى أدارة هذا الوطن.غير ذلك فالجميع خاسر_ لاقدر الله_الوطن والشعب وكل الفصائل السياسية . فمن يقول ويسعى للسلطة لخدمة الوطن والجماهير نقول أن هذه الخدمة الآن تتمثل فى التوافق والتشارك وليس العناد والارباك. حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء