العلوم والأفكار والنظريات السياسية لم تخترع ولم تأتى من العدم .ولكنها هي حصيلة ممارسات وتجارب وأفكار تم تطبيقها على أرض الواقع على مدى تاريخى وجغرافى وانسانى ممتد عبر الزمان ومرتبط بالانسان . فالديمقراطية هي مصطلح يونانى (ديموقراطس) يعنى حكم الشعب وكان يطبق فى اليونان فى ما قبل الميلاد بطريقة تتسق وتتوافق واقعا وزمانا مع الظروف اليونانية حينئذ . فكانت تطبق بمسمى الديمقراطية المباشرة أى التى يمارسها الشعب بنفسه دون نيابة عنه لأحد . فيجتمع الشعب لتحديد موقف أو اتخاذ قرار بشكل مباشر أى دون أن ينوب أحد عن الشعب وبعيداً عن الشكل الديمقراطى المستحدث تحت مسمى الصندوق . مع العلم أن هذه الممارسة الديمقراطية لم تكن متاحة لغير النخبة وكبار القوم بعيداً عن المواطن العادى . ثم تطور الأمر حسب المعطيات الواقعية فكانت الديمقراطية الغير مباشرة وهى التى يختار فيها الشعب نوابا عنه يمثلونه في أتخاذ القرار . وهذا يعنى أن الزمن لا يتوقف وان التطور لا ينتهى . فطالما هناك انسان هناك حركة وتطور واستحداث . ولذا لا نريد أن ندخل فى متاهة التعريفات النظرية السفوسطائية حول الديمقراطية والثورة والانقلاب . لأنها تجارب انسانية ارتبطت بالانسان فكرة ثم حركة فأصبحت موقفاً . وبالطبع فكل انسان ينحاز لموقف سياسى او حزبى أو ايدلوجى للأسف يفسر الأمور حتى المحسوم منها بطريقة الخاصة وحسب مصلحته الحزبية والذاتية . ولكن هنا تظل مصلحة الوطن هي الأبقى والأهم فحسب المفهوم السياسى والواقع الديمقراطى يصبح ما تم فى 6/30 ممارسة ديمقراطية مباشرة لم تمارس منذ أن عرفت البشرية الديمقراطية . ومن ناحية ثانية هناك من يتوقف أمام ما تم فى اطار الممارسة الديمقراطية من خلال ما يسمى بالصندوق كاٌلية لقياس الرأى العام . وبالطبع كل حسب مصلحته . فهل القضية بالفعل هي الديمقراطية؟ وهل جميعنا نؤمن بالديمقراطية كما يجب أن تكون؟ فالديمقراطية ليست صندوق فقط ولكن الأهم هو عدم وجود أى وصايا من أى نوع على الناخب الذى يذهب الى الصندوق . ونفس المنطق على الشرعية هل هي شرعية الصندوق؟ أم الشرعية الدستورية التى نظمت طريقة وشروط الترشح والانتخاب؟ أم هي الشرعية الجماهيرية التى تجب كل هذا؟ أنها المصلحة التى تريد أن تقصى الاخر . وهذا هو الخطر الحقيقى على الوطن وسلامته . السياسة هي فن التعامل مع الواقع بهدف اصلاحه وليس بهدف الاستحواذ عليه حبا فى السلطة . ولا يمكن التعامل مع الواقع قبل رصدة والتوافق على التعامل معه على أرضية مشتركة . اما تجاهل الواقع كلية فهذا محض خيال وسباحة فى الفضاء وتقمص حالة من حالات استحسان توقف الزمن ( قل للزمان أرجع يا زمان) . وهنا لا يجب أن نتجاهل ما تم فى 6/30 و 7/3 و 7/26 من خروج جماهيرى غير مسبوق وبدون أدعاء او انكار . أيضا لا أحد يتصور أن الثورة تعنى اقصاء مقابل اقصاء أو سيطرة بديلا عن سيطرة . فهذه ليست ثورة ولا حكم ولا سياسة ولكنه صراع لا ينتهى الى بناء بقدر ما يحدث هدما .فعلى الاخوان أن يسلموا بواقع فرض نفسه . وعلى من يحكم الأن أن يدرك أن احداً لا يستطيع القضاء على المخالف سياسياً وفكرياً . فالسلطة تسقط وتزول ولكن الفكر يبقى ويتحول الى سلبى أو اجابى معتدل أو متطرف . اما ما يسمى بالخروج الأمن الان نعم من حق الجميع أن يخرج أمناً مهما كانت أرائه أو مواقفه طالما كانت بعيده عن العنف والدم . وهنا القانون وحده هو الفيصل بعيداً عن تصفية أى حسابات أو احقاد خاصة أن هناك اتهامات فضفاضة لا يحسمها غير الفعل المجرم والموثق . لن يبنى مصر غير كل المصريين . وهنا خارطة الطريق تعطى الفرصة للجميع ويمكن للأخوان وللتيار الاسلامى أن يشارك فى الأنتخابات البرلمانية والرئاسية ويمكن أن تكون هناك مفاجأة وهنا كلمة الشعب وأرادته هي الاعلى وعلى القوى السياسية التى لا نسمع غير ضجيجها والتى لا علاقة لها بالجماهير حتى الان ستكون مسئولة امام الشعب وأمام التاريخ والساحة للجميع والمشاركة لكل من يؤمن بأن مصر وطن لكل المصريين حفظ الله مصر من كل سوء.