من المسئول عن انهيار الاقتصاد القمري، ومن السبب خلف اعتبار جزر القمر من أكثر الدول فقراً ومعاناة، ومن ضمن الأوائل في مقدمة قائمة الدول المتخلفة رغم وجود عدد لا بأس به من الثروات الهائلة "أراضٍ زراعية، بحار، أنهار" المتوافرة هناك؟. ويأتي ذلك بعدما نشر مركز أبحاث صندوق السلام بالولايات المتحدة، ومجلة "فورن بوليسي" قائمة بالدول الفاشلة الضعيفة التى ليس لديها سيطرة تذكر على جزء كبير من أراضيها، من عدم توفير الخدمات العامة، والفساد والإجرام المتفشي على نطاق واسع، وانتشار اللاجئين بصورة واسعة. ووقعت "جزر القمر" ضمن قائمة الدول المهددة بالفاشلة، إلى جانب عدد من الدول الأفريقية الأخرى مثل "رواندا، ومالاوي، وموريتانيا، وبوركينا فاسو، وقيرغيزستان، وزامبيا، وليبيا، ومدغشقر". وتصدرت قارة أفريقيا قائمة الدول الفاشلة والدول المهددة بالفشل، ولا سيما مع تعرض تلك الدول إلى غياب القانون، وعدم وجود حكومة فعلية، وتفشي الإرهاب، وارتفاع معدل الجريمة، وانتشار الفقر والتخلف الاقتصادي والفساد الإداري. ويتم نشر القائمة كل عام منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية عام 2005م، ويستشهد بهذه القائمة العديد من الخبراء الاقتصاديين والصحفيين والأكاديميين للمقارنة بين الدول وبعضها، وبين الدول نفسها عامًا عن عام، وقياس مدى انهيار أو تقدم الدول. عادات وتقاليد ولمعرفة الأسباب التي أدت إلى تراجع تلك الدولة الأفريقية في تحقيق التقدم الاقتصادي والسياسي المنشود، يقدم المراقبون مجموعة من العوامل أحدهما ثقافية واجتماعية، ترجع إلى تخلف البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها المجتمع القمري، نتيجة مجموعة العادات والتقاليد والقيم المعنوية والمعتقدات والمعايير السلوكية والإطار الثقافية. حيث تشكل العادات والتقاليد السائدة في المجتمع القمري ودوافع إرضاء الآخرين والانتماء الإقليمي والمجاملات غير الموضوعية والمعتقدات الموروثة، خطراً أمام طريق الإصلاح، كما أن لها تأثيراً غير مباشر على التنمية، وتعد من أكبر المعوقات التي تقف وراء مسيرة التنمية في جزر القمر بعد المشكلات السياسية. وهذا ما أشار إليه الكاتب الهولندي "بويك"، الذي وجد أن كثيراً من الدول النامية تعاني بما أسماه بالثنائية الاجتماعية، التي تحدث في تلك المجتمعات نتيجة التضارب بين أنظمة اجتماعية داخلية لها جذورها العميقة في أفراد المجتمع وأنظمة اجتماعية مستوردة من المجتمعات الغربية الرأسمالية أو مجتمعات الكتلة الشرقية(الشيوعية). كما يرى "بويك" أن هذه الثنائية تمثل أحد الأسباب الكبرى لعدم نجاح أي برنامج للتنمية في المجتمعات المتخلفة. وعلى المستوى الاقتصادي، فنجد أن اقتصاد جزر القمر يعتمد بصفة رئيسة على الزراعة، وأن 80% من سكانها فلاحون وصيادون, كما يقوم سكانه بزراعة محاصيل متنوعة كالأرز، والموز، إضافة إلى جوز الهند، كما يصدرون القرنفل، ولب جوز الهند الجاف، والفانيلا والزيوت العطرية المستخرجة من نباتات أشجار اليلانج يلانج. ومن ثم، تعتمد اقتصاديات "جزر القمر" على الزراعة وعلى تحويلات العمالة الوطنية في الخارج وعلى السياحة، كما تعتمد إيرادات الميزانية العامة على الضريبة الجمركية للتجارة الخارجية، ولا سيما مع افتقار اقتصاديات جزر القمر للخدمات المالية وشركات التمويل والمؤسسات المالية. عادات فرنسية ويفسر المحللون التخلف الاقتصادي وسوء الرؤية والإدارة الموجودة في ذلك البلد الأفريقي بارتفاع نسبة الأمية، وعدم وجود الطبقة المتوسطة، وتأخر المرأة في كثير من المجالات، وعدم توافر القيم المعنوية، والعادات والتقاليد السيئة. علاوة على العولمة بمعناها الواسع التي أسهمت في بروز فريقين، أحدهما ساهم في تدهور تلك المجتمعات وتخلفها بشكل غير مباشر، وثانيهما انحرف بعاداته وتقاليده إلى عادات لا تتوافق مع قيم المجتمع بشكل مباشر ومقصود. ولعل انهيار التربية والتعليم نتيجة عدم احترام الثقافة القمرية في المناهج الدراسية وإحلال العادات الفرنسية أو الثقافة الغربية محلها، أحد أبرز النتائج المرتبة على المشكلة السابقة. كما ساهمت العوامل التاريخية في التأثير على مستقبل ذلك البلد، حيث ساهم الاحتلال الفرنسي الذي كان سائداً في تلك البلد الأفريقي، ودوره في السيطرة على الطبقة الحاكمة أو ما يسمى النخب الحاكمة في جزر القمر في تفاقم وتعميق المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. وهو ما أدى بعد ذلك، إلى غياب البنية التحتية والأساسية التي تقوم عليها الدولة، وتقوم عليها النهضة الاقتصادية، فلا تحظى جزر القمر بتوافر بنية أساسية ( كهرباء ومياه، وطرق)، الأمر الذي يؤثر معه على فرص الاستثمار والتقدم الاقتصادي. أم على الصعيد السياسي، فإن ضعف الإرادة السياسية في توفير إستراتيجية واضحة نحو التنمية الحقيقية التي يلمسها المواطن القمري، ولا سيما مع سعي الأحزاب السياسية - كغيرها من الأحزاب على مستوى العالم - إلى المصلحية والزعامة الشخصية، فضلاً عن بناء بعض الأحزاب على الطائفية أو جزيرة بعينها بصورة تبدو بعيدة، كل البعد عن مصلحة الوطن والمواطن القمري. فكل ما سبق يؤثر بشكل كبير على هوية وقيمة ومكانة الدولة القمرية، كما يؤثر على طموح أبنائها الحاليين وأحفادهم القادمين. وتقع جزر القمر في شرق أفريقيا، وتتكون من أربع جزر هي: جزيرة القمر الكبرى، وجزيرة أنجوان، وموهيلي، ومايوت، وتبلغ مساحتها جميعها 2170كم2، وسكانها مسلمون رغم وجود قلة نصرانية مؤلفة من رجال الإرساليات النصرانية وجماعة من مدغشقر، وعاصمتها موروني، وعملتها الرسمية فرنك المجموعة الأفريقية، ولغتها الرسمية اللغة العربية. وقد احتلها الفرنسيون عام 1841وحرفوا اسمها إلى "كومور" ولكن أهلها ظلوا محتفظين بتراثهم وتقاليدهم العربية في مختلف مناحي الحياة، إلى أن نالت جزر القمر استقلالها عن فرنسا في السادس من يوليو 1975، وأصبح اسمها الرسمي جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية، وقد انضمت جزر القمر إلى الأممالمتحدة في 12 نوفمبر 1975، وإلى عضوية جامعة الدول العربية عام1993. ومن ثم، يجب على الدولة القمرية وغيرها من البلدان الأفريقية التخلص من الفساد والتخلف الإداري ومركزية الإدارة، إلى جانب ضرورة سعيها وبقوة نحو تقديم وتوفير مشاريع قومية تستطيع التغلب من خلالها على البطالة وتلبية طموحات المواطنين.