رغم أن أمازيغ ليبيا يمثلون أقلية، إلا أن تلك الفئة برزت في الآونة الأخيرة وطفت على سطح الأحداث بعد الثورة الليبية التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي. كما برزت تلك الفئة أكثر وأصبح لها دور في "ليبيا الجديدة" بعد أن انتخب المؤتمر الوطني العام الليبي خلال الشهر الماضي نوري ابوسهمين رئيسا انتقاليا جديدا خلفا لمحمد المقريف الذي استقال بعد المصادقة على قانون يقصي المسئولين السابقين في نظام معمر القذافي. ونوري ابوسهمين هو أول أمازيغي يتولى مسئولية سياسية عليا في ليبيا في الجولة الثانية من الانتخابات ب 96 صوتا من اصل 184 على الشريف الوافي وهو أيضا نائب مستقل من شرق البلاد حصل على ثمانين صوتا. وكانت هناك 8 بطاقات لاغية. ووكلت الى الرئيس الجديد مهمة تنظيم انتخابات عامة جديدة على أساس الدستور الجديد الذي سيحدد طبيعة النظام الجديد في البلاد. واستبعد ابو سهمين أن يؤدي وجوده كشخص ينتمي إلى الأقلية الأمازيغية في ليبيا إلى أمزغة الدولة الليبية، لكنه شدد على ضرورة التعامل مع اللغة الأمازيغية كمكون ثقافي للوطن. وأمازيغ ليبيا أقلية تسعى لاعتماد ثقافتها ولغتها في الدستور المرتقب للبلد الذي سيكتب هذا العام والذي سيكون الأول منذ أكثر عن 42 عاما فترة حكم معمر القذافي. إلا أن قومية أمازيغ ليبيا رفضت مشروع مسودة قانون انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور اعتراضا على ما اعتبرته "تمثيلا شكليا" لمكونات المجتمع، وذلك قبل أن يصوت عليه المؤتمر الوطني العام "البرلمان" في صورته النهائية. التمثيل الشكلي وقرر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا مقاطعة انتخابات الهيئة التأسيسية للجنة صياغة الدستور ترشحاً وانتخابا وسحب أعضاءه من البرلمان، مبررا ذلك بالقول إن البرلمان مصر على أن يكون تمثيل مكونات المجتمع "تمثيلاً شكلياً". وقال المجلس في بيان له :"إن المشاركة في هذه الانتخابات لم تعد تعني الأمازيغ في شيء ولا ما ينتج عنها". وقرر المجلس الاعلى لامازيغ ليبيا سحب ممثليه من المؤتمر الوطني العام على الرغم من ان رئيس المؤتمر نوري ابوسهمين ينتمي لهذه الاقلية. وبعد انتخاب ابوسهمين ، لا يعقد الكثير من الحقوقيين والنشطاء الامازيغ امالهم على رئيسهم الجديد المحسوب على تيار الاخوان ، بل يذهب الكثير منهم إلى القول: ان ابوسهمين ما هو الا دمية تحركها أيادي جماعة الاخوان ولن يقدر ان يغير من المعادلة السياسية الامازيغية المتشابكة بل ربما سيزدها تعقيدا. حق الاعتراض وكان أعضاء المؤتمر الوطنى الليبى العام عن المكونات الوطنية ذات الخصوصية الثقافية (الطوارق - الأمازيغ – التبو)، داخل المؤتمر اعترضوا على محاولات عدد كبير من الأعضاء تغيير نص المادة 5 من مشروع قانون الهيئة التأسيسة لصياغة الدستور والتي تنص على أن المواد التي تخص المكونات ذات الخصوصية الثقافية يكون التصويت عليها بعد التوافق وهناك توجه كبير يريد أن يكون بالأغلبية وهذا ما يرفض الأعضاء الممثلين للمكونات الوطنية. وقال عضو المؤتمر الوطني العام عن مدينة أوباري حسين الأنصاري :"لقد أعلنت رفضي بشدة لتمرير هذه المادة، نحن لا يمكن أن نرضى بنص لا يعطيك حق الاعتراض على المواد التي تعني بخصوصيتك الوطنية وهذا موقفي ولن أكون شاهد زور على مرحلة تاريخية معينة". جاء ذلك في وقت استمر المؤتمر الوطني العام الليبي في مناقشة مشروع قانون الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الذي يعد أهم القوانين المهمة التي تمهد للتحول الديمقراطي في ليبيا الذي يبدأ بصياغة دستور دائم للبلاد. دسترة "الأمازيغية" ويعتبر الامازيغ (البربر) أقلية صغيرة في ليبيا ويقولون أنهم تعرضوا للاضطهاد في ظل نظام معمر القذافي الذي كان ينكر وجودهم ، كما يرون أنهم همشوا أيضا من السلطات الجديدة في ليبيا ويطالبون بالحق في أن تصبح لغتهم لغة رسمية في البلاد. وكان رئيس المؤتمر الوطني العام السابق قد أكد محمد المقريف ان اعتراف الدستور بأكثر من لغة في ليبيا لا يعد مساسا بالوحدة الوطنية، في إشارة إلى اللغة الأمازيغية. واتجه القائمون على صياغة الدستور الليبي الجديد، إلى تضمينه بنودا تعترف باللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، على أنهما لغتين رسميتين في البلاد، إذ يقول الأمازيغ إنهم يشكلون نحو 15 في المائة من السكان. إلا أن تمسك مفتي الجمهورية الليبية باستحالة اعتماد اللغة الأمازيغية رسميًا في الدستور الليبي، قد أثار الأمازيغ الذين هددوا بحمل السلاح دفاعًا عن حقوقهم. فبعدما أكد مفتي الجمهورية الليبية الشيخ الصادق الغرياني استحالة اعتماد اللغة الامازيغية لغة رسمية في دستور ليبيا الجديد، قام أمازيغ ليبيا وأنصار حقوق الأقليات في العالم في يناير الماضي بتنظيم مؤتمراً عالمياً تحت عنوان "ملتقى الإستحقاق الدستوري لأمازيغ ليبيا"، عقبته حفلة في ملعب المدينة الرياضية في طرابلس بمناسبة رأس السنة الأمازيغية. وشارك في هذا المؤتمر ممثلون عن الطوارق، ومن المعهد الملكي المغاربي، ومن عرب الأهواز بإيران، والمعهد الملكي للأمازيغ، وممثلون عن الاممالمتحدة، إلى جانب نواب من المؤتمر الوطني العام وإعلاميين و ناشطين أمازيغ من كل أنحاء العالم. وقال علي أبو السعود عضو الكونجرس الأمازيغي العالمي عن ليبيا ورئيس لجنة ملتقى الإستحقاق الأمازيغي :"يعرب أغلب السياسيين الليبيين عن تضامنهم مع الأمازيغ، لكنهم في الواقع لا يترجمونه بمواقف صريحة وفاعلة ومفيدة للحركة الأمازيغية". وأكد أبو السعود أن خارطة طريق الحركة الأمازيغية هي المذكورة في البيان الختامي لملتقى الاستحقاق، "أي عدم الاعتراف بكل من لا يعترف باستحقاقاتنا الوطنية، فالدستور الذي سيكون محل إعتراف وتقديرنا هو الدستور الذي يعترف بنا وبكل الليبيين على قدم المساواة، نحميه ويحمينا، نذود عنه بأرواحنا". كما تم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" تحت عنوان "كلنا مع دسترة اللغة الأمازيغية الوطنية ك لغة رسمية في الدستور الليبي" من أجل اعتماد اللغة الأمازيغية في دستور ليبيا الجديد . ويلخص الناشط الاعلامي الأمازيغي أوسمان بن ساسي مطالب الأمازيغ في "الاعتراف بهم وبتاريخهم وحضارتهم كموروث ثقافي ليبي أصيل، وما من شيء يترجم هذا الاعتراف غير دسترة اللغة في دستور يمثل كل الفئات لاسيما بعد هذه الأعداد من الشهداء". ويضيف "دستور بدون دسترة الأمازيغية كلغة رسمية هو دستور لا يمثل كافة الليبيين بل هو دستور باطل لأنه ظلم فئة ولم يمثلها وأقصي جزء من النسيج الليبي، فالخيار الأصلح والآمن الوحيد هو الاعتراف ودسترة الأمازيغية في الدستور كلغة رسمية لا تقل عن اللغة العربية و تمثيل كل فئات المجتمع الليبي بدون انتقائية واستثناء.." ويرى الأمازيغ أن المؤتمر الوطني العام هو الأمل الأخير لهم، بعدما فشلت كل الحكومات المتعاقبة في التعاطي مع القضية الأمازيغية بإنصاف. "الرجال الأحرار" ويشكل الأمازيع (وتعني الرجال الأحرار) نحو 10 % من سكان ليبيا وهم يعيشون خصوصا في مرتفعات جبال غرب طرابلس أو في الجنوب الصحراوي مثل الطوارق. ويرجع الوجود الأمازيغي في ليبيا إلى الالف الرابع قبل الميلاد وكانت أول إشارة للوجود الامازيغي في ليبيا ابان العهد الفرعوني المبكر فقد تمت الإشارة إلى القبائل التي تقطن إلى الغرب من وادي النيل بالمشواش والليبو وكذلك عرف سكان أوجلة بالناسومسيون وكذلك اعتلى شيشنق ذو الاصول البربرية الليبية عرش مصر مكونا الاسرة الثالثة والعشرين وقد ذكر هيرودت أثناء زيارته ليبيا في القرن الرابع قبل الميلاد الاواجلة والطوارق والجرمنت. وبعد وصول الفتوحات الإسلامية لليبيا اعتنق أغلب الامازيغ في ليبيا الدين الإسلامي وناصروه وبدأت التركيبة الديموجرافية لليبيا بالتغير خلال القرن التاسع الميلادي مع وصول بنو هلال وبنو سليم مع الدولة الفاطمية. وحاليا يشكل الامازيغ الناطقين بالأمازيغية حوالي 15% من سكان ليبيا أغلبهم يقطن في جبل نفوسة، زوارة وغدامس إضافة إلى الطوارق والاواجلة ويتكلمون العربية إضافة إلى الامازيغية التي تختلف لهجاتها من مكان لآخر. ويرجع تواجد الأمازيغ في ليبيا إلى نحو 10000 عشرة آلاف سنة، أما العرب فهم موجودون منذ اقل من 1400 الف واربعمائة سنة. و أكّد الامازيغ مؤخراً على ان "الدستور الذي سيكون محل اعتراف و تقدير منا هو الدستور الذي يعترف بنا وكل الليبيين على قدم المساواة، وأن الدستور الذي يكون خلاف ذلك فلن يكون محل اعتراف من قبلنا، ولا شرعية له علينا، ولن تمثلنا أي مؤسسات سيادية تبنى عليه، ولن نمتثل لأي سلطات تستند إليه". وبما أن الدستور هو أهم أداة قانونية وسياسية واجتماعية في اى بلد، وبه تحفظ الحقوق وتعرف الواجبات والاختصاصات والمهام والمحظورات والصلاحيات، ويعد من أهم عوامل الاستقرار السياسي والاجتماعي والامنى فى اى بلد، فإن أمازيع ليبيا يحاولون اثبات حقوقهم وهويتهم من خلال هذا الدستور الجديد فهل سيستطيعون تحقيق ذلك ؟.