قالت "جيدري ساباسيفتشوتي" الباحثة في مركز الدراسات والوثائق الاقتصادية القانونية والاجتماعية (CEDEJ)، أنه بينما تشتعل الاشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المعزول محمد مرسي، تندلع المعارك العنيفة في شاشات التلفاز، ومواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر". أوضحت الباحثة في مقالة نشرتها مجلة "مفتاح" الإلكترونية المتخصصة في شئون الشرق الأوسط، إلى أن هناك إدانة واحدة موحدة وهي أن المؤيدين والمعارضين يميلون بطبيعة الحال إلى العنف والقتل، مضيفة أنه منذ عزل مرسي فإن الخطابات تدور بشأن كيفية وصول منظمة "الإخوان المسلمين" الإرهابية إلى ذروتها. وفي هذا الشأن، أشارت جيدري إلى قناة "سي بي سي" التي نشرت شعارًا تصف فيه أحداث "30 يونيو" بأنها "ضد الإرهاب"، وزعمت أن مليشيات الإخوان تقتل المصريين، مؤكدة على أنه بفضل هذه الخطابات الإعلامية تم استبعاد أعضاء الإخوان من المجتمع القومي المصري الأكبر وتحويلهم إلى "عدو أجنبي". نوهت الباحثة إلى أن الخبراء السياسيين والنشطاء والممثلين والمثقفين المعروفين بالانفتاح الذهني مثل علاء الأسواني أكدوا أن الإخوان "منظمة إرهابية يجب منعها من المشاركة في اللعبة السياسية". وأضافت جيدري أن تجريد مؤيدي مرسي من الإنسانية أثار دعوات روتينية الآن ل "تطهير" مصر من "بذاءة" الإسلاميين، مشيرة إلى أن هذا الخطاب بالإضافة إلى مُسمى "الإرهابي" تم استخدامه لتبرير العنف ضد مؤيدي الإخوان سوى عدد قليل يبدو أنهم يشعرون بالذعر من قبل هذه الروايات. وأصبحت الأوضاع الآن أنه إذا قام المؤيدون بالهجوم على المدنيين أو القوات المسلحة فذلك لأنهم إرهابيون، وفي المقابل إذا تم الهجوم على المؤيدين قذلك لأنهم إرهابيون أيضًا ويجب سحقهم على نحو استباقي. كما قالت الباحثة أن التشكيك في خطاب "الإسلاميون إرهابيون" ربما يتم النظر إليه كمحاولة لإبعاد ونفي أعمال العنف التي أرتكبها مؤيدي مرسي خلال الأسبوع الماضي والانحياز لطرف في المعركة الجارية بين الروايات المتنافسة، ولكن من المسلم به أن الروايات غير منفصلة عن الواقع العملي الذي يغذي هذه الخطابات. ولكن في الوقت ذاته، لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك حربًا إعلامية عنيفة للغاية اليوم في مصر يسعى كلا الجانبان فيها لاحتكار الحقيقة، فكلاهما يستخدم القصص الإخبارية ذاتها ويعيد استخدامها بشكل مبتكر لتصوير أعداءه كأوغاد، في إشارة إلى أنه يتم إعادة تسمية أشرطة الفيديو وإعادة نشرها مع تحويل هوية المعتدين والضحايا. وأضافت الباحثة إلى أن الغريب هو أنه يجرى الآن إعادة قراءة أحداث الماضي القريب في ضوء الروايات المهيمنة الحالية، وهذا يتضمن إعادة كتابة ثورة يناير 2011 لإعفاء القطاع الأمني من الإثم وإلقاء اللوم على جماعة الإخوان بشأن الوفيات المتعددة أثناء تلك الأحداث. كما أكدت جيدري على أن الاتهامات الموجهة ضد الإخوان بشأن الهجمات التي يزعم ارتكابها ضد قوات الأمن أثناء الثورة هي محاولة واضحة لخلق فقدان الذاكرة الجماعي حول أهداف الثورة الأولي والتي كانت موجهة ضد وحشية الشرطة، مستطردة أن المعركة بشان "الحقيقة" يتم توسيعها بدون حدود مما يخلق حالة من فقدان الذاكرة، ويتم حجب الواقع من قبل الشائعات والرموز السياسية. وأشارت الباحثة إلى أن هذه الخرافات والأساطير السياسية بإمكانها أن تكون مدمرة، خاصة عندما تكون موجهة إلى جماعة تعد جزءًا لا يتجزأ من المجتمع المصري، مضيفة أن ربط الإخوان بالإرهاب ليست دعوة من الوسائل الإعلامية المعادية لمرسي وإنما تشكل عودة للخطاب القديم المعادي للجماعة المنشور من قبل نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. كما قالت جيدري أن الدعوات المنادية باستخدام العنف من أجل تجنب العنف محكومة في النهاية بخلق حلقة مفرغة، ومع تكرار الروايات مع السياسات الاقصائية تتحول إلى نبوءة ومن ثم إلى حقيقة واقعية. في النهاية أشارت الباحثة إلى أن الجميع يتنبأ باندلاع حرب أهلية في مصر، وعلى المدى الطويل فإن قمع أنصار الإخوان قد لا يكبح العنف، كما أن الجماعة تنظر لقتلى أحداث الحرس الجمهوري كضحايا أبرياء تم ذبحهم بوحشية من قبل الجيش. واختتمت جيدري بقولها أنه من المرجح أن يتم ذكر أسماء الشهداء لفترة طويلة مما يغرس مشاعر الظلم لدى الجيل الجديد من أعضاء جماعة الإخوان الذين قد يكونوا على استعداد للانتقام.