خطى الشباب التونسي على خطى الشباب المصري و أعلنت حركة تونسية أطلقت على نفسها "تمرد التونسية" اليوم الأربعاء أنها نجحت حتى الآن في جمع آلاف التوقيعات، تمهيدا لاحتجاجات شعبية تهدف لإسقاط المجلس التأسيسي التونسي وتصحيح مسار الثورة. وقالت الحركة -التي أعلنت عن نفسها في الأسابيع الأخيرة تيمنا ب"تمرد" المصرية، في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس- إن هدفها الأساسي هو إسقاط المجلس الوطني التأسيسي الذي أنتخب في أكتوبر عام 2011 عقب الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. الإلهام المصري وقال الناطق باسم حركة "تمرد" محمد بنور لوكالة الأنباء الألمانية "إن الحركة مدنية شعبية وسلمية ومستقلة عن كل الأحزاب السياسية وهي مستوحاة من تمرد المصرية، والهدف منها تصحيح وتطهير الثورة التي سرقتها الأحزاب المتواطئة وأحزاب الائتلاف الحاكم". وتعمل الحركة الوليدة منذ أكثر من أسبوع على جمع التوقيعات من مختلف المحافظات ضد المجلس التأسيسي والدستور الجديد والحكومة المؤقتة الحالية. وأوضح بنور أنهم جمعوا أكثر من مائتي ألف توقيع من عدة محافظات من بينها أكثر من 25 ألفا من العاصمة. وقالت الحركة في المؤتمر الصحفي إنه يجري الإعداد لحراك شعبي على الميدان ينطلق من المناطق الفقيرة والمهمشة باتجاه المدن المركزية، لكنها لم توضح متى سيتم ذلك وبأي طريقة. واكتفى بنور بالقول "إن لدينا خارطة طريق للتحرك الشعبي والميداني وحددنا التوقيت المناسب لذلك ولكننا نحتفظ بسرية تحركنا في المرحلة المقبلة". ومن جانبه استبعد رئيس الحكومة التونسية علي العريض، الذي ينتمي لحركة النهضة الإسلامية، في حوار مع قناة فرانس24 انتقال احتجاجات المصريين ضد حكم الإخوان إلى تونس، مشيرا إلى أن الوضع السياسي في تونس أكثر توافقا وشراكة. من جهته حذر بعض السياسيين من أن تونس يمكن أن تشهد نفس أحداث مصر، إذ قال النائب المعارض هشام حسني إن سيطرة الإسلاميين على كل مفاصل الدولة تجعل السيناريو المصري غير بعيد. أما زعيم تيار المحبة المعارضة الهامشي الحامدي فحذر حركة النهضة الحاكمة في تونس من أن الشعب سينهي حكم الإخوان في مصر اليوم وفي تونس غدا. سيناريو لن يتكرر في المقابل استبعد زعيم "حركة النهضة الإسلامية" الحزب الحاكم في تونس راشد الغنوشي أن يتكرر السيناريو الذي شهدته مصر في بلاده بعد أن عزل الجيش الأربعاء الرئيس محمد مرسي. وفي حديث نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الخميس قال راشد الغنوشي أن "بعض الشباب الحالم يمكن أن يظن أنه يستطيع أن ينقل ما يقع في مصر لتونس، ولكن هذا إضاعة للجهود، وما اعتبره القياس مع وجود الفارق". وأكد الغنوشي: "قدمنا تنازلات من أجل تجنب الاستقطاب الأيديولوجي، وتحقيق التوافق. واعتمدنا إستراتيجية جدية توافقية، ولا سيما بين التيارين الإسلامي والحداثي، وهو ما جنب بلادنا سيئات ومخاطر الانقسام" مؤكدا "تجنبنا تقسيم البلاد لتسميات مثل (مؤمنين وكافرين)". وأطلقت حركة "تمرد" في تونس حملة تهدف الإطاحة بالمجلس الوطني التأسيسي، وذلك اقتداء بحركة تمرد المصرية التي دعت إلى التظاهرات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها. لكن زعيم "حركة النهضة" استبعد السيناريو المصري، مؤكدا أن هناك فرقا بين الجيش التونسي و"عسكر مصر" اذ ان "مصر حكمت ل60 سنة بالعسكر، ونحن جيشنا الوطني ظل بعيدا عن السياسة، ولذلك نحن نكبر في جيشنا الوطني التزامه الصارم بالمهنية التي تعني حراسة الأمن الوطني للبلد والقومي، بعيدا عن أي تدخل في الشؤون السياسية ونترحم على شهدائه وندعو لشفاء جرحاه". والأجواء متوترة في تونس حيث بدا هذا الأسبوع نقاش حول الدستور في المجلس الوطني التأسيسي؛ وتشهد تونس أزمات سياسية واجتماعية وتصاعد التيارات السلفية. حرية التعبير وعلى جانب أخر دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى الضغط على الحكومة التونسية لحماية حرية التعبير، و ذلك على هامش زيارة له يؤديها إلى تونس يومي 4 و5 يوليو/ تموز الحالي. وقالت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان في بيان لها صدر اليوم الأربعاء، إنه "على الرئيس الفرنسي أن يستخدم تأثير فرنسا باعتبارها شريكا اقتصاديا رئيسيا وحليفا استراتيجيا، للضغط على تونس لحماية حرية التعبير وذلك بعد محاكمات مثيرة للجدل شملت مغني راب وناشطات منظمة "فيمن" وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي". كما اعتبرت أنه "في هذا العهد الجديد لتونس يجب ألا يتعرض أحد للملاحقة بسبب تعبيره عن رأي مخالف للرأي السائد على المستوى السياسي والديني والثقافي". وكانت "هيومن رايتس ووتش" قد عبرت أوائل الشهر الماضي، عن تخوفها من احتواء مشروع الدستور التونسي الجديد على قيود على الحريات، كما أنه ينص على استثناءات بشأن استقلال القضاء. محاكمة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وقالت المنظمة إنها وجهت رسالة إلى نواب المجلس التأسيسي التونسي "لتحثهم على تعديل بعض البنود في مشروع الدستور الجديد، والتي قد تطال حقوق الإنسان وخصوصا من خلال صيغة غامضة للقيود المفروضة على الحريات وقلة الضمانات حول استقلال القضاء". ويرى مراقبون أن وضعية حرية التعبير وحقوق الإنسان في العموم قد تدهورت منذ وصول حركة النهضة الإسلامية وحلفائها إلى السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2011، وذلك ما أكدته تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية خلال سنة 2012، منها ما صدر عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبعضها الآخر عن اللجنة العربية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية. يشار إلى أن محاكمات عديدة كانت قد طالت في الآونة الأخيرة نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ومدونين وصحفيين انتقدوا عمل الحكومة أو أجهزتها الرسمية، ومنهم من مثل أمام القضاء العسكري كالمدون حكيم غانمي منتصف يونيو الماضي، بعد مقال نشره على الإنترنت انتقد فيه سير العمل الإداري في إحدى المستشفيات العسكرية. في ذات السياق قضت محكمة تونسية بسجن مغني الراب "ولد الكانز" واسمه الحقيقي علاء اليعقوبي ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ، بسبب أغنية معادية للشرطة كان قد نشرها على شبكة "يوتيوب" وأثارت سخط الشرطة. فتيل الربيع العربي وجدير بالذكر أن الثورة التونسية هي من أشعلت فتيل ثورات الربيع العربي في مصر وسوريا واليمن، حيث اندلعت أحداثها في 17 ديسمبر 2010 تضامنًا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي قام بإضرام النار في جسده في نفس اليوم تعبيرًا عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها من قبل الشرطية فادية حمدي "وقد توفي البوعزيزي يوم الثلاثاء الموافق 4 يناير 2011 في مستشفى بن عروس أطلق عليه إسمه بعد ذلك و هو مستشفى محمد البوعزيزي بسبب حروقه البالغة". أدى ذلك إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010 وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم. ونتج عن هذه المظاهرات التي شملت مدن عديدة في تونس عن سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، وأجبرت الرئيس زين العابدين بن علي على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بحلها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014. كما تم بعد خطابه فتح المواقع المحجوبة في تونس كاليوتيوب بعد 5 سنوات من الحجب، بالإضافة إلى تخفيض أسعار بعض المنتجات الغذائية تخفيضاً طفيفاً. لكن الاحتجاجات توسعت وازدادت شدتها حتى وصلت إلى المباني الحكومية مما أجبر الرئيس بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بشكل مفاجئ بحماية أمنية ليبية إلى السعودية يوم الجمعة 14 يناير 2011. وأعلن الوزير الأول محمد الغنوشي في نفس اليوم عن توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة وذلك بسبب تعثر أداء الرئيس لمهامه وذلك حسب الفصل 56 من الدستور، مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول. وقرر المجلس الدستوري بعد ذلك بيوم اللجوء للفصل 57 من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناءً على ذلك أعلن في يوم السبت 15 يناير 2011 عن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يومًا، وشكلت الثورة التونسية المفجر الرئيسي لسلسلة من الاحتجاجات والثورات في عدد من الدول العربية.