في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب المصري 30 يونيو بالكثير من القلق والتوتر جاء خطاب الرئيس محمد مرسي مساء أمس الأربعاء وهو الأطول منذ توليه الرئاسة قبل عام ، والذي استمر لساعتين ونصف والذي عرض فيها كشف حساب عن مرور سنة منذ توليه الحكم ، ليزيد غضب الكثير من المواطنين لعدم خروجهم بحلول جديه للازمات التي تعيشها مصر في الوقت الراهن رغم اعتراف الرئيس بتلك الأزمات خلال خطابه . فعلى مدار أكثر من ساعتين استخدم الرئيس لغة التهديد والوعيد ، ففي الوقت الذي أنهى فيه الخطاب محاولاً توصيل رسالة طمأنة يبدو أن تلك الطمأنة لم تصل إلى الكثيرين، فقد شهدت عدة محافظات عقب خطاب "كشف الحساب" مظاهرات ومسيرات مساء الأربعاء، رفضاً لما جاء في الخطاب وطالبوا بانتخابات رئاسية مبكرة. وتباينت ردود الافعال حول هذا الخطاب فبالطبع جاء هذا الخطاب مرضياً لجماعة الاخوان المسلمين ، في الوقت الذي زاد فيه الخطاب من حالة الاحتقان والغليان التي تسيطر على الشارع المصري سواء بين المعارضة أو المواطن البسيط التي تتلخص كل أماله في الحصول على قوت يومه . كما أثار غضب بعض الشخصيات العامة وبعض رجال الاعمال التي ذكرها بالاسم موجهاً إليهم الكثير من الاتهامات خلال الخطاب . ورأت الكثير من القوى الثورية ان خطاب مرسي كان محاولة فاشلة لتهدئة الشارع قبل 30 يونيو واستغلال الأحداث لقمع المتظاهرين وتمكين جماعة الإخوان ، معتبرة أنه ساعد على الحشد أكثر لتظاهرات 30 يونيو وأبرز عجز وفشل نظامه. مشاهد بالذاكرة وأعاد خطاب الامس إلى الاذهان مشاهد رأيناها منذ أكثر من عامين بميدان التحرير وكأن عصر الرئيس السابق حسني مبارك لم ينتهي بعد مع اختلاف اسم الرئيس فقط . ورفع المتظاهرون في ميدان التحرير "الأحذية والكروت الحمراء" رداً على الخطاب تلك المشاهد العالقة بالذاكرة من ثورة يناير تظهر مرةً أخرى. وردد المتظاهرون هتافات "الشعب يريد إسقاط النظام"، "اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام"، "إرحل إرحل"، "يسقط يسقط حكم المرشد". وانطلق المتظاهرون في مسيرات بميدان التحرير واصفين الخطاب بالضعيف، وسيؤدي لنزول الشعب في «30 يونيو». وأعرب آلاف المتظاهرين المحتشدين بميدان التحرير عن رفضهم لما جاء في خطاب الرئيس محمد مرسي الذي ألقاه مساء الأربعاء، بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر. وبمجرد بدء الخطاب ارتفع هتاف آلاف المتظاهرين الذين احتشدوا في الميدان للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بالإضافة إلى هتافات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين ومرشدها العام الدكتور محمد بديع. ورفع المتظاهرون كروتًا حمراء للمطالبة برحيل النظام فيما رفع البعض أحذيتهم تعبيرًا عن رفضهم لما جاء في الخطاب، فيما انتشرت في أرجاء الميدان لافتات تحمل كلمة "إرحل". وأشعل بعض المتظاهرين شماريخ وألعابًا نارية خلال إلقاء الخطاب. وفور انتهاء الخطاب أعلن عدد من المتظاهرين اعتصامهم في الميدان استعدادا للمظاهرات المرتقبة يوم 30 يونيو الجاري. مثير للسخرية ووصف بعض المحللين الخطاب بأنه مثير للسخرية، وقال اللواء حمدي بخيت المحلل الإستيراتيجي والعسكري أن الكلمات لم تأتي بالحساسية المطلوبة لصعوبة الموقف وتأزمه، في إشارة إلى الإرتجال الذي قام به الرئيس مرسي خلال خطابه . وتساءل خلال مداخلة هاتفية له في برنامج «صباح أون» على فضائية «أون تي في»، عن شخصية كاتب الخطاب، موضحًا في الوقت ذاته أن الأمريكان هم من علموا الإخوان المسلمين كيفية تنظيم حرب المعلومات والحروب النفسية، في إشارة للإعلان عن خطاب الرئيس مرسي قبل إذاعته بيومين مما أعطى مجالا لنشر الشائعات والأكاذيب. وردًا على سوال حول تكرار الرئيس بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، أكد أنه كيف يسمح بكونه قائداً أعلى بكل هذه الإهانات الموجهة إلى الجيش، مؤكدا أن القوات المسلحة لا تحتاج لدعم من أحد أو تأييد من أي شخص. الطريق الصحيح كما علق محمود بدر مؤسس حملة "تمرد" على خطاب الرئيس محمد مرسى من على منصة التحرير، قائلا: "هذا الخطاب يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح، فاليوم بعد نجاح حملة «تمرد» يأتى مرسى ليقول أنه سيشكل لجنة للنظر فى المواد المعترض عليها فى الدستور ونحن نرد عليه ونقول له «فات الميعاد»". وأضاف بدر: "أى قوى سياسية ستفاوض أو تجرى حوار عن أى شىء غير الإنتخابات الرئاسية المبكرة لا تمثلنا". ومن جانبه سخر رئيس حزب مصر القوية، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من خطاب الرئيس محمد مرسي أمس ، واصفاً إياه بالركيك الذي يزيد من الأزمة السياسية بالبلاد. وذكر أبو الفتوح في تغريده عبر صفحته بموقع التدوينات القصيرة «تويتر» بأن خطاب مرسي يدفع الشعب للنزول بأعداد كبيرة في مظاهرات 30 يونيو، قائلاً بسخرية أن خطاب الرئيس ذكره بانجازات مبارك. نهاية مرسي كما وصف الكاتب والروائي علاء الأسواني خطاب الرئيس بالأمس بالبائس والتعيس، لافتًا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تعيش في عالم افتراضي بعيد عن الواقع و أن 30 يونيو الجاري سيكون نهاية الرئيس مرسي على حد قوله. وقال الأسواني في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) اليوم الخميس :" في هذا الخطاب البائس يحاول مرسي تصوير أزمته مع الشعب على أنها مجرد صراع مع الفلول . يا مرسي كل هذا لن ينفعك انت فقدت شرعيتك . سوف ترحل وستحاكم، خطاب مرسي التعيس يؤكد أن الاخوان يعيشون في عالم افتراضي بعيد عن الواقع تماماً . هل 16 مليون مصري وقعوا تمرد بلطجية وفلول.30 يونيو نهاية مرسي". وأضاف الكاتب والروائي :" مع احترامي لأنصار شفيق أرجو أن يتفهموا أنَّ زعيمهم لم يكن اختيارًا ممكنًا لكل من اشترك في الثورة .لا يمكن لمن ثار ضد مبارك أن ينتخب مبارك آخر . لم انتخب مرسي وقاطعت ولكن إذا كانت مواجهتي مع شفيق قد أدت إلى سقوطه فأنا فخور بذلك. شفيق هو مبارك ولو واجهت شفيق اليوم سأفعل نفس ما فعلته". وأوضح علاء الأسواني أن الثورة كما يعرفها ضد استبداد جماعة الإخوان المسلمين وجرائم المجلس العسكري وفلول نظام مبارك، مضيفًا "يوم 30 يونيو سنسقط حكم الإخوان ولكن ليس لحساب نظام مبارك". خطاب كارثي ووصف عوض محمد أحمد عمدة إحدى قرى الصعيد خطاب مرسي "بالكارثي ويعني أنه إذا لم تنجح ثورة 30 يونيو فإنه سيعلق لنا المشانق في الساحات العامة فهو يحمل تهديدا صريحا باللجوء إلى المحاكم العسكرية إذا لم يفلح القضاء العادي في معاقبة معارضيه". وأضاف ل"سكاي نيوز" عربية :"مشهد مؤيديه الذين يصفقون له بعد هذا التهديد وصراخهم قائلين له ربيهم يا ريس، أشعرني أنها إشارة منه لهم بأخذ الحق بأيديهم من معارضيه تماما كما تم قتل أربعة من أبناء الطائفة الشيعية المصريين هذا الأسبوع بعد خطبته التي نادى فيها بالجهاد في سوريا وهاجم فيها حزب الله". وأسف أن الرئيس "لم يشر حتى إلى هذه الحادثة ناهيك عن إدانتها" وهو ما يعني، في رأيه "أنه لا يبالي سوى بجماعة الإخوان المسلمين" التي ينتمي إليها. وقال "هل نسى مرسي أن الإخوان المسلمين كانوا من ضحايا المحاكم العسكرية التي لجأ إليها (الرئيس السابق حسني) مبارك لوضعهم في المعتقلات، أم أنه يستخدم الاضطهاد للتباكي على أهله وعشيرته ويوقع الظلم على من لا ينتمون له مثلما يفعل الإسرائيليون مع الفلسطينيين؟". مقاضاة الرئيس ومن الاسماء التي ذكرها مرسي خلال الخطاب ووجه لها اتهامات محمد الأمين مالك قنوات "سي بي سي" والذي قال إنه علم بمنعه من السفر ضمن قائمة أسماء تم إرسالها للمطار، وإنه عندما سأل عن السبب قيل إنها قضية ضرائب، وأكد الأمين أنه لن يغادر مصر، ولا يخشى ما يمكن أن يحدث له، حتى لو وصل إلى حد القتل، على حد قوله. وأضاف الأمين - فى مداخلة مع الإعلامى خيرى رمضان فى برنامج ممكن على قناة سي بي سي- أنه يسكن فى منطقة شعبية، وأن من يحميه هم شباب المنطقة التى يعيش فيها، والذين تربطهم به علاقات ممتازة. وتابع الأمين أنه رفع أسوار منزله كما قال الرئيس محمد مرسى بعدما لاحظ أن هناك مجموعة قامت بتصوير منزله من الخارج، وإن أسوار الاتحادية تم رفعها تماما كما حدث عند مكتب الإرشاد. وقال الأمين: طوال أربعة أشهر كان هناك تعمد لتلفيق أى تهم لى ولم يفلحوا فى إيجاد أى مخالفات، ولا أمتلك أى من المؤسسات فى مصر، وأنا باق فى مصر ولن أغادرها، ولو كنت أرغب فى السفر لخرجت منذ فترة. وأضاف الأمين، ردا على اتهامات الدكتور محمد مرسى له وللدكتور أحمد بهجت بأنهم يدفعون الإعلاميين لمهاجمة الرئيس وأعماله، أنه لم يتدخل أبدا فى توجيه أى إعلامى وطلب من خيرى رمضان عدم الانفعال وأن يعمل فى هدوء لأن البلد محتاجه له ولزملائه، على حد قوله. وشدد الأمين على أنه وكل محاميه الدكتور محمد حمودة المحامى بالنقض، لمقاضاة الرئيس مرسى على الاتهامات التى ساقها خلال خطابه بلا دليل، على حد قوله. كما أعلن ممدوح فودة عضو مجلس الشعب السابق، عن الحزب الوطني المنحل، والذي اتهمه الرئيس محمد مرسي في خطابه بالبلطجة ، انه سيقاضي الرئيس أيضاً ، وقال :"إن المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، كان من رجالته وقتما كان معيدًا في كلية الهندسة جامعة المنصورة". وقال فودة في مُداخلة هاتفية لبرنامج "العاشرة مساءً"، على قناة دريم، مساء الأربعاء، "البلطجة عند مرسي مش عندي، أنا تاريخ، ممدوح فودة وقف قدام السادات ورفض كامب ديفيد، والشعب بيشيلني على اكتافه للبرلمان". وأعلن فودة أنه سيتقدم ببلاغات ضد الرئيس محمد مرسي، صباح الخميس، قائلاً: "ممدوح فودة بكرة الصبح هيقدم بلاغ، لإن ممدوح فودة اسم له تاريخ، ولازم أحافظ على اسمي، وكل شعب المنصورة هيكون ورايا في رفع القضايا". لغة تصالحية ورغم الانتقادات الكثيرة التي وجهت للخطاب رأي الدكتور أمير بسام عضو مجلس الشورى وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، إن خطاب الرئيس محمد مرسي نوع من المكاشفة والمصارحة للشعب المصري. وأضاف بسام، خلال حواره مع الإعلامي محمود الورواري ببرنامج الحدث المصري عبر شاشة العربية الحدث، مساء الأربعاء، أن الرئيس كشف أمام الجميع بعض الأسماء من رموز النظام السابق التي تدعي أنها تنتمي للثوار. وأكد عضو مجلس الشورى، أن خطاب الرئيس لا يزيد من حالة الاحتقان بالشارع، مشيراً إلى أن لغة الخطاب تصالحية تضمنت بعض الطمأنة لشعب. كم طالب الإعلامي والناقد الرياضي الدكتور علاء صادق الرئيس مرسي باستخدام الحزم والقانون لإعادة مصر للطريق الصحيح، مشيرا إلي أن البلاد عانت من الفوضي و البلطجة. وأضاف صادق خلال تغريدات له على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»: "كنت أتمنى أن يطلع مرسي شعبه على الإجراءات المزمع اتخاذها في 30 يونيو ضد المسلحين والبلطجية ومثيري الشغب والفوضى، مصر تحتاج أبناءها وأموالها". وتابع: "لو كان خطاب مرسي أمس هو أول خطاباته على صعيد الوضوح والتحديد والحزم لكان له ولنا شأن أخر الآن، للأسف صبره الزائد اخرج عقارب مسمومة من جحورها". وكتبت خديجة كريمة خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الاخوان المسلمين قصيدة شعرية قصيرة علي حسابها الشخصي بموقع فيسبوك لتعبر بها عن حزنها بعد خطاب الرئيس محمد مرسي علي وجود الفساد وانتشار المكائد والمؤامرات في البلاد. وبالاضافة لرسائل التهديد التي حملها الخطاب أعلن الرئيس 7 قرارات خلال خطابه منها تكليف وزير الداخلية بتشكيل وحدة خاصة لكافحة البلطجة وأعمال الشغب للحفاظ على ممتلكات والأرواح، وتشكيل لجنة مستقلة لإجراء التعديلات الدستورية المقترحة، من كافة الأحزاب التي تختار رئيساً من بينها، لجمع التعديلات الدستورية وتقديمها كقترح من الرئيس للبرلمان. كما أعلن الرئيس تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية تتعمل على اعداد الاجراءات التي تعمل على المصالحة بين جهات الدولة المختلفة، والتوافق على محاور العمل الوطني الفترة المقبلة بما يعلي مصلحة الوطن، كما كلف أيضاً الوزراء والمحافظين بإقالة كافة المتسببين في الأزمات التي تتعرض لها المواطنين خلال اسبوع. وتضمنت قرارات الرئيس سحب تراخيص كافة محطات البنزين التي امتنعت عن استلام المنتج او توزيع حصتها على المواطنين، وتكليف وزارة التموين بإستلام محطات الوقود التي تمتنع عن آداء مهمتها، وإلزام المحافظين بتعيين مساعدين لهم من الشباب فيما لا يزيد سنه عن 40 سنة خلال 4 أسابيع من الآن.