عندما ظهرت حركة شباب 6 أبريل على الساحة السياسية كحركة مصرية معارضة في عام 2008 اكتسبت تعاطفاً من قبل شريحة واسعة في المجتمع المصري كونها حركة أسسها شباب مصري بعيدا عن الأحزاب منتهية الصلاحية –آنذاك- وكانت مطالبهم تتلخص في الإصلاح السياسي المعقول بأسلوب مؤدب ومعقول في ظل نظام كان حكمه مؤسس على اللامعقول. وساهم نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في بلورة هذه الحركة وجعلها مرتبطة بالنضال الوطني، من خلال القمع الأمني الذي مارسه على أعضاءها، لاسيما بعد الإضرابات المتتالية التي دعت إليها الحركة والتي دائما ما كانت تجد لها صدى في الشارع المصري . لا أحد ينكر دور الحركة على الساحة السياسية وخصوصا إبان ثورة 25 يناير من خلال حشدها الجماهير عبر "منبرها الرسمي وهو موقع "فيس بوك"، ومعظمنا يتفق مع مطالب الإصلاح والتغيير المعقولة التي تنادي بها الحركة منذ تأسيسها، وإن اختلف أسلوب المطالبة. وكان نجاح ثورة 25 يناير نقطة فارقة في رسم السياسة الجديدة للحركة البالغة من العمر 3 سنوات، فتغيرت أساليب ومطالب الحركة لتنتقل من أسلوب المطالبة بالإصلاح السياسي والتغيير المعقول وبأسلوب مؤدب ومعقول (أيام المخلوع اللامعقول)، إلى أسلوب التغيير الجذري السريع اللامعقول بأسلوب غير مؤدب ولا معقول في ظل حكومة انتقالية ومجلس عسكري يحاولا أن ينفذا سياسة المعقول. وصلت مطالب الحركة ومعها بعض النشطاء والحركات والإئتلافات الأخرى إلى حد المطالبة بعزل المشير طنطاوي والتشكيك في وطنية المجلس العسكري برمته، تحت شعار ساذج وسخيف وهو أن القوات المسلحة شيء والمجلس العسكري شيء آخر، ونسوا أو تناسوا انحياز قادة المجلس العسكري الحاليين إلى مطالب الشعب متمثلا في الثوار. ولم يقف الأمر عند هذا الحد ولكن تغير أسلوب معظم شباب ونشطاء الحركة في المطالبة وأخذ منحى آخر فتبنى الشتائم وألفاظ السب والقذف والتعدي على قيادات في المجلس العسكري واستحداث شعارات مستفزة لمخاطبته. ظهر هذا الأسلوب للحركة ومن على خطاها جلياً في تصريحات العضو -المنشقة مؤخرا- أسماء محفوظ خلال أحداث ما سميت بموقعة "العباسية" 23 يوليو الماضي وقيامها بسب المشير طنطاوي واللواء حسن الرويني؛ منذ ذلك الحين تزايدت لهجة السب والشتائم وأصبحت عنصرا مكون هام في عبارات وتعليقات شباب الحركة وبعض الائتلافات والنشطاء خلال اعتراضهم على سياسة المجلس العسكري في البلاد خلال المرحلة الانتقالية. سوف تحزن وتتألم مثلي عندما تقرأ تعليقات أعضاء حركة 6 أبريل بصفة خاصة وكثير ممن ينتمون لحركات السياسية وبعض النشطاء على بيانات المجلس العسكري على موقع "فيس بوك"، أو على حساباتهم الخاصة على موقعي "فيس بوك" و"تويتر" لما تحتويه هذه التعليقات من شتائم بذيئة وسفالة غير معهودة على أخلاق الشعب المصري. وسوف تندهش أكثر لو سمعت مداخلة للناشطة أسماء محفوظ مع الإعلامي وائل الابراشي في برنامج "الحقيقة" على قناة دريم الفضائية - تحديدا حلقة أمس الاثنين 3 أكتوبر- عندما سألها الابراشي لماذا يلجأ الشباب لمثل هذه الألفاظ والشتائم والسب والتعليقات المستفزة واللافتات المكتوب عليها عبارات غير لائقة في المطالبة بحقوق الشهداء والذين يتم محاكمتهم عسكريا؛ فكان ردها أنها قالت: " إنه يجب التماس العذر لهؤلاء الشباب فهم يطالبون بأسلوب مؤدب ومهذب منذ فترة بحقوقهم السياسية وحقوق الشهداء ولا أحد يسأل فيهم".!! من خلال كلام أسماء محفوظ الأخير يتأكد لنا جميعا أن حركة 6 أبريل ومعها بعض النشطاء قد اعتمدوا أسلوب التهجم والسب والقذف والشتائم والشعارات المستفزة كأسلوب جديد لمخاطبة المجلس العسكري وحكومة شرف. ويرجع ذلك في اعتقادي إلى التلميع الإعلامي الزائد للحركة ومن على خطاها من النشطاء والائتلافات، وعدم جرأة أي إعلامي أو صحفي توجيه لوم أو نقد لسياسة أو أسلوب عمل هذه الحركة والائتلافات هو السبب الرئيسي أن تعتقد تلك الحركات والائتلافات أنهم فوق القانون والدستور وأنهم هم الدولة نفسها. وبالنظر إلى أسلوب أداء عمل حركة 6 أبريل وبعض الحركات وما يسمون النشطاء في عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأسلوب أدائهم حالياً ينطبق عليهم قول أبو الطيب المتنبي: "إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا"