دخلت أزمة اسطوانات الغاز في سوريا عامها الثاني لتضاف إلى العديد من الأزمات الأخرى من خبز وكهرباء وبنزين ومرور ومازوت .. بالإضافة إلى الأزمة السياسية الطاحنة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من خمسة وعشرين شهرا. ومع اشتداد أزمة اسطوانات الغاز اختفت الطوابير الطويلة التي كانت تصطف أمام مراكز توزيع الغاز في انتظار أسطوانة حيث علقت جميع مراكز التوزيع لافتة واحدة "لا يوجد غاز" ، فيما انتشرت الاسطوانات في السوق السوداء بأكثر من خمسة أضعاف سعرها الرسمي. أزمة مفتعلة وعلى الرغم من عشرات التصريحات من المسئولين السوريين الذين يؤكدون أن الأزمة مفتعلة وأن كميات الغاز التي ترسلها وزارة البترول إلى المحافظات تكفى احتياجات السكان الا أنه لم تظهر حتى الآن أى بوادر لحل الأزمة وإن كانت المؤشرات تؤكد زيادة حدة الأزمة في المستقبل القريب. وبدأت أزمة الغاز قبل قرابة عامين عندما قررت الحكومة رفع سعر الاسطوانة من 250 إلى 400 ليرة "من 25 الى 40 جنيها مصريا" ، حيث اختفت الاسطوانات من مراكز التوزيع لكنها ظهرت بوفرة فى السوق السوداء وبدأ سعرها بالارتفاع خاصة مع ازدياد الاشتباكات على أطراف دمشق وصعوبة توصيل الاسطوانات الى العاصمة السورية فقلت الكميات المعروضة حتى منطقة "تلكل" حيث السوق السوداء وبطبيعة الحال بدأ السعر بالارتفاع ليصل إلى 3500 ليرة "حوالى 350 جنيها" في السوق السوداء. وأرجع المسئولون السوريون أزمة الغاز لاشتداد الطلب عليه أكثر من الحاجة وسعي البعض لتخزين العديد من اسطوانات الغاز ، وأشاروا إلى أن مادة الغاز متوافرة على المستوى الاستراتيجي والكميات المتاحة أكبر مقارنة بالعام الماضي بنسب عالية جدا وبعض المحافظات تجاوزت نسبة 40 في المائة زيادة في سحبها للاسطوانات خلال الشهرين الماضي والحالي عن نفس الفترة من العام الماضي ولكن لا يمكن تلبية احتياجات الناس في لحظة واحدة مهما كانت الخطط الموضوعة .. ودعوا المواطنين إلى أخذ حاجاتهم فقط دون التخزين. رفع الأسعار وقامت الحكومة السورية أمس الأربعاء برفع سعر اسطوانة الغاز رسميا إلى 1000 ليرة .. وهو الأمر الذي أثار موجة من الغضب والتساؤلات حول السعر الذي يمكن أن تصل إليه الاسطوانة فى السوق السوداء فقد كانت تباع بأكثر من 8 أضعاف سعرها قبل زيادة السعر فهل ستظل نفس النسبة فى الزيادة أم أن الحكومة السورية ستقوم بدورها في توفير الاسطوانات بالسعر الجديد. وتقول أم روان ربة منزل لمراسل وكالة أنباء الشرق الاوسط في دمشق أنها من سكان حي الصالحية ومن المفترض أن تحصل بموجب البطاقة العائلية على اسطوانة كل شهر بالسعر الرسمي الا أنها وعلى مدى 8 شهور لا تستطيع الحصول عليها ، ودائما ما يخبرها مركز التوزيع بعدم وجود اسطوانات وتضطر لشرائها من السوق السوداء بقرابة الثلاثة آلاف ليرة . وتتساءل "إذا كانت مراكز التوزيع تخلو من الاسطوانات ويؤكد الموزعون أنها لا تصلهم فكيف تتوفر في السوق السوداء" . بدوره طالب احد المواطنين طلب عدم ذكر اسمه الحكومة بالتوقف عن إلقاء اللوم على المواطنين ، حيث من الطبيعي أن يتجهوا لتخزين أسطوانات الغاز بعد ارتفاع سعر الاسطوانة إلى 3000 ليرة بالسوق السوداء فى حين أن سعرها الرسمي 450 ليرة قبل رفع أمس إلى 1000 ليرة ، وبالطبع سوف يتضاعف سعرها بالسوق السوداء أي ان المواطن السوري سينفق نصف راتبه لشراء أسطوانة غاز. وقال إن المشكلة ليست زيادة طلب بقدر ما أنها نقص عرض حيث وعد المسئولون بحل مشكلة الغاز بعد أيام ولم تترجم وعودهم على أرض الواقع. فيما أكد احد التجار أن عدم مصارحة المسئول للمواطن يسبب حركة غير منتظمة بالأسواق تبرر للناس ما يفعلونه، فالمواطن مثلا لا يعرف بصدق متى ستنتهي الأزمة فعليا وهو ما يسبب توجسا لدى المواطن ولدى أصحاب محال المأكولات والمطاعم التي تعتمد على الغاز في نشاطها وبالتالي يقومون بتخزين ما يؤمن احتياجات محالهم ومطاعمهم. فيما يؤكد س 55 سنة صاحب محل سندوتشات أن محله يحتاج إلى اسطوانتى غاز يوميا .. وهو مضطر لتأمينهما من السوق السوداء .. ولأنه زبون دائم عند تجار السوق السوداء فإنه يشتريها بسعر خاص حيث يسدد 1500 ليرة مقابل الاسطوانة الواحدة .. والآن لا يعلم كم سيصل سعرها فى السوق السوداء بعد ارتفاع سعرها الرسمى الى 1000 ليرة.