يكشف قرار روسيا القيام بمسعى دبلوماسي جديد لإقناع الأطراف المتناحرة في سوريا بالدخول في محادثات سلام ، علامات على إمكانية انضمام الولاياتالمتحدة تدريجياً إلى الصراع . وجاء الإعلان المشترك للدولتين العظميين أنهما ستحاولان جمع ممثلين عن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بمعارضين ليمثل أول مبادرة دبلوماسية جدية منذ قرابة عام، وبعد محادثات مطولة في موسكو الثلاثاء، قالت الولاياتالمتحدةوروسيا إنهما ستحاولان بث الحياة في اتفاق تم التفاوض جيداً بشأنه وأقرته الدولتان في يونيو / حزيران ،2012 لكنه لم يقدم إجابة عن سؤال ما إذا كان الأسد سيبقى في السلطة، ومغزى المسعى الجديد هو دفع الطرفين إلى التفاوض ربما في جنيف بحلول نهاية الشهر في محاولة لإنهاء الحرب وحثهما على تشكيل حكومة انتقالية بالتوافق المتبادل، وتم تحديد هذا الإطار لإنهاء الصراع في إعلان جنيف الذي أقر في 30 يونيو الماضي. إحياء الفكرة وبعدما بدا من عدم اكتراث موسكو بتنفيذ الإعلان، فإن رغبتها الواضحة لإحياء الفكرة قد تعكس قلقها من أن يكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعيد التفكير في معارضته لشكل من أشكال التدخل العسكري في سوريا، ومن بين العلامات على هذا اعتراف البيت الأبيض في 25 إبريل / نيسان أن وكالات مخابرات أمريكية تعتقد أن الحكومة السورية ربما استخدمت أسلحة كيماوية ضد شعبها. وكان أوباما وصف هذا الأمر في السابق بأنه «خط أحمر»، وهناك مؤشرات أيضاً على اتساع دائرة الصراع، إذ شنت إسرائيل عدواناً جوياً على سوريا مرتين، إضافة إلى المخاوف من صعود الإسلاميين المتشددين الذين أعلن بعضهم ولاءه لتنظيم القاعدة في صفوف المعارضة، وكذلك دور إيران وحزب الله في دعم الأسد . وتعالت أصوات في الولاياتالمتحدة تحث أوباما على تسليح المعارضة، ومن بينهم السناتور روبرت مننديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الذي قدم قانوناً لهذا الغرض، وقال دبلوماسي غربي “من بين كل هذه الحجج أعتقد أن الخوف الروسي الأكبر هو أن تكون الولاياتالمتحدة والغرب في طريقهما لشكل أو آخر من أشكال التدخل العسكري في سوريا". ولم يخف أوباما رغبته في تجنب التدخل العسكري في سوريا، بينما سحب القوات الأمريكية من العراق ويحاول إنهاء الحرب في أفغانستان . وذكر دبلوماسيون أنه إذا قدر لهذا الموقف أن يتغير فإن تسليح جماعات معينة من المقاتلين يمثل خطوة أولى أكثر ترجيحاً من التدخل المباشر. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد محادثات مع نظيره الأمريكي جون كيري الثلاثاء :"إن موسكو ليست مشغولة بمستقبل الأسد، وأضاف "لا نهتم بمصير أشخاص بعينهم، إننا مهتمون بمصير الشعب السوري، ويجب أن يقرر السوريون أنفسهم مصير الشعب السوري". التشكيك وعبر دبلوماسيون عن بعض التشكك في استعداد روسيا لنفض يديها من الأسد، إذ لم يتغير موقفها على صعيد الممارسة كثيراً خلال عامين، وقال دبلوماسي :"إن الطريقة التي عبروا بها عن الأمر علنا جديدة لكن فحواها غير واضح، إلى أي مدى سيضغطون على الأسد لإعطاء هذه المفاوضات فرصة" ، وأضاف أن " الخلاف بشأن ما إذا كان يجب أن يرحل الأسد ومتى يكون موعد ذلك ". ولم يطالب إعلان جنيف بتنحي الأسد، كما بدا غامضاً بشأن من قد يشكل حكومة انتقالية . وما زالت الشكوك تحوم حول ما إذا كانت روسيا قد غيرت بالفعل سياستها أم أنها تكسب وقتاً بإظهار أنها تحاول التعاون مع القوى الغربية. وأشار الترمان إلى تردد روسيا الشديد في أن ترى الغرب يساعد على الإطاحة بزعيم عربي آخر، وقال "قلق روسيا من تعزيز سابقة التدخل الخارجي ومن أن تضع الولاياتالمتحدة حلفاء لها في مكان حلفاء روسيا دفعها لمعارضة التعاون الدولي الذي يهدف إلى تغيير حكومة الأسد" ، وذكر أن التوصل إلى تسوية سلمية "سيكون صعباً للغاية لكنه ليس مستحيلاً وربما يعتبر نتيجة أفضل بالنسبة للروس مقارنة بفقدانهم السيطرة على الأمور تماماً". ترحيب إيراني وعن الموقف الايراني أكد مساعد الرئيس الايراني محمد جواد محمدي زاده أن طهران ترحب بالاقتراح الامريكي- الروسي لحل الازمة السورية سلميا. ونقلت وكالة انباء فارس الايرانية عن محمدي قوله إن إيران ترحب بالاقتراح الأمريكي الروسي بعقد مؤتمر دولي يهدف إلى إنهاء الصراع في سوريا وتأمل أن يعقد في جنيف كما ستسر بلاده أن تساعد بأي طريقة ممكنة في هذا الشأن وتتوقع أن تكون جزءا من العملية لاستعادة السلام وتوفير سبل معيشة أفضل للشعب السوري. وأوضح مساعد الرئيس الإيراني "نتفق تماما مع الرؤية القائلة بأن الحل الوحيد للازمة السورية سيأتي عن طريق الحوارات الدبلوماسية والسياسية". وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري اتفقا على عقد مؤتمر دولي جديد حول سوريا من أجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه في جنيف العام الماضي. وحظى اتفاق لافروف وكيري بترحيب من الأممالمتحدة وسوريا ومختلف الأطراف الدولية، بالإضافة إلى الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا.