لم يكن مستغرباً، قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ غارة على سوريا، فقد حدث في مرات سابقة، حينما ضربت مركز أبحاث عسكري سوري منذ ثلاثة أشهر. ولكن ما يختلف في المشهد الحالي، أن ذلك يأتي بعد تهديدها منذ أيام قليلة بضرب سوريا عسكرياً في حالة وقوع السلاح الكيماوي السوري بيد الثوار أو حزب الله. ومن هنا يتساءل الكثيرون عن هدف الكيان الإسرائيلي من هذه الغارة؟ فهل يريدون دعم الثوار أم دعم النظام، أم لهم أهداف أخرى؟ وهل هذه الغارة تمثّل بداية جديدة لتدخل عسكري شامل في سوريا أم لا؟ حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ غارة على سوريا، واستهدف قافلة كانت تنقل سلاحاً متطوراً مضاداً للطيران من سوريا إلى لبنان (وفقاً للصحافة الأمريكية والإسرائيلية وحسبما أشارت الحكومة السورية) واستهدفت مركز أبحاث علمية، والمنطقة التي يتواجد بها القصر الرئاسي للأسد. أسباب وأهداف وفي تفسير هذه الغارة تتعدد التحليلات، فهناك مَن يرى بأن هذه الغارة وضرب مواقع السلاح الكيماوي والأسلحة المتطورة (مثل مضادات الطيران المتطورة) وتدمير أكبر قدر منه، تأتي بهدف التخلص منها حتى لا تبقى على الأرض في حالة زوال نظام الأسد، فهي تتخوف من أن تقع تلك الأسلحة في أيدي الثوار أو جماعات إسلامية أو حزب الله ويتم استخدامها ضد الكيان الصهيوني، وهو ما أشار إليه "أيمن فرج" الباحث في الشئون الإسرائيلية. وهناك من يرى، بأن هذه الغارة تعود إلى موقف الصهاينة الثابت من سوريا، وهو المبني على أحكام مسبقة ومواقف أيديولوجية عدائية لكل الأطراف الموجودة على الساحة السورية الثورة، ونظام الأسد. وأياً ما كان الهدف، فهذه الغارة بالتأكيد لها تداعيات خطيرة على الأمن السوري، في إطار الاستغلال الإسرائيلي للوضع في سوريا من أجل ضرب مراكز عسكرية إستراتيجية. سيناريوهات متوقعة وكما اختلفت الآراء خلف حقيقة الأهداف والأسباب الحقيقية لهذه الغارات، يبقى لنا أن نعرض التداعيات المحتملة والنتائج المتوقعة!! وفي هذا الصدد، تظهر ثلاثة سيناريوهات، أولها يميل إلى اتجاه إسرائيل نحو حرب مع سوريا بأكملها في إطار خطة متكاملة تهدف إلى تقسيم الأخيرة إلى دويلات طائفية تتحارب فيما بينها؛ كي تضعف من قوتها في مواجهة الكيان الصهيوني. ويفترض هذا السيناريو بأن الحرب العسكرية ستأخذ شكلين أساسيين من خلال ضربات متتالية جوية من طيران الكيان الصهيوني لسوريا، فضلاً عن تدخل عسكري أمريكي بري عبر الجبهة الأردنية. أما السيناريو الثاني فيدور حول اتجاه إسرائيل نحو التصعيد دون مواجهة عسكرية مباشرة، فيشير البعض إلى أن هذه الغارات تهدف إلى تفتت سوريا وانهيارها فقط ولفترة قصيرة على غرار ما حدث في الغارة السابقة، لاسيما وأن ذلك سيكون له أثر سلبي على إسرائيل في حالة الحرب العسكرية، فعدم الاستقرار على الحدود مع الجولان، سيولد موجات مقاومة سورية وفلسطينية وربما عربية مصرية ضد إسرائيل. أما السيناريو الثالث فيرجح بأن هذه الغارة تهدف إلى مساعدة أحد الطرفين؛ إما الثورة السورية للإطاحة بالأسد ونظامه أو النظام السوري تخوفاً من النظام القادم. ولكن لا يتفق معظم المحللين على ذلك، فيرون أن إسرائيل لا تفضّل انتصار النظام؛ لأنه سيء بالنسبة لهم، ولا يريدون انتصار الثورة؛ لأنه خيار أكثر سوءً لهم، فالنظام وإن كان يعادي الكيان ويدعم المقاومة فهو قد أورث سوريا تخلفاً سياسياً ومالياً واجتماعياً وهو ما قد يبعدها عن التفكير في مواجهتها، كما أن زوال النظام دون معرفة شكل مثيله القادم قد يدفعهم بأن يبقى الوضع كما هو عليه من تدهور. ومن هنا يرجح البعض حدوث السيناريو الثاني ويستبعد حدوث السيناريو الأخير، لوجود حقائق يعلمها الكثيرون تدل على نظرة إسرائيل إلى الجميع سواء كانت الثوار أو الأسد أو الدول العربية كافة على أننا عدو لهم. ومن ثم يتضح أن الضربات الصهيونية لا تهدف إلى تحقيق مصلحة لأي من الطرفين بقدر ما تهدف إلى التخلص من السلاح الإستراتيجي السوري المهدد لكيانها، ولهذا يجب أن نتوقع المزيد من الضربات المماثلة كلما اقتربت لحظة سقوط النظام.