في عام 2003 وصل ابو عدنان تاجر السجاد العراقي الي حي 6 اكتوبر بالجيزه هاربا من الغزو الامريكي لبلاده قبل عشره أعوام ..خلف مسجد الحصري عاش في شقه صغيره ثم اشتري فيلا واتسعت تجارته واحضر افراد أسرته أيضاً..ومثله جاسم المطلق الذي يستورد ملابس رخيصه وشيك من تركيا وله زبائن من الأثرياء ومتوسطي الحال.. العراقيون انتشروا في البداية هربا من جحيم الحرب وبعد انتهائها صاروا يقصدون مصر للاستقرار وزياده الدخل وايضا الزواج..معظمهم من السنه مثل المصريين ولكن في السنوات الاخيره وصل شيعه وأكراد وغيرهم وجميعهم يبحثون عن الرزق في هذه الارض الطيبة التي لم ترفض أحدا طوال تاريخها حتي وهي في اشد حالات التردي الاقتصادي ..وبحسب احصائيات مكتب الاممالمتحده في القاهرة يوجد الان حوالي 90 الف عراقي في مصر منهم 75الفا في مدينه 6 اكتوبر التي اصبح الحي العراقي من معالمها الشهيرة مثل مدينه الانتاج الاعلامي ومولات التسوق والكومبوندات الراقيه.. ورغم ان العراقيين ظلوا طويلا علي خلاف مع السوريين بسبب انقسام حزب البعث الي فرعين وانشقاق الاب الروحي له "ميشال عفلق" الي بغداد الا ان السوريين والعراقيين يقيمون كلاجئين في 6اكتوبر ونسوا خلافاتهم الايدولوجيه والمذهبيه كشيعه وسنه واصبحوا يتنافسون فقط علي جيوب المصريين!! اشقاؤنا من حمص وحماه والموصل والبصره يعيشون عندنا كلاجئين اسما ولكنهم صاروا اصحاب بلد! فمع اربعمائة دولار في جيبه لا غير، فر باسل خليل مع اسرته من الحرب المدمرة في سوريا بحثا عن ملاذ آمن في "دمشق الصغيرة" في القاهرة، حيث يكتسب قوته اليومي بإعطاء دروس في العزف على الجيتار. ويعد خليل، الذي يقطن الآن مع اسرة سورية اخرى في حي "6 اكتوبر" الهادئ غرب القاهرة، واحدا من عشرات الالاف من السوريين الذين تمكنوا من الوصول الى مصر. وقال خليل "لسنا سعداء بحياتنا هنا، لكن ليس هناك خيار اخر". وتحولت ضاحية "6 اكتوبر" الممتدة في الصحراء غرب العاصمة المصرية الى مركز تجمع اللاجئين السوريين في مصر، حيث تدل لافتات المحلات التجارية ذات الاسماء السورية المعروفة على حجم وجودهم فيها.واصبحوا هم والعراقيون يشكلون الأغلبيه السكانيه في المدينه .. وتمكن خليل وصديقه عمار المنتميان للطبقة الوسطى من توفير نفقات السفر، خلاف مئات الالاف من السوريين الذين انتهى بهم المطاف في لبنان او في معسكرات الايواء في الاردن او تركيا. وشكل اللاجئون السوريون لأنفسهم "سوريا صغيرة" في حيهم الجديد الهادئ حيث ترفرف اعلام الجيش السوري الحر فوق عدد من البنايات. وهم يقولون نحن اقل حظا من العراقيين الذين قدموا لمصر في عصر مبارك حيث كانت الأحوال الاقتصاديه افضل من الان بكثير.. وفي هذا الحي حيث ينتشر الحديث باللكنة السورية، تبيع عشرات المحال لحم الشاورما والحلويات الدمشقية. "لقد اصبح حي 6 اكتوبر سوريا صغيرة"، هكذا علقت سيما دياب منسقة بعض المشاريع التي تقدم مساعدات للاجئين السوريين. وتابعت "يوجد عشرات الاف السوريين هنا. لكن لا يوجد عمل للأطباء او المحامين. معظم الوظائف في محلات الطعام". وفي شباط/فبراير، اعلن وزير الداخلية المصري انه يوجد قرابة 140 الف لاجئ سوري في مصر. لكن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة قالت انها سجلت 38 الف سوري فقط في مصر وانها لا تزال تدرس الاف الملفات. وافتتحت المفوضية فرعا جديدا في القاهرة لتسجيل الوافدين السوريين. وقال محمد الديري، الممثل الاقليمي للمفوضية "كانوا 1000 في اب/اغسطس 2012، وارتفع العدد الى 13 الفا في كانون الثاني/ديسمبر ولدينا نحو 50 الفا اليوم". لكن الأرقام الحقيقيه للسوريين والعراقيين لا يعرفها احد .. ولا تزال اعداد السوريين في مصر قليلة مقارنة بتدفق اللاجئين السوريين الي لبنان والاردن والنازحين داخل سوريا، وهي الاعداد التي قدرتها المفوضية بنحو 1.3 مليون لاجئ يضاف اليهم شهريا نحو 200 الف. وقتل اكثر من 70 الف سوري في الحرب الطاحنة الدائرة بين المعارضة المسلحة والقوات الموالية للرئيس السوري بشار الاسد، كما جرى تشريد نحو 4 ملايين داخليا، بحسب تقديرات للأمم المتحدة. ويقول بلال الذي جاء الى مصر في العام 2004 ويملك مطعما في حي "6 اكتوبر"، "حينها لم يكن هناك سوريون لكن كل شيء تغير بعد الثورة". واحضر بلال اسرته من حمص قبل سبعة اشهر الى مصر. لكن بلال يقول "المصريون ضجروا من السوريين.. خلال عامين ارتفعت الاسعار هنا والسوريون يحصلون على بعض فرص العمل". ويقول بلال انه عندما حضر كانت الشقة المناسبة لأسرة تكلف نحو الف جنيه (قرابة 145 دولارا) في الشهر. لكن الاسعار تضاعفت ثلاث مرات الان حيث تعاني مصر من ازمة اقتصادية ومن التضخم. وعلى بعد بنايتين، تعيش لاجئة سورية تبلغ من العمر 16 عاما مع امها واخيها في الدور الارضي لبناية صغيرة. فرت هذه الاسرة المسيحية من مدينة اللاذقية الساحلية قبل ستة اشهر تاركة خلفها باقي افرادها. وتنشر الشابة الصغيرة، التي رفضت البوح باسمها، اغاني مناهضة للنظام السوري على موقع "يوتيوب"، وهي تعمل منذ وصولها الى مصر في متجر صغير او تغني في الحفلات. وقالت الشابة "لا اطيق العيش هنا.. نحن في جحيم منذ ستة اشهر.. لكنني لا ازال على قيد الحياة". وكشفت الفتاة ان اكثر ما يزعجها تعرضها للتحرش الجنسي الذي عانت منه مرتين في مصر. وتابعت "لا اريد البقاء هنا.. الان عندما اخرج للشارع اضع الحجاب، كما يريد اخي ان احمل سكينا ليحميني". وتأمل الفتاة بالسفر للنرويج ولو اضطرت الى ذلك بطريقة غير قانونية لدراسة الموسيقى، وهي تنتظر فرصة لذلك. وتدريجيا ستتحول 6 اكتوبر الي نموذج حديث لمصر القرن التاسع عشر التي كان يعمل بها يونانيون وأرمن وإيطاليون وفرنسيون واتراك وقبارصه ورغم ان دولهم كانت تحارب بعضها الا انهم عاشوا بسلام في مصر ..ام الدنيا.