مع أربعمائة دولار أمريكي في جيبه لا غير، فر باسل خليل مع أسرته من الحرب المدمرة في سوريا بحثًا عن ملاذ آمن في "دمشق الصغيرة" في القاهرة، حيث يكتسب قوته بإعطاء دروس في العزف على الجيتار. ويعد خليل، الذي يقطن الآن مع أسرة سورية أخرى في حي "6 أكتوبر" الهادئ غرب القاهرة، واحدًا من عشرات الآلاف من السوريين الذين تمكنوا من الوصول إلى مصر. وقال خليل "لسنا سعداء بحياتنا هنا، لكن ليس هناك خيار آخر". وتحولت ضاحية "6 آكتوبر" الممتدة في الصحراء غرب العاصمة المصرية إلى مركز تجمع اللاجئين السوريين في مصر،حيث تدل لافتات المحلات التجارية ذات الأسماء السورية المعروفة على حجم وجودهم فيها. وتمكن خليل وصديقه عمار المنتميان للطبقة الوسطى من توفير نفقات السفر خلاف مئات الآلاف من السوريين الذين انتهى بهم المطاف في لبنان أو في معسكرات الإيواء في الأردن أو تركيا. وشكل اللاجئون السوريون لأنفسهم "سوريا صغيرة" في حيهم الجديد الهادئ حيث ترفرف أعلام الجيش السوري الحر فوق عدد من البنايات. وفي هذا الحي حيث ينتشر الحديث باللكنة السورية، تبيع عشرات المحال لحم الشاورما والحلويات الدمشقية."لقد أصبح حي 6 أكتوبر سوريا صغيرة"، هكذا علقت سيما دياب منسقة بعض المشاريع التي تقدم مساعدات للاجئين السوريين. وتابعت "يوجد عشرات آلاف السوريين هنا. لكن لا يوجد عمل للأطباء أو المحامين. معظم الوظائف في محلات الطعام". وفي فبراير أعلن وزير الداخلية المصري أنه يوجد قرابة 140 ألف لاجئ سوري في مصر. لكن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة قالت إنها سجلت 38 ألف سوري فقط في مصر وإنها لا تزال تدرس آلاف الملفات. وافتتحت المفوضية فرعًا جديدًا في القاهرة لتسجيل الوافدين السوريين، وقال محمد الديري، الممثل الإقليمي للمفوضية "كانوا 1000 في أغسطس 2012، وارتفع العدد إلى 13 ألفًا في ديسمبر ولدينا نحو 50 ألفًا اليوم". ولا تزال أعداد السوريين في مصر تعد قليلة مقارنة بتدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان والأردن والنازحين داخل سوريا، وهي الأعداد التي قدرتها المفوضية بنحو 1.3 مليون لاجئ يضاف إليهم شهريًّا نحو 200 ألف. وقتل أكثر من 70 ألف سوري في الحرب الطاحنة الدائرة فى سوريا بحسب تقديرات للأمم المتحدة. يقول بلال الذي جاء إلى مصر في عام 2004 ويملك مطعمًا في حي "6 أكتوبر"، "حينها لم يكن هناك سوريون لكن كل شيء تغير". وأحضر بلال أسرته من حمص منذ سبعة أشهر إلى مصر. لكن بلال يقول "المصريون ضجروا من السوريين. خلال عامين ارتفعت الأسعار هنا والسوريون يحصلون على بعض فرص العمل". ويقول بلال إنه عندما حضر كانت الشقة المناسبة لأسرة تكلف نحو ألف جنيه (قرابة 145 دولارًا) في الشهر. لكن الأسعار تضاعفت ثلاث مرات الآن حيث تعاني مصر من أزمة اقتصادية ومن التضخم. وعلى بعد بنايتين، تعيش لاجئة سورية تبلغ من العمر 16 عامًا مع أمها وأخيها في الدور الأرضي لبناية صغيرة. فرت هذه الأسرة المسيحية من مدينة اللاذقية الساحلية منذ ستة أشهر تاركة خلفها باقي أفرادها، وهي تعمل منذ وصولها إلى مصر في متجر صغير أو تغني في الحفلات.