دائما ما تأتى تلبية احتياجات الأسرة من المواد التموينية على قائمة أولويات الفرد منا، إلا أن الاضطرابات فى الأسعار باتت تمثل ضغطا على كاهل المواطن، الذى سرعان ما ينتهى من الموسم الرمضانى ليلاحقه موسم العيد ثم مارثون المدارس واحتياجاته التى لاتنتهى. وفاء موظفة وأم لثلاثة أطفال، تشتكى من ارتفاع أسعار المواد التموينية من سكر وأرز وسمن بشكل لا يتحمله أحد، وتؤكد أنه لولا عملها ما كانت تستطيع المساعدة فى تلبية احتياجات أسرتها من تلك السلع الأساسية التى لا يمكن الاستغناء عنها.
أما الحاجة فوقية القبانى التى تجاوز عمرها ال60 عاما، فقد اعتادت شراء كميات من احتياجاتها التموينية بما يكفيها أكبر فترة ممكنة ويعفيها من عناء التسوق اليومى، إلا أنها اضطرت إلى التخلى عن عاداتها الشرائية بعد موجات الغلاء التى طالت المواد الغذائية، ليصبح شراؤها قاصرا على احتياجاتها اليومية الضرورية فقط.
وتستعيد معنا ذكرياتها مع الأسعار والتى عصف بها التغيير بقولها :"كنت بجيب السمن 2 كيلو ب 86 جنيها، فأصبح يُباع الآن ب92، و5 كيلو الأرز الشهر الماضى كان ب 25 جنيها، فأصبح ب 32 جنيها، السكر كان ب 6 جنيه فأصبح ب 7.5 جنيه، والزيت عبوة 3 كيلو ب 27 جنيها فأصبحت ب 35".
الأرز والسكر.. أزمات متتالية
الأرز والسكر على رأس قائمة السلع التمونية التى شهدت ارتفاعا فى الأسعار ونقصا فى الكميات، وظهر ذلك بوضوح فى شكاوى بعض المواطنين من اختفاء الأرز والسكر من حصصهم التموينية دون إبداء الأسباب، فلم تكن الإجابة متوفرة لدى البائعين.
"إما الأسعار تقل أو المرتبات تزيد" كان هذا هو الحل لمواجهة الغلاء من وجهة نظر منال - زوجة وأم لأطفال – التى تضطر ل"الاستلاف" كل شهر حتى تسطيع توفير احتياجات أسرتها حتى النهاية.
ولفتت إلى أن موزع التموين توقف عن إمدادها بالأرز والمكرونة ضمن حصتها التموينية منذ 8 شهور. أما ميادة، فقد اضطرت إلى ترشيد استهلاكها من الأرز نظرًا لارتفاع أسعاره، حيث تقول :"الأرز أكثر سلعة زادت فكان الحل إن احنا نقلل منه شوية".
ولم يختلف حال السكر عن الأرز، حيث تشتكى فاتن مدرسة من ارتفاع الأسعار خاصة السكر وقلة كمياته المعروضه، حيث تقول : "الأسعار كلها مرتفعة خاصة السكر، يكاد يكون شاحح فى السوق، آخر مرة البياع فى التموين قالى مافيش سكر".
من جانبه، أوضح أحمد يحيى رئيس شعبة المواد الغذائية بالقاهرة أن الأرز جاء فى مقدمة المواد الغذائية التى شغلت اهتمامات المستهلكين خلال الفترة الماضية، حيث شهدت أسعاره ارتفاعا منذ شهر مايو بشكل متسارع ومتتالى، مرجعا ذلك إلى نهاية موسم التخزين، ونقص الكميات المعروضة مما أثر على الحصص التموينية بشكل استشعره المواطنين فى ارتفاع الأسعار منذ شهر مايو حتى أغسطس الماضي.
وأضاف أن الأسعار بدأت فى الإنخفاض بحلول موسم الإنتاج الجديد فى شهر أغسطس ليصبح سعر الطن 3 آلاف جنيه، بعد أن تجاوز 5 ألاف جنيه، ليُباع الأرز "السائب" للمستهلك بسعر 3.5 جنيها، و"المعبأ" بسعر يتراوح من 4 إلى 4.5 جنيها.
وعلى صعد أزمة السكر، أوضح أحمد يحيى رئيس شعبة المواد الغذائية بالقاهرة أن أسعار السكر بدت مستقرة على مدى 7 شهور كان آخرها شهر يوليو الماضى، إلى أن بدأت الأزمة مع حلول شهر رمضان، حيث لوحظ نقصا ملحوظا فى كميات السكر المحلى بما لا يكفى الاستهلاك، وهى مشكلة تتكرر فى الثلث الأخير من كل عام.
وسعيا لعلاج الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، عكفت الدولة على استيراد السكر من الخارج كإجراء اضطرارى مما أدى إلى زيادة أسعار السكر من 4500 جنيه للطن إلى 5000 جنيه، وهو ما بدأ تطبيقه بعد عيد الفطر مما أدى لارتفاع أسعار بيع السكر للمستهلك بزيادة تتراوح من 50 إلى 75 قرشًا.
أما الزيوت فقد خرجت من مارثون الارتفاع والانخفاض فى أعقاب شهرى أبريل ومايو، لتستقر أسعارها على نحو 8 جنيهات، و 9.25 جنيه للزيت العادى، ومن 11 إلى 12 جنيه لزيت "دوار الشمس"، 13.5 جنيه و14 جنيه لزيت الذرة.
جشع التجار
اختلف البائعون حول أسباب ارتفاع أسعار المواد التموينية، حيث أرجع البعض السبب إلى جشع التجار، فى حين رأى آخرون أن توقف الاعتمادات البنكية للاستيراد وراء تعثر التجار فى إمداد السوق باحتياجاته المعهودة من حيث الكميات لاعتمادهم على نفقاتهم الخاصة فى ذلك.
ونفى محمود- بائع- أن تكون الثورة وراء ارتفاع الأسعار، مرجعًا ذلك إلى ما وصفه ب "جشع التجار" الذى تسبب فيما تمر به المواد الغذائية من أزمات فى الكميات والأسعار.
ويتوقع استمرار موجات ارتفاع الأسعار فى حال استمرار جشع التجار قائلا :"لو استمر نظام جشع التجار، هيستمر ارتفاع الأسعار والمواطن الغلبان هو اللى هيتحمل".
من جانبه، أوضح أحمد يحيى رئيس شعبة المواد الغذائية بالقاهرة، أن هناك ممارسات خاطئة من جانب بعض البائعين والتجار خاصة على مستوى السلع ذات الأسعار غير الجبرية التى تخضع للعرض والطلب، مشددًا على ضرورة مواجهة تلك الممارسات من خلال آليات قانونية رادعة من بينها قانون منع الاحتكار بما يكفل الحماية للتاجر الملتزم والمستهلك البسيط على السواء.
توقعات .. الاستقرار هو الحل
يتوقع الحاج فاروق بائع سلع تموينية استمرار ارتفاع السلع المستوردة، فى حين تستمر أسعار المنتج المحلى خاضعة للعرض والطلب، مشيرًا إلى أن أسعار الأرز ستشهد انخفاضًا خلال الأسبوع المقبل لتصل إلى 3.5 جنيها للكيلو.
وأوضح أحمد يحيى، رئيس شعبة المواد الغذائية بالقاهرة، أن أسعار السلع الغذائية تشهد ارتفاعًا بصفة عامة على مستوى العالم، غير أن عدم استقرار الأوضاع فى البلاد يؤثر على حركة التجارة والاقتصاد مما يؤدى لتفاقم الأسعار.
ويتوقع رئيس شعبة المواد الغذائية عدم ارتفاع أسعار الأرز بسبب ارتفاع إنتاجيته خلال الفترة المقبلة، وهو الحال المتوقع أن تكون عليه أسعار السكر من حيث الاستقرار مع بداية موسم الإنتاج منتصف شهر يناير المقبل.
أما الألبان فمن المتوقع أن تشهد ارتفاعًا فى الأسعار خلال الفترة المقبلة، خاصة منتجاتها المرتبطة بالاستيراد من بينها "اللبن البودرة" وهو ما يتسبب فى ارتفاع الأسعار.