دعا د. حامد طاهر الأكاديمي والمفكر البارز إلى أن ينتخب المصريون رئيسا من شباب الثورة بأسرع وقت، لأن كل المرشحين المحتملين الذين برزوا على الساحة في الآونة الأخيرة أعمارهم متقدمة ، أو يشوب توجهاتهم السياسية الشبهات الكثيرة . وأكد في حديثه ل"محيط" أن عبدالناصر تولى حكم مصر وهو في مطلع الثلاثينيات من عمره، وتولى أوباما حكم أكبر دولة في العالم وهو في مطلع الأربعينيات، وهو أصلح سن لقيادة أمة بحماسة وقدرة حقيقيين . وقال طاهر أن المصريين كان عليهم وضع دستور جديد أولا بعد الثورة، ثم التعجيل بإنتخابات تشريعية ورئاسية، وليس كما نرى اليوم من تمديد للفترة الإنتقالية التي يسودها الإضطراب والتخبط ، المتعمد أحيانا، ويرافق ذلك محاولات لجذب شباب الثورة البارزين لبرامج الفضائيات وتفريغ ميادين الثورة من قياداتها . وأكد أن الجدل في القائمة الإنتخابية متعمد، وأن أحوال مصر لن تنصلح بغير رئيس ثوري يقود السلطة التنفيذية وبغير ذلك فنحن نهدر أعظم وأهم ثورة تاريخية عرفتها مصر .
ورأى نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق ، أن الرئيس القادم لابد أن يتمتع بالإستقامة وأن يحظى بإجماع أغلب قوى الثورة ويجيد الإستماع للشعب وإقناعه بخططه الواضحة للإصلاح، وأن يكون مؤمنا بالديمقراطية، وأن يعلو فوق الأحزاب ويصبح أبا لجميع المصريين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، وأن يحيي شعار ثورة يناير " عيش .. حرية .. عدالة إجتماعية" وذلك بوضع حد أدنى وأقصى للأجور، ووضع برامج عاجلة لأصحاب المعاشات الصغيرة والمرضى والفقراء، وأن يفتح باب الإستثمار المنتج وليس الإستهلاكي، ويعيد علاقات مصر قوية بمحيطها العربي والعالمي.
وردا على تساؤل حول الإحتفاء الموسع من الإعلام المصري بذكرى رحيل عبدالناصر هذا العام ودلالاته، أكد طاهر، أن ناصر كان عسكريا ومن ثم فإحياء ذكراه تؤكد إنجازات العسكرية في الحياة السياسية المصرية، وهو ما يريده بلا شك المجلس العسكري الحاكم . ولكن ناصر كما يصفه طاهر، خطا بمصر خطوتين للأمام وعشر للخلف، فهو تسبب في ضياع القدس والضفة الشرقية وغزة واحتلال سيناء وإيقاف قناة السويس فترة طويلة والأهم من ذلك أنه قمع الحريات تماما في عصره، وقد كتب طاهر مسرحية حينما كان طالبا في الجامعة بالستينيات، وكان يخشى بشدة من اعتقاله ، لأنها كانت تناهض عبدالناصر وتقارنه بالخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أباح انتقاد الرعية له وكان يأخذ برأيهم لو أصابوا .
بخصوص كاريزما الرئيس، قال طاهر أنها فكرة قديمة، فنحن نريد رئيسا مصلحا وليس ممثلا مسرحيا، وقد حكم الصين نهاية الأربعينات المفكر الشيوعي ماوتسي تونج وقاد بها ثورة ثقافية كبيرة ، وكان عسكريا ذو كاريزمة عالية، ولكن ثورته كانت متعصبة للشيوعية ومن ثم لم يتمكن من إحداث الطفرة الإقتصادية التي أصبحت الصين عليها إلا خليفته دنغ شياو بنغ في السبعينيات، والذي كان قصيرا ولا يتمتع بالكاريزمة ولكنه دفع البلاد للنهضة ودمج الرأسمالية بالشيوعية ، فأصبح من حق العامل بالمصنع أن يتملك فيه ومن حق الفلاح أن يتملك جزء من الأرض وهو ما تمنعه النظم الشيوعية المتشددة .
وهناك نماذج كثيرة لحكام فاعلين في حياتنا المعاصرة منهم مهاتير محمد في ماليزيا، أو أردوغان في تركيا، ولعلنا لاحظنا كم الحفاوة به خلال زيارته القاهرة مؤخرا، بسبب مواقفه الحاسمة ونهضة بلاده في عصره . أما حكام الغرب فهم ليسوا مثار إعجاب على الإطلاق، فأوباما كدنا نصدقه حينما تولى الحكم بأنه مؤمن بالعدالة، ونكس عن ذلك ومال لإسرائيل، وساركوزي بفرنسا ورئيس وزراء إنجلترا ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية، جميعهم يكيل بمكيالين وأكثر في السياسة .
كما تعهد طاهر بأن يساند أي رئيس ثوري شاب، ويعطيه برنامجه الشامل للإصلاح، مؤكدا أن السنة التي يحتمل أن ننتظرها حتى تجري انتخابات رئاسية ستكون فترة إعداد جيدة ودعاية لهذا الثائر، لو ظهر من الآن، ويمكنه اكتساب الشعبية المطلوبة واكتساح كل مرشحي الرئاسة، شريطة أن يخاطب الناس ببرنامج واضح لحل مشكلاتهم . وحذر طاهر من الفترة الإنتقالية التي ظهر بها 7 أحزاب حتى الآن من عباءة الحزب الوطني الفاسد المنحل .