• الآباء يردون على تمرد الأبناء ب "موتوا بغيظكم" • الشباب يتحرشون بالفتيات ب "روحي وأنتي شبه أم ايمن" • " قنبلة مولوتوف " وصف الشباب للفتاة المثيرة والجميلة • "انت جاي تعمل انفلات أمني " تعني إخفض صوتك وبلاش عنف • " ده طرف تالت " تحذير من سوء معاملة شخص ما • " قلة مندسة " وصف لمن يحبون اثارة الوقيعة بين الزملاء • "انتي عيلة مسيلة للدموع " دليل على الكآبة والاحباط • للتهكم على اي شيء قل: "آدي اللي خدناه من الثورة" • " طرف تالت " للدلالة على عدم فهم المقصد والنوايا الخفية
كتب – مصطفى القوصي
ثورجي وفيسبوك والفلول وائتلاف وانفلات أمني وحزب الكنبة والطرف التالت والمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات الفئوية واسقاط النظام وقلة مندسة وانفلات أمني وحكومة انتقالية وعسكرة ودولة مدنية وبلطجة وشهيد واعتصام وعصيان مدني .. والقائمة طويلة من الكلمات والعبارات التي فرضت نفسها على لغة الشارع المصري بعد الثورة وباتت واضحة في اسلوب خطاب مواطنيه ، سواء بطريقة جدية لمناقشة كل مايطرحه الواقع السياسي وتصريحات المسئولين اليومية أو حتى بطريقة لغة التفاهم السريعة والساخرة التي يجيد الشعب المصري استخدامها في حديثه اليومي على طريقة " بتفهم في السياسة يا واد يا مزيكا "..
أول وأبرز تلك المفردات وأهمها على الاطلاق هي : الانترنت والفيسبوك وبرامج التوك شوز والدستور ، وذلك حسبما يقول محمد عبد التواب سائق تاكسي ، موضحا أنه " لا يخلو حديث مع أحد زبائنه من تلك المصطلحات ، خاصة حينما يرغب المتحدث في الكشف عن أخبار جديدة " كانوا كاتبين على الانترنت ان الكهرباء هتقطع " ، أو حتى في نسب اخبار بعينها إلى مصادرها " بيقولك على الانترنت أن عمال المترو هيعملوا مظاهرات الجمعة الجاية " ، ويضيف محمد أن " الأحداث السريعة والمتواصلة التي يعيشها المجتمع المصري بصورة يومية جعلت المواطنين يجيدون تلك اللغة بطلاقة ، بل وقاموا بالتعديل على مفرداتها واستخدام جملها فى الاسقاط او السخرية والتهكم " متبقاش فلول وخليك كويس " ، " ياريت نبطل رغي انترنت وإعلام مضلل ونروح نشوف شغلنا " ، " امشي يا عيل خروف " ، ولفظ خروف - حسبما يكشف محمد - استخدمه المصريين بعد متابعتهم اليومية لسلوكيات بعض افراد تيار سياسي بعينه واكتشفوا انهم ينفذون كل ما يقال لهم دون أدنى مناقشة أو حتى فهم وتعقل.
المدهش في قاموس المصطلحات السياسية الجديدة التي فرضت نفسها على لغة الشارع المصري وبات أفراده يستخدمونها في نقاشاتهم اليومية في الشوارع والمنازل وأماكن العمل والتجمعات المختلفة ، وكذلك محادثاتهم وتعليقاتهم الإلكترونية هي تلك العبارات التي تصطبغ بطابع سياسي مستمد من وحي ثورة 25 يناير ، وذلك حين تستخدم هذه العبارات في التهكم والسخرية عند وصف شخص ما أو مجموعة أشخاص ، وكذلك يتم توظيفها بشكل كوميدي في مواقف حياتية كثيرة ، فإلي جانب مصطلح " خروف " الذي أشار إليه محمد سائق التاكسي ، يقول حسن عبد الراضي طالب بالسنة الثالثة كلية الاداب أن " قائمة المصطلحات الساخرة طويلة ولا تنتهي ، كما انها تشهد دخول وظهور مصطلحات جديدة كل يوم ، ويشير حسن ضاحكا الي جملة " خليهم يتسلوا " و " موتوا بغيظكم " و" خلي بالك منه ده طرف تالت " التي استخدمها احد التيارات السياسية ردا على هجوم معارضيها ، وأن تلك الجمل تستخدم بكثرة داخل المنازل او الجامعات او حتى داخل مكاتب العمل اليومي ، فعلى سبيل المثال لا تندهش حينما تسمعها من اب لأولاده اذا لم يعجبهم حديثه او مواقفه ورفضه للخروج او تناول العشاء بالخارج ، ويستخدمها الطلبة ايضا فيما بينهم حينما يرفض احدهم طلب زميل له قائلا "مت بغيظك " ، ويقول حسن ان تلك العبارات والألفاظ قادرة على تحويل الموقف برمته الي ضحك هيستري بين الزملاء او حتى تضيف مزيدا من السخرية على موقفه بعينه ".
ورغم محاولاتنا الشديدة لرصد وحصر كافة وجميع المفردات والعبارات والجمل التي عرفها الشارع المصري بعد الثورة ، إلا أن تلك المحاولات لم تجد نجاحا وذلك لكثرة المصطلحات وجديدها اليومي ، وتقول فوزية السيد وتعمل سكرتيرة بأحد مكاتب المحاماة أن " الشارع المصري يعيش هموم يومه حاليا على طريقة بتفهم في السياسة يا واد يا مزيكا" – اشارة الي مسرحية المتزوجون في مشهد جمع بين الفنانين جورج سيدهم ونجاح الموجي - ، وتوضح فوزية أن "بعض المصطلحات تفقد صلاحيتها بمرور الايام وتغير الحدث الذي اطلقت من خلاله ، فعلى سبيل المثال مصطلحات مثل: " العسكرة " و"لم انتوي " و" الشعب يريد " و"الدولة المدنية " لم تعد مستخدمة بكثرة ، وباتت مصطلحات اخرى تفرض نفسها في عبارات وجمل الشارع المصري مثل : "انت عيل مسيل للدموع " في اشارة الي ثقل دم المتحدث او كآبته ، وكذلك عبارة " انت جاي هنا تعمل انفلات امني " وذلك ردا على احدهم اذا استخدم صوته العالي في فرض رأيه او طلب شيء ما ، واكثر تلك العبارات سخرية – بحسب فوزية – " آدي اللي خدناه من الثورة " خاصة وانها تستخدم فى كافة المواقف التي لا تعجبك سواء بصورة جدية او حتى بشكل هزلي ساخر.
وبطبيعة حال المصريين وقدرتهم على تطويع اللغة واستخدامها عبر اسقاطات لفظية وإشارات غير مباشرة ، وجد الكثير من الشباب المصري ضالته فى المصطلحات والمفردات الجديدة على الشارع في معاكسة الفتيات - حسبما تقول شريفة سيد الدالي - وتعمل بائعة محل بإحدى المولات التجارية الشهيرة ، وتوضح أن " الشباب يلقون على الفتيات الكثير من المفردات التي تثير الضحك بغرض المعاكسة ، مثل " تيجي نعمل ائتلاف " ، و"روحي كده وأنتي شبه ام ايمن " ، و" شايف الحتة المولوتوف دي " إشارة إلى أن الفتاة مثيرة وجميلة.
على جانب آخر ، فرضت مفردات بعينها على لغة خطاب الشارع المصري وأصبحت أكثر كلماته تداولا ، ويقول عصام الشحات وهو متدرب بإحدى شركات تداول المعلومات أن " الشارع المصري بات يستخدم مفردات لم يكن يخطر على بال احد ان يستخدمها قبل الثورة ، وباتت تلك المصطلحات هي لغته الاساسية ، سواء في حواراته في حياته الواقعية او عبر العالم الافتراضي على الانترنت فنظرة خاطفة لمحتوى حوارات المصريين على الانترنت من خلال احد برامج البحث البسيطة نكتشف ان مفردات مثل : التيار الاسلامي ، الفلول ، الاخوان ، النظام ، جبهة الانقاذ ، المعارضة ، الاعلام المضلل ، الانفلات الأمني ، الاعتصام ، العصيان المدني ، الخطف ، البلطجة ، الداخلية ، ائتلاف ، انتخابات ، دستور ، والاتحادية ، قنابل غاز، الطرف التالت وغيرها من الكثير من المفردات التي فرضت بنفسها على حوارات الشارع المصري نظرا لما يعيشه يوميا من واقع وأحداث جديدة تحدث كل ساعة ".
من جانبه ، يؤكد الباحث الاجتماعي كمال الفايز ويعمل بإحدى منظمات المجتمع المدني أن " الثورة كحدث اجتماعي كان بمثابة الصدمة التي اخرجت المصريين من صمت طويل ، كما أن الاحداث المتواصلة والسريعة التي عاشها المواطن ، سواء ايام الثورة او فيما بعدها كانت بمثابة مواقف حياتية جديدة على المجتمع والتي اصطحبت معها مفردات ومصطلحات خاصة بها ، وأصبحت هي اللغة المتداولة في الشارع المصري ، ونظرا لتواصل تلك الاحداث على مسرح الحياة وعدم توقفها تحولت بدورها الى واقع يعيشه المصريين تداخل مع حياتهم اليومية واصبحت جزء لا يتجزأ منها ".
ويضيف الفايز أنه "بإضافة طبيعة تكوين الشعب المصري النفسية والاجتماعية وحبه المتأصل لطرح وجهات نظره ، سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة ، إلى جانب ميله الشديد للسخرية والتهكم مما يدور من حوله فإن ذلك اصبح بمثابة عوامل أساسية في التغيير الحادث بلغة خطاب الشارع المصري ".