في الوقت الذي لم يجف فيه حبر البيان الذي اصدره حزب الامة حول اوضاع السودان الراهنة ودعوة السيد النائب الاول لحكومة الخرطوم للحوار وهو البيان المقتضب والمتوزان الشامل الذي قوبل بترحيب كبير من معظم اتجاهات الراي العام السوداني, اصدر حزب الامة السوداني بيانا اخر حول زيارة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي المرتقبة الي السودان الخميس القادم وهو بيان يبدو ان صيغ علي عجل ويفتقر الي الدقة والتقييم السليم لمجريات الامور في المنطقة العربية والبلدين مصر والسودان ولاحديث بالطبع عن السودان وازماته المزمنة وقضاياه التي عبرت الحدود ونالت نصيبا معتبرا من التدويل ولاتزال تتفاعل في الاوساط الدولية . ولايستطيع احد التهكن بما يمكن ان تنتهي عليه اوضاع السودان الراهنة في ظل هذه المعطيات اضافة الي ازمة الحكم والديمقراطية الغائبة والحروب والانفجارات الاقليمية والشح والندرة والغلاء, اما مصر الراهنة فينطبق عليها مايقوله الشاعر السوداني الذي يقول "انا حالي ظاهر" وحال مصر لايحتاج الي شرح وبيان, بيان حزب الامة الذي صدر في هذا الصدد احتشد بعبارات هتافية و عاطفية , يقول ان الحزب يرحب بزيارة الرئيس المصري المنتخب شعبيا ونحن نتابع المشهد السياسي المصري مدركين ان انجازات الشعب المصري سوف تنداح حتما علي كافة الاقطار العربية, ويضيف البيان قائلا, لقد كنا ومازلنا مشفقين علي مايجري في مصر من استقطاب وقد حاول رئيس حزب الامة ومن خلال منتدي الوسطية الدولية عن طريق نداء الكنانة اقتراح التوفيق بين الشرعية الانتخابية والتوازن المطلوب لتحقيق الوفاق الوطني ولكن السيد الصادق المهدي الذي هو رجل حسن النوايا لايدرك ان الغايات لاتدرك بالاماني وان تبسيط المشكلات لايساعد علي ايجاد العلاج السليم لها .
ولم يحدد للناس انجازات الشعب المصري التي ستنداح علي الاخرين بينما الذي يدور في مصر الراهنة صراع اجندات متباينة بين جهات تقول انها تريدها دولة قومية وبين اخرون يريدونها دولة دينية والدين وعبر تاريخه الطويل لم يعرف او يسود بين الناس عن طريق التنظيمات والاحزاب السياسية ويمضي بيان حزب الامة في الحديث عن الوصفة المقترحة من زعيم الحزب لحل مشكلات مصر والسودان معا رغم التباين المفترض بين النظامين في البلدين ويقول , من المأمول أن تكون زيارة الرئيس المصري للسودان هي للسودان الرسمي والشعبي معا ولا شك أنها سوف تتناول قضايا المصير المشترك الذي يمكن أن يتخذ شكلا تكامليا عندما يملك الشعبان مصيرهما في ظل الكرامة والحرية والديمقراطية، ويرجى تواصل القوى السياسية في البلدين على أوسع نطاق وكما نري فهي عبارات فضفاضة لاتقول لنا كيف سيتجاوز البلدين ازماتهم المعروفة وصولا الي مرحلة الامنيات المنشودة ومع ذلك وبعيدا عن مكسبات الطعم ولغة المجاملة يعتبر الرئيس المصري فعلا وقولا بين اهله متي ماحل في السودان ومرحب به وبكل المصريين في كل زمان في امتداهم الطبيعي ووطنهم التاريخي في بلاد السودان .
ومع ذلك فلكل مقام مقال ومصائر الامم والشعوب ليست بالامر الهزل والوضع في البلدين علي درجة عالية من الخطورة والتدهور الذي ينذر بانهيار البلدين وبفوضي قد تعم المنطقة كلها وتحول المنطقة الي مسرح مفتوح لصراع الاجندات الدولية والمخابرات والجيوش الاجنبية والامر يستدعي درجة عالية من التحلي بالشجاعة ودفع استحقاقات السلامة والنجاة من هذا المصير المشؤوم باعادة الحقوق الي اهلها في جنوبالوادي والسودان باطلاق الحريات العامة واقامة انتخابات حرة وسليمة وتمتين التجربة الديمقراطية في مصر العزيزة والجزء الشمالي من وادي النيل علي قاعدة حكم قومي سليم الدولة فيه ملك للجميع كما يحدث في كل بلاد الله والمنافسة فيها بعد ذلك حرة بين المتنافسين ومن يقول بغير ذلك يكون مثل من يبيع الوهم للناس ويؤجل الانفجار والانهيار.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه