تكتسب الزيارة المقبلة لوزير الخارجية المصري إلى فرنسا أهمية خاصة إذ إنها تأتى فى سياق العلاقات التاريخية بين باريس والقاهرة، كما تعكس وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية - رغبة البلدين في تعزيز العلاقات "الودية" بينهما والحفاظ على الحوار الوثيق بين العاصمتين. فمن المقرر أن يصل وزير الخارجية محمد كامل عمرو غدا الإثنين الى العاصمة الفرنسية باريس في زيارة عمل تستغرق ثلاثة أيام حيث يستقبله صباح بعد غدا الثلاثاء الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند بقصر الإليزيه.
ويرافق السفير حاتم سفير النصر مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية وزير الخارجية خلال الزيارة المرتقبة والتي تأتى في إطار العلاقات التي تربط بين البلدين في كافة المجالات وحرصهما على تعزيزها.
ويعقد وزير الخارجية فى اليوم نفسه الثلاثاء جلسة مباحثات مع نظيره الفرنسى لوران فابيوس تجرى على غذاء عمل بمقر الخارجية الفرنسية بباريس قبل أن يعقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.
ومن المقرر أن يعقد وزير الخارجية كامل عمرو إجتماعا الأربعاء القادم الموافق الثالث من إبريل المقبل مع ممثلى مجموعة "أصدقاء مصر" بمجلس الشيوخ والجمعية الوطنية الفرنسية "غرفتى البرلمان".
القضايا المطروحة وذكرت وكالة أنباء "الشرق الأوسط" انه من المتوقع أن تتركز المباحثات المصرية - الفرنسية على القضايا الاقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك، بما في ذلك الأزمة السورية الحالية وعملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في مالي على ضوء العملية العسكرية التي تقودها فرنسا.
وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية فإن وزيري الخارجية المصري والفرنسي سيناقشان كذلك العملية الانتقالية في مصر فضلا عن آفاق تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية.
وكان وزير الخارجية المصري قد التقى ونظيره الفرنسي عدة مرات خلال زيارات الوزير المصري إلى باريس حيث كانت الأخيرة في شهر يوليو من العام الماضي على هامش مشاركته فى الاجتماع الثالث لمجموعة "أصدقاء الشعب السوري".
كما التقى الوزيران كذلك عدة مرات أخرى بما في ذلك خلال الزيارتين التى قام بهما رئيس الدبلوماسية الفرنسية فابيوس إلى القاهرة في شهرى سبتمبر ونوفمبر 2012.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد قام بزيارة رسمية إلى مصر في شهر سبتمبر الماضي استقبله خلالها الرئيس محمد مرسى، كما التقى ونظيره المصري وعدد من المسئولين الحكوميين وفضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب و الشخصيات السياسية وممثلي المجتمع المدني الذين كانوا أبرز الفاعلين منذ إنطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير.
كما عقد فابيوس اجتماعات مع ممثلى الشركات الفرنسية الذى يسهمون فى الديناميكية التى يشهدها التبادل التجارى بين مصر وفرنسا.
دعم فرنسي ويرى المحللون أن الزيارات المتبادلة بين المسئولين الفرنسيين والمصريين وخاصة بين وزيرى خارجية البلدين تشهد على رغبة باريس فى دعم مواصلة عملية الانتقال الديمقراطي في مصر والعمل مع السلطات المنتخبة حديثا في خدمة التنمية، الديمقراطية والسلام في إطار العلاقات القديمة و الوثيقة للغاية التى تربط فرنسا مع الشعب المصري.
كما يؤكد الخبراء على أهمية العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين، في ضوء إدراك فرنسا للدور الكبير الذي تقوم به مصر علي الساحة الإقليمية والدولية. ومنذ انتخاب الرئيس محمد مرسى سارعت فرنسا إلى تأكيد التزامها بالعمل مع الرئيس الجديد وخاصة فى المجال الاقتصادي الذي يعانى من صعوبات كبيرة..كما كررت أن عملية الإنتقال السياسي الجارية فى مصر شهدت علامة فارقة بانتخاب الرئيس المصري الدكتور محمد مرسى ومن المتوقع أن تعجل بتمويل المشاريع (الفرنسية) في مصر.
وأكدت باريس التزامها بما أعلنت عنه في عام 2011 بتقديم مساعدة قدرها 650 مليون يورو لمصر للفترة من 2011 إلى 2013 ، بالاضافة إلى 300 مليون يورو أعلنت عنها العام المضي لتمديد الخط الثالث لمترو الأنفاق في القاهرة.
كما أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند فور فوز الرئيس مرسى فى الانتخابات الرئاسية - إستعداد بلاده للتعاون مع الرئيس المصري المنتخب في إطار التاريخ الطويل الذي يربط بين البلدين..مشددا على وقوف بلاده جنبا إلى جنب مع المصريين "في لحظة حاسمة بالنسبة لمستقبلهم".
وأضاف الرئيس الفرنسي حينها أن باريس ستدعم مصر في الهيئات الاوروبية والدولية "للتغلب على التحديات التي تواجهها ، وخصوصا من الناحية الاقتصادي"..كما أشار إلى إلتزام فرنسا الكامل بشراكة دوفيل لدعم التحولات الديمقراطية في العالم العربي بما فى ذلك مصر.
علاقات متميزة وتشهد العلاقات المصرية - الفرنسية على مدى التاريخ تنسيقا متميزا على كافة الأصعدة خاصة السياسية منها والدبلوماسية لاسيما فيما يتعلق بالقضايا الاقليمية وعلى رأسها الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط والصراع الفلسطينى- الاسرائيلى..كما تشهد حاليا تنسيقا فيما يتعلق بالأزمة السورية الراهنة وذلك نظرا للدور المحورى الذى تقوم به مصر كقوة إقليمية ذات وزن على الساحة الدولية.
وتتميز العلاقات السياسية بين البلدين بالعمق والمتانة في ضوء التقدير الكبير الذي يكنه المسئولون الفرنسيون للدور القيادي الذي تقوم به مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، فضلا عن حرصهم على التشاور المستمر مع المسئولين المصريين للتعرف على رؤية مصر لتطورات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى القضايا الدولية الأخرى، وذلك فى ضوء الخبرة الكبيرة والمكانة البارزة التى تتمتع بها مصر على الصعيد الدولي.
التعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر وفرنسا يحتل أيضا أهمية كبرى ويرسم بعدا وآفاقا أخرى على خريطة العلاقات بين البلدين على ضوء حجم الاستثمارات الكبرى الفرنسية فى مصر حيث يوجد فى مصر ما يقرب من 120 فرع للشركات الفرنسية وخاصة تلك العاملة فى قطاعات خدمات البناء والطاقة والصناعة.
ووفقا لآخر التقارير الرسمية المصرية ..بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الاول من عام 2012 ما قدره 4ر1 مليار يورو مقابل 6ر1 مليار يورو خلال الفترة المماثلة من عام 2011 ، حيث شهدت نسبة انخفاض بلغت 5ر12%، ويعود هذا بالاساس إلى انخفاض حجم الصادرات المصرية البترولية بحوالي 9ر28% .
كما بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى فرنسا خلال النصف الاول من عام 2012 حوالى 1ر640 مليون يورو مقابل 8ر799 مليون يورو خلال الفترة المماثلة من عام ..كما وصلت قيمة الصادرات المصرية "غير البترولية" خلال الفترة نفسها نحو 280 مليون يورو مقابل 1ر293مليون يورو خلال الفترة المماثلة من عام 2011، وذلك بإنخفاض بلغ 5ر4%.
وبلغت قيمة الصادرات المصرية البترولية خلال النصف الأول من عام 2012 ما قدره 1ر360 مليون يورو مقابل 7ر506 مليون يورو خلال الفترة المماثلة من عام 2011..و تمثل الصادرات البترولية حوالي 2ر56\% من اجمالى الصادرات المصرية إلى السوق الفرنسية.
وفى المقابل بلغت الواردات المصرية خلال النصف الأول من عام 2012 ما قدره 1ر754 مليون يورو مقابل 794 مليون يورو خلال الفترة المماثلة من عام 2011، بنسبة انخفاض وصلت إلى حوالي 5%، ليبلغ حجم العجز التجاري ما قدره 114 مليون يورو مقابل 8ر5 مليون يورو خلال الفترة المماثلة من عام 2011.
وكان وفد يضم أكثر من سبعين من رجال الأعمال المصريين وممثلي كبريات الشركات المصرية قد قام فى نهاية شهر يناير الماضى بزيارة إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث إلتقى وعدد من كبار رجال الأعمال والمستثمرين الفرنسيين وممثلى كبريات الشركات الفرنسية.
وعقد أعضاء الوفد الاقتصادى المصرى الذى مثل عددا من القطاعات المختلفة لاسيما الحاصلات الزراعية والالكترونيات والمقاولات والذين إجتماعات مع نظرائهم فى فرنسا بهدف بحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين فرنسا ومصر تنشيط الاستثمارات المشتركة والتبادل التجارى بين الجانبي