هناك فارق كبير بين العمل السياسى وبين ممارسة العنف تحت مسمى وأدعاء العمل السياسى . فالممارسة السياسية تعتمد فى المقام الاول على كسب ثقة ومصداقية الجماهير من خلال رؤية وموقف وأجندة سياسية تسعى وتعمل على حل مشاكل الجماهير وأقامة نظاماً سياسياً يقيم دولة العدل والمساواة والمواطنة. دولة تعلى من القانون وتحترم القضاء وتقبل الاخر فى أطار الخلاف السياسى المشروع الذى يثرى الحياة السياسية والحزبية لصالح الوطن والمواطنين وهذا غير ممارسة أى شكل من أشكال العنف أعتقاداً أن هذا العنف يدخل فى أطار العمل السياسى المشروع فالتعبير عن الراى بكل أشكال التعبير المشروعة حق دستورى للجميع ومن الطبيعى أن يكون التعبير عن الراى فى مواجهة السلطة هو حق للمعارضة بكل تياراتها.. فالسلطة مواقف وقرارات والمعارضة تقيم ثم اتفاق او أختلاف..
والاتفاق والاختلاف يكون عن طريق التعبير عن الراى فى الاطار المتاح ولذا فليس من الطبيعى أن تقوم المعارضة بتظاهرة ثم ترد السلطة بمظاهرة تأئيد فهذا لا علاقة له بالديمقراطية .وهو فهم خاطىء وخلط بين السلطة والمعارضة . فحق المعارضة هو التعبير عن الراى وعلى السلطة ان تستجيب لراى المعارضة اذا كان حوله رأى عام ضاغط وموافق على هذا الراى.
وفى كل الاحوال لابد ان تكون العلاقة بين السلطة والمعارضة فى اطار القانون والسعى للعمل لصالح الوطن حتى تحافظ السلطة على مؤيديها وحتى تكسب المعارضة جماهير جدد يصلوا بها الى السلطة.
ولكن للاسف الشديد فما نراه الان هو خلط بين ممارسات السلطة وبين ممارسات المعارضة. وهى ممارسة متبادلة للحوار بالعنف بعيداً عن أى حوار سياسى حتى يمكننا أن نعلن وفاة السياسة وأحياء العنف . وهنا تصبح المسؤلية والخطاء على الطرفين.
ولكن لانستطيع أن نحمل المعارضة نصيب السلطة من المسؤلية..فالسلطة هى من تملك القرار وأدوات تنفيذه .وهى من يجب أن يكون لديها خطتها المدروسة للخروج بالوطن من هذا المنزلق الخطير الذى تعيشه الامة. ولذا فرد السلطة يكون بقرارات تحل المشاكل حتى تلتف الجماهير حولها ولكن أن تتصور السلطة أنها والمعارضة واحد .وتمارس نفس ممارسات المعارضة فهذا خلل واضح فى فهم دور السلطة.
والخطر الحقيقى الان يتمثل فى الانحياز الواضح والصريح من رئيس الجمهورية لاحد أطراف العنف فى مواجهة الطرف الاخر فى الوقت الذى يجب فيه على الرئيس أن ياخذ موقفاً من العنف أياً كان مصدره.
فهناك فارق بين ولاء مرسى للجماعة وبين مسئوليته الدستورية عن الوطن وسلامته. فكيف نرى الرئيس ياخذ موقفاً من المعارضة فى أحداث للاتحادية فى الوقت الذى قامت فيه الجماعة بالتعذيب والاستجواب بدلاً من السلطة بل الاهم هو أعلان الرئيس أن هناك اعتراف بالعمالة والبلطجة فى ذات الوقت وجدنا النيابة تفرج عن المتهمين بذلك ولا تحاسب من قاموا بالتعذيب.
وبنفس المنطق فى أحداث المقطم أخذ الرئيس ذات الموقف المنحاز ووجه الاتهامات نيابةً عن الجهات المختصة.
مع العلم انه كان على الرئيس أن يطالب بتطبيق القانون على المدأن فى الاتحادية والمقطم وعلى من حاصر الدستورية والادارية العليا وحاصر مدينة الانتاج ومازال يحاصرها بل يقوم بالاعتداء على الرموز السياسية والشخصيات العامة.
فهل هذا عنف وذلك ممارسة سياسية؟!
فالمشكلة هى أنحياز الرئيس وعدم حياديته لصالح الجماعة وليس الوطن .مما يجعل الاحساس بانه رئيس كل المصريين مفقوداً.. ومع ذلك فما هو الحل؟
اولا: من يطرح القوات المسلحة ..هنا نقول أن نزول القوات المسلحة فى غير توقيتها يمكن أن يحدث نتائج عكسية.ولن يكون هناك مبرر للنزول سواء فى حالة نشوب فوضى تؤدى الى حرب أهلية لا قدر الله .هنا يكون النزول وجوبياً وفرضاً وطنياً .
ثانياً:الانتخابات الرئسية المبكرة ..نعم يمكن أن تكون حلاً للمشكلة. ولكن هل تملك المعارضة امكانية أقناع الاجماع السياسى والجماهيرى على هذه الانتخابات؟
هل يمكن ان توافق التيارات الدينية على ذلك ؟
فاذا لم يكون هناك هذا الاجماع فلا يمكن أن تكون هذه الانتخابات المبكرة.
ثالثاً: يظل الحل المتاح الان لمن يستشعرون هذا الخطر ويعملون لصالح هذا الوطن لا لصالحهم الحزبى او السياسى او الذاتى .فالوطن على شفا حفرة من النار ستحرق الجميع ولذا لا حل غير الارادة السياسية التى تؤمن بالحوار الحقيقى لا الشكلى ..الحوار الذى يبداء على أرضية أن مصر لكل المصريين وليس لفصيل واحد .وانه لايمكن لفصيل واحد أن يخرج بنا من هذا الوضع المتأزم.
حوار يؤمن كل الاطراف أنه لا أحد منه يملك الحقيقة المطلقة ..وأن الخروج من الوضع الحالى لن يكون بغير حوار جاد حتى تكون مصر لكل المصريين .
أما من يتصور أن مصر له وحده ولن يرى غيره لن يرى مصر هو ولا غيره.
أما الاتهامات والتحقيقات لرموز المعارضة تعقد ولا تحل تأزم الامور وتجعلنا نسير فى الطريق المسدود.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه