كان لي الشرف أن كتبتُ مقالات عديدة بجوارك هنا في موقع شبكة الإعلام العربية - محيط، وفي موقع الحوار نت المغربي، وذلك قبل الثورة، وعقب الثورة تابعت كثيراً من مقالاتك في جريدة الحرية والعدالة، وأظن أنك قد توقفت عن الكتابة بعدما تم اختيارك سيادتك مستشاراً إعلامياً لوزير التربية والتعليم. عرفتك يا أستاذ محمد كاتباً محدداً في مقالاتك، إذ كنت تضعها في عناصر محددة وواضحة، وكنت تنشد فيها الإصلاح والتغيير لمنظومة الحياة المصرية التي تآكلت بفعل الروتين وغياب العدل، وكنت ترصد تقدم أولى النفوذ والواسطة إلى مقدمة الصفوف، وترك ما دونهم في ظلمات التجاهل والنسيان، يجأرون إلى الله بالشكوى.. كنت أقرأ مقالاتك التي تتأسى لهذا الواقع ثم تنثر بذور الحلم أملاً في الوصول إلى غدٍ أفضل.
أما وأن الثورة قد جاءت، وتبوأتَ أنت منصباً مرموقاً في وزارة التربية والتعليم، فكنت أظنك ولازلت، ستنهض إلى تحقيق ما سطره قلمك وما سوده مدادك، بعرض أنّات المظلومين المتزاحمة في أورقة المواقع والصحف والمنتديات على معالي الوزير لإيجاد سبيل لإزالتها، حيث كنتَ الأقرب إلى هذا المجال، وكنت تسمع وترى وتقرأ عن ضحايا المقصلة في وزارة التربية والتعليم، وأغلبهم شرفاء كان لهم رأياً فيما يدور، فأبوا إلا البوح به، فنالوا لقاء ذلك قهراً وظلماً ليس بخافٍ عليك.
سيدي، صفحات الشبكة العنكبوتية لا زالت زاخرة بنفس الشكاوى وأكثر وكأن الثورة لم تقم، وكأن هذه الشكاوى لن تعالج، وكأننا نعاود الكرّة مرة أخرى.. وكأن الوزارة بأجهزتها لا ترى ولا تسمع ولا ترصد ولا تعالج، والدليل استمرار هذه الصرخات والشكاوى بذات الوتيرة وزيادة.
هنالك فئة مظلومة من معلمي التربية والتعليم ضاعت مطالبها في زحمة المطالب المادية المتعددة، وقد كان حري بالوزارة أن ترفع الظلم عن هؤلاء أولاً، طبقاً للقانون لا مجاملة ولا منة ولا هبة.. فقط يريدون تحكيم عدل القانون في رد اعتبارهم الأدبي والمادي والمعنوي بعدما عانوا تهميشاً لسنوات طويلة قبل الثورة.. هؤلاء هم من تم استبعادهم من وظائف التدريس إلى وظائف مناظرة بدواوين الإدارات والمديريات بسبب فكرهم السياسي أو توجههم الديني بناء على توصية من الأمن للمديريات، ولعلك تعلم جيداً من هؤلاء.
تلك الفئة من المعلمين أعيدت إلى التدريس عقب الثورة بقرارات إدارية منقوصة، في استمرار لذات القرارات التي تترك ذيولاً ولا تعالج مشكلة بشكل قطعي وحاسم.. إذا عمدت المديريات إلى إصدار قرارات بعودتهم إلى وظائفهم الأصلية التي عينوا عليها ابتداءً (مدرس إعدادي) متجاهلة كل قرارات الترقية التي صدرت منها لهؤلاء أثناء فترة التواجد في دواوين الإدارات أو المديريات، رغم أنها قرارات صحيحة جرت على وظيفة مناظرة تتبع ذات المجموعة النوعية (التخصصية للتعليم)، فبعضهم رقي إلى أخصائي ثانوي أو أول ثانوي أو وكيل قسم، وهي تناظر بالترتيب مدرس ثانوي أو أول ثانوي أو موجه، طبقاً للقانون 47 لسنة 78 والذين تم تعيينهم عليه.
تقول لي هذه مسميات قديمة وهناك مسميات جديدة حسب القانون 155 لسنة 2007، ولكن لا زالت هذه الوظائف موجودة على قاعدة بيانات الوزارة وتحدد المرحلة التعليمية المقيد عليها المعلم، أي أن إرجاع هذه الفئة من المعلمين إلى المرحلة الإعدادية بقرارات العودة المنقوصة إلى التدريس يعني شطب كل فترة الاشتغال التي قضاها هؤلاء على رأس أعمالهم في دواوين الإدارات والمديريات، وكأنهم في أجازة أو سفر، و كأنهم اختاروا ذلك ولم يجبروا عليه.. أو بالأحرى كأنهم كانوا موتى وعادوا.
لا أظن أن يقبل أحد لديه بقية من ضمير بهذا الظلم البين الذي طال معلمين محترمين لسنوات طويلة بلا ذنب ولا جريرة، وأبسط شيء كان يمكن عمله أن يتم اعتماد ترقيات المعلمين التي حصلوا عليها على وظائف مناظرة بالإدارات والمديريات وكأنها قد جرت على وظيفة مدرس، ذلك لأن وظيفة أخصائي ومدرس متناظرتان بنصوص قرارات الاستبعاد ذاتها.. فلماذا هذا التنكيل بمن لم يسئ إلى هذا الوطن قدر قيد أنملة؟.
أضف إلى ذلك أن هؤلاء قضوا شهوراً طويلة لم يستلموا أعمالهم لتأخر استطلاع رأي الأمن، في الوقت الذي تقاضى فيه آخرون معينون بنفس القرارات كامل مرتباتهم ومكافآتهم وحوافزهم لأنهم تسلموا أعمالهم.. فماذا ذنب هؤلاء في ذلك؟.
أرجو استصدار قرار قانوني من الوزارة متضمناً الآتي :- (1) اعتماد الترقيات التي حصل عليها هؤلاء في فترة الاستبعاد وكأنها قد جرت على وظيفة مدرس. (2) اعتبار المدة من تاريخ التعيين وحتى تاريخ العودة إلى التدريس فترة اشتغال بالتدريس. (3) صرف المستحقات المالية بجميع أشكالها لهؤلاء في الفترة من تاريخ التعيين وحتى استلامهم للعمل.
صدقني سيادة المستشار الإعلامي لوزير التربية والتعليم، لو حدث ذلك سنقول: إن عدلاً وإنصافاً راح يعم وزارة التربية والتعليم وسوف ترون بركة هذا العدل في جميع أعمالكم إن شاء الله.
[email protected] الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه