روى النبي -صلى الله عليه وسلم - عن المولى عز وجل أنه قال: (( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم.... )) قوله: { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما } فبين الله عز وجل في هذا الحديث أنه حرم الظلم على نفسه فلا يظلم أحداً لا بزيادة سيئة ولا بنقص حسنة كما قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا [طه:112].
{ وجعلته بينكم محرماً } أي جعلت الظلم بينكم محرماً، فيحرم عليكم أن يظلم بعضكم بعضاً، ولهذا قال: { فلا تظالموا } والفاء للتفريع على ما سبق.
{ يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم } العباد كلهم ضال في العلم وفي العمل إلا من هداه الله عزوجل وإذا كان الأمر كذلك فالواجب طلب الهداية من الله، ولهذا قال: {فاستهدوني أهدكم } أي اطلبوا مني أهدكم، والهداية هنا تشمل هداية العلم وهداية التوفيق.
{ يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم }، وهذه كالتي قبلها بين سبحانه وتعالى أن العباد كلهم جياع إلا من أطعمه الله ثم يطلب من عباده أن يستطعموه ليطعمهم، وذلك لأن الذي يخرج الزرع ويدر الضرع هو سبحانه وتعالى كما قال سبحانه وتعالى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ *لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة:63-65] ثم المال الذي يحصل به الحرث هو لله عزوجل.
{ يا عبادي كلكم عار } أي قد بدت عورته إلا من كساه الله ويسر له الكسوة، ولهذا قال: { إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم }اطلبوا مني الكسوة أكسكم، لأن كسوة بني ادم مما أخرجه الله تعالى من الأرض، ولو شاء الله تعالى لم يتيسر ذلك.