قارنت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية الوضع الفلسطيني – الإسرائيلي الراهن بالوضع في جنوب أفريقيا قبل وبعد حقبة التمييز العنصري "الأبارتهايد". ورصدت المجلة في تعليق أوردته في موقعها الالكتروني الخميس، بعض أوجه التشابه؛ من وجود نظامين حكوميين وقانونيين منفصلين لشعبين يعيشان جنبا إلى جنب على أرض محتلة نتيجة للغزو والمصادرة. وكذلك شبكة الطرق الإسرائيلية مقابل العقبات التي يواجهها الفلسطينيون في تنقلاتهم عبر عشرات نقاط التفتيش، بما يعيد إلى الأذهان ما كان يعانيه السود من عزل وبؤس في "البانتوستانات".
وحاولت المجلة تأريخ البحث عن حلول للنزاع قائلة إن الدعوات إلى إقامة دولة ثنائية القومية يتقاسمها اليهود والعرب بدأت إبان اشتداد الهولوكوست عام 1942، إلا أن هذه الدعوة لاقت معارضة شديدة انتهت إلى تقسيم فلسطين لتبدأ بعد ذلك عقود من الصراع.
وانتقلت إلى الحديث عن الاعتقاد الذي بات راسخا لدى كل من الأممالمتحدة والبيت الأبيض وحول العالم بأن الحل القادر على إنهاء هذا الصراع لابد أن يقوم على أساس دولتين منفصلتين إحداهما يهودية تدعى إسرائيل متاخمة لأخرى عربية تدعى فلسطين على حدود عام 1967 فيما يعرف بالخط الأخضر، وأن تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين.
ورصدت المجلة معاودة فكرة الدولة ثنائية القومية إلى الظهور عام 2004 لتتبناها دوائر اليسار في الغرب وإسرائيل بالإضافة إلى أقلية فلسطينية متزايدة لتمثل عقبة أمام حل الدولتين.
ونقلت المجلة عن المؤرخ البريطاني اليهودي "أفي شلايم" القول إنه يعتقد أن الحكومات الإسرائيلية في الماضي والحاضر نسفت خيار الدولتين عبر ترسيخ الاستيطان في عمق الضفة الغربية، قلب الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وترى المجلة أن هذا الرأي بات يقتنع به المتشددون في إسرائيل وعدد متزايد من الفلسطينيين ممن باتو يعتقدون استحالة إقامة دولتين منفصلتين، ليبقى البديل الوحيد متمثلا في إقامة دولة ثنائية القومية.
واستكملت المجلة أنه على الرغم من تعدد الاحتمالات التي يطرحها حل الدولة ثنائية القومية، إلا أن أيا منها بالحقيقة لا يصلح أن يكون حلا فعليا.
وقالت مجلة "الإيكونوميست" إذا كان حل الدولة ثنائية القومية هو لمجرد رفض حل الدولتين، فإن العديد من اليمين الإسرائيلي سيؤيده، مشيرة إلى عدم تحمس الإسرائيليين لحل الدولتين عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه عام 2009 بجامعة بارإيلان عن تأييده على مضض لهذا الحل.
ونوهت المجلة البريطانية عن خطاب آخر لنتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي في مايو 2011 أعلن فيه مزهوا عن أن القدس ستكون تحت سيطرة اليهود بلا منازع أو شريك، قائلة إن من المستحيل تصور أن يقبل الفلسطينيون بدولة ليس فيها القدس.
ولفتت إلى أن نتنياهو لم يتعهد أبدا تعهدا صريحا بحل الدولتين، كما نوهت عن رفض حزب الليكود لأي حل يتضمن إقامة دولة فلسطينية وإصرار معظم أعضائه على أن تظل الضفة الغربية جزءا من إسرائيل إلى الأبد.
وفي السياق نفسه، أوردت المجلة إجابة نفتالي بينيت، الأكثر تعصبا في اليمين الإسرائيلي، عن سؤال حول إزالة المستوطنات اليهودية من الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية فيما بين القدس ونهر الأردن- بالقول "هذا هو ما لن يحدث أبدا".
وعلى الجانب الآخر، رصدت المجلة تساؤل الفلسطينيين في أحاديثهم عن حقيقة الدولة الواحدة، حيث يشكك معظمهم في أن يكون هذا حلا حقيقيا بعد أن بات الحديث عن إمكانية تعايش سلمي بين دولة فلسطينية ذات سيادة متاخمة لدولة إسرائيلية أمرا غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع.
وفي أقصى اليمين الفلسطيني حيث حركة المقاومة الإسلامية حماس، رصدت المجلة رفض الحمساويين لفكرة وجود إسرائيل من الأساس على أرض لا يزالون يحلمون باستعادتها من المتوسط إلى نهر الأردن.
وأوردت المجلة قول محمود الزهار، القيادي بحركة حماس "إن التيار الإسلامي قادم إلى السلطة، عشر سنوات كافية لمعادلة قوة إسرائيل وحلفائها لا أحد يستطيع التنبؤ بما يحمله الغد".