عن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما نهيتكم عنه أمرتكم به فآتوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك الذين من فبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ) أخرجه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة ، ومسلم في الفضائل عن أبي ثعلبة الخشني - رضى الله عنه - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال :(إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدوداً فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء - رحمة لكم نسيان فلا تبحثوا عنها ) حديث رواه الدراقطني وغيره . - ما أمس حاجة القلوب إلى جلاء فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد .!
- وحاجة النفوس إلى صفاء لإزالة العلائق بالوعد والوعيد ..!
- وحاجة العقول إلى إهتداء يوحى السماء لسلوك سبل الرشاد .!
من هنا كان الإرشاد الحكيم من النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذى آتاه المولى العظيم - سبحانه وتعالى - جوامع الكلم ، فجاء البيان النبوى جامعاً بين الوجازة والبلاغة ، بين أصول الدين وفروعه في جمع فريد ، ونظم سديد .
نظرة تأمل في مجموع الحديثين يتضح لنا تقسيماً محكماً فقد قسم سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أحكام الله -عز وجل - إلى أربعة أقسام :-
*فرائض * محارم * حدود * مسكوت عنه
من عمل بذلك : حاز الثواب و أمن العقاب لأن : من أدى الفرائض واجتنب المحارم ووقف عند الحدود وترك البحث عما فقد أوفى حقوق الدين واستحق الفضل من رب العالمين .
الفرائض أو الواجبات : سواء كانت فرض عين أو فرض كفاية .
هذه التكاليف من جهة المحافظين عليها : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) الآية 133 آل عمران
(سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) الآية 21 من سورة الحديد
ولذلك جاءت سبل الخير وطرق البر ومسالك الهدى في (أداء الأوامر) : (تعبد الله تشرك به شيئا وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان وتحج البيت ) (الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ) .
(رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) وفي حديث القدسي (وما تقرب إلى عبدى بشئ أحب إلى مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب بالنوافل حتى أحبه ...)
إذن في الأمر (إن الله -تعالى- فرض فرائض فلا تضيعوها ) ، (وما أمرتكم به فآتوا منه ما استطعتم )
المحرمات (ما نهيتكم عن شئ فاجتنبوه ) ، (وحرم أشياء فلا تنتهكوها )
اجتناب المنهيات يحقق كمال العبودية لله - عز وجل - ( اتق المحارم تكن أعبد الناس المحرمات تجتنب جملة واحدة - اجمالاً وتفصيلاً - الظاهر منها والخفي
(قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )
فشعائر الدين ومعالمه ، وأصوله ومقاصده ، لا يزاد فيها ولا ينقص منها ، فالإخلال أو الإحلال محدثات أمور (إياكم وحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة)
أصول المأمورات والمنهيات ثابتة لاتقبل الاجتهاد ، تحت أية دعاوى أو مبررات .
المسكوت عنه :
(....سكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) ، (إنما أهلك من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم )
أ ) سؤال الجاهل عن فرائض الدين للتعلم ، هذا السؤال واجب ،لقوله - عز وجل - (وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) الآية 43 من سورة النحل
وقوله -صلى الله عليه وسلم - (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)
وقال ابن عباس -رضى الله عنه - (إنى أعطيت لسناناً سؤالاً وقلباً عقولاً)
ب ) سؤال التفقة في الدين مثل الفتيا والقصاء فهذا فرض كفاية : قال الله -عزوجل - (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) الآية 122 من سورة التوبة
وقوله - صلى الله عليه وسلم - (ألا فليعلم الشاهد منكم غائب)
ج ) سؤال عن شئ لم يرد فيه إيجاب ولا نهي ، أو لشئ لم يحدث ، أو يسبب مشقة أو يسبب فتنة ، أو فيه تنطع في الدين ، فهذا منهى عنه : لقوله - تعالى - (ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم) الآية 101 من سورة المائدة ، وقولة - صلى الله عليه وسلم - (وسكت عن أشياء رحمة لكم فلا تسألوا عنها)
ومن مجموع الحديثين الشريفين لذي بصر وبصيرة (فقه المأمورات والمنهيات والمباحات) لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه