"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال " الرعد: ( 17 ) صدق الله العظيم
ليس غريبا ان يحتار الكاتب في التعبير عن شعوره اذا كان ما يريد التعبير عنه أقوي من قدرته، هذا ما أشعر به، أعجز عن وصف مدي المى وحزنى لما الت اليه الامور فى مصرنا الحبيبة الغالية، فاكاد ان اجزم اننى اعيش فى كابوووس؛ لا يمكن ابدا كنت اتخيله حتى فى عز جبروت النظام المخلوع مش بعد ثورة عظيمة قامت من اجل حياة ديمقراطية، ورغبة فى تحقيق حياة إنسانية كريمة يأمن فيها المواطن على حاضره ومستقبله، وهم يطالبون بتكافؤ الفرص للجميع وعدم التمييز بينهم .
فالجميع كان يحلم على المستوى الشخصى وعلى المستوى العام أيضاً بالتغيير؛ لكن تدهورت الأوضاع، بوصول رئيس منتخب للبلاد، واصبحنا فى موقف تبدو فيه صورة الوطن شديدة القتامة، وتسود حالة من الحزن العام جراء أحداث العنف المتصاعدة، والتى تنذر بانهيار الدولة ومؤسساتها وضياع فرص تحقيق أهداف الثورة بعد أن سُرقت منهم ، واستولى عليها فصيل غير مؤهل على الحكم وسعي الى تقسيم الوطن فوصل به الى طريق مسدود بعد فترة من سوء الإدارة.
د. مرسى هو من تسبب فى فوضى عملية الانتقال نحو الديمقراطية، وعلى الرغم من أنه منتخب، لكنه فشل فى مهمته، لانه تجاهل الشعب ومطالبه، ورسخ لوجود نظام حكم استبدادى وتسلطى، وكانه يقول لنا انا الفرعون الاكبر اعرف مالا تعرفون، لكن على مدى 7 شهور واكثر تبين لنا انه لا يشغله تاريخ مصر قدر ما يشغله تاريخ الجماعة.
الجماعه التى بدأت تفرض فكرها المتطرف على الشعب المصرى، وتتواجد فى الشارع المصرى، وبرضا كامل من السلطه الحاكمة، وبشكل رسمى تحت مسمى الشرطة الشعبية، وتريد ان تتدخل فى كل كبيرة وصغيرة حتى فى علاقتنا برب العالمين، لكن هيهات لهم فلن نقبل ان يزايد احد على ديننا، فالاسلام نشا منذ اكثر من 1400 سنة ونحن مسلمون من قبل ان نراهم ونعرفهم.
والسؤال: ألم يأن الأوان لأن نتحرر من توهم البعض باحتكاره للمعرفة الإيمانية والطريق إلى الله؟ لا سيما وأن الله جل جلاله قد أعطى خلقه حريتهم المطلقة حتى في الاعتقاد، (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وشدد لا إكراه في الدين، وحدد رسالة خاتم أنبيائه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب)، مبينا في الوقت ذاته أن الحاكمية له وحده فهو المحاسب المطلع (الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون)، ومؤكدا جل جلاله على أن مشيئته قد قضت بأن يعيش الناس في الحياة الدنيا مختلفين متعددي الرؤى والأفكار، (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين).
قامت ثورة الشعب المستمرة من أجل تدعيم قيم المواطنة، لضمان سلامة الوطن، وتأمين مستقبله، والمحافظة على النسيج الوطنى بدعم المواطنة وسيادة القانون، الوطنية تبدأ من الحفاظ والاعزاز والتفاخر والتباهى بعزة تراب او ذرة رمل من مصر المصرية.
واليوم أتساءل: ماذا بقى من ثورة 25 يناير بعد سماع خبر انتشر على صفحات التواصل الاجتماعى تويتر والفيس بوك خبر: يقول ان دولة خليجية تطلب تأجير الآثار المصرية بالكامل لمدة خمس سنوات مقابل 200 مليار دولار..!! العرض يتضمن تأجير الأهرامات الثلاثة، وأبوالهول، وأبوسنبل، ومعابد الأقصر، فى مزاد علنى ونقل القطع الأثرية للخارج . اذا متى سيتم تاجير الشعب المصرى ايضا ؟؟.
الحقيقة نريد من الاخوان المسلمين ان يصدروا بيان او قرار جمهورى يوضح لنا ما معنى الوطنية، حتى نلتزم بذلك المعنى ولا نخرق القانون و لعلنا نوقف الخلط في ميادين الثورة بين الحابل والنابل.
مصر ليست نواة امة مصر دولة عظيمة، وعلى يد ابنائها المخلصين ستستعيد هويتها وريادتها، ودورها القيادي الذي تستحقه على الصعيدين العربي والعالمي، وهو الدور الذي قتله النظام السابق والحالى الذى يمشى على خطى النظام السابق لصالح قوى اقليمية اخرى معادية للعرب والمسلمين، مقابل التستر على الفساد وتسهيل عملية التمكين للجماعة المحظورة.
مصر شعبها شديد التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية، لكنه كم انتفض ضد الاستعمار والاستغلال والأذى العام، مصر تمرض ولكنها لا تموت، إن اعتلت اعتل العالم العربي وان صحت صحوا, فان لها قدرة غريبة على بعث روح الحياة والإرادة في نفوس من يقدم إليها. انظر إلى البطل صلاح الدين، بمصر حقق نصره العظيم. أنظر إلى شجرة الدر، مملوكة أرمنية تشبعت بروح الإسلام فأبت ألا أن تكون راية الإسلام مرفوعة فقادت الجيوش لصد الحملة الصليبية.
أيها الشباب أعيدوا تقييم مصر. ثم أعيدوا بث الإرادة في أنفسكم فالحياة أعظم من أن تنقضي بلا إرادة. أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم.
واخيرا تعليق صغير على خطاب د . مرسى حيث لفت انتباهى عندما طلب من المصريين ان يسامحوه اذا اخطأ، بكل بساطه، وعفا الله عما سلف، وهل يأخذ الدكتور مرسى فى الحسبان هذا الشعب المسامح ، وينظر فى أمره مرة اخرى، محاولا تصحيح ما تم الوقوع فيه من أخطاء تجاهه ام تطالبه ان يظل طوال الوقت يسامحك ؟!!ز
وهل يسامحك الشعب على اختيارك لحكومة وبعض المناصب الكبرى التى لا تليق بمصر بعد ثورة شعبية (طالبت بالعدالة الاجتماعية) اعتمادا على أهل الثقة وليس الكفاءة! واصرارك على استمرار الحكومه الحالية رغم كل السلبيات اللى احيطت بها ورغم ان اقالتها مطلب شعبى واساسى !!!
ام يسامحك على الفوضى التى سادت البلاد منذ أن اصدرت الإعلان الدستورى، الذى كرس ديكتاتورية السلطة، واعتدى على السلطة القضائية، وحاصر رجالك المحكمة الدستورية، وتفصيل مواد خاصة فى الدستور، وأقالة النائب العام السابق بغير الطريق الذى رسمه قانون السلطة القضائية، وتعين نائبا عاما بالمخالفة للقانون وتحصين قراراتك.
ام يسامحك على أهدارك لسيادة القانون وضرب عرض الحائط بأحكامه وأنا اسمع خبر تحديد موعد الانتخابات البرلمانية، من قِبل حكم قُضاة «الدستورية» الذين يعرفون أنهم يمثلون ضمير الوطن ويتولون مسئولية الدفاع عن حقوقه.
ام يسامحك على قتل 16 من شهداء رفح من الضباط والجنود راحوا دون حساب أو محاكمة أو حتى تطهير سيناء من بؤر الإرهاب، ام على مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين والمئات من الأمهات والآباء الذين يبكون أولادهم ليل نهار.
يا سيادة الرئيس قد تحرك قطار التغيير ولا ريب، ولن تعود مصر ابدا كما كانت قبل 25 يناير، مهما حدث او لم يحدث، طال الزمن ام قصر قبل ان تتحق كل المطالب المعلنة لهذه الهبة التاريخية.
فالثورة شعارها : إما النصر .. أو الموت ..! لكن ياتُرى .. من سيصرخ صرخة الفرح والإنتصار ..؟!
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أالقائمين عليه