في الوقت الذي تحاول فيه مصر استعادة موقعها على الخريطة السياحية بين الدول جاء حادث منطاد الأقصر، ليزيد الوضع سوءاً ، حيث قد يؤدي الحادث إلى مزيد من المعاناة بقطاع السياحة الذي يعاني في ظل تدهور الأوضاع الأمنية في الآونة الأخيرة. فبسبب تداعيات الأزمة السياسية المستمرة يخسر قطاع السياحة حوالي 300 مليون دولار أسبوعيا ، فقد فقدت مصر موسم السياحة الشتوي بعد أن أحجم السائحون عن زيارة مصر وتراجع نسب الإشغال في الفنادق إلى أدنى مستوى ، حيث تأثر قطاع السياحة بشدة من الأحداث التي تشهدها البلاد منذ صدور الإعلان الدستوري في الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر الماضي.
وجاء حادث اليوم ليضيف معاناة جديدة لهذا القطاع ، بعد الاعلان عن مصرع 19 سائحا أجنبيا اليوم الثلاثاء بعد انفجار منطاد كان يقل نحو 21 شخصا (20 سائحا وقائد) بمدينة الأقصر جنوبي مصر. وانفجر المنطاد التابع لشركة "سكاي بالون" في الهواء وسقط قرب منطقة مزروعة بالقصب غربي الأقصر، وأن الضحايا من اليابان وهونغ كونغ وفرنسا وبريطانيا، بينما نجا قائد المنطاد المصري. ورغم طيران عشرات المناطيد يوميا في مدينة الأقصر السياحية، إلا أن المدينة لم تشهد حوادث مشابهة منذ سنوات.
خسائر بالمليارات
ففي الوقت الذي تعتبر فيه السياحة من أهم مصادر الدخل القومي في مصر، كما أن الشعب المصري معتاد على وجود السياح منذ القدم ، تكبد قطاع السياحة منذ الأحداث السياسية التي اندلعت في مطلع عام 2011، خسائر قدرت بنحو 2.5 مليار دولار، وذلك وفقاً لوزارة السياحة المصرية. وتراجع عدد السياح الذين زاروا مصر في العام الماضي 2012، إلى 11.5 مليون سائح. وبلغت إيرادات السياحة في نفس العام 10 مليارات دولار، أما في عام 2010 فبلغ عدد السياح القادمين إلى مصر 14.7 مليون شخص، في حين بلغت الإيرادات السياحية 12.5 مليار مليار دولار.
وتعد مصر من أبرز الدول السياحية في العالم حيث بلغ عدد السياح الزائرين لمصر أكثر من 9.79 مليون سائح في 2007 م.كما أن مصر احتلت المرتبة 58 عالمياً من بين 124 دولة في مؤشر تنافسية السياحة.
ويعاني قطاع السياحة في مصر منذ تبعات الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك أوائل 2011. واحجم كثير من السياح عن زيارة مصر بسبب موجات من العنف وعدم الاستقرار.
وسعياً لاستعادة هذا القطاع نشاطه من جديد ، ذكرت وكالة "رويترز" أن الحكومة المصرية أعلنت الاحد إن وزير السياحة سيتوجه إلى ايران بينما تحاول القاهرة وقف تراجع اعداد السائحين واعادة الدفء الى العلاقات مع ايران بعد جمود استمر 30 عاما.
وقالت وزارة السياحة في بيان ان الوزير هشام زعزوع بدأ زيارة للعاصمة الايرانيةطهران أمس الاثنين "فى إطار جهود وزارة السياحة لاستعادة الحركة السياحية الوافدة إلى مصر واستكشاف أسواق جديدة ومتنوعة".
لجنة فنية وفور حادث سقوط المنطاد الذي خلف قتلى وجرحى ، صرح السفير علاء الحديدى المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء بأنه تم تشكيل لجنة فنية من وزارة الطيران المدنى لمعرفة اسباب الحادث للحيلولة دون تكرار تلك الحوادث فى المستقبل. كما أجرى رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل اتصالا عاجلا مع محافظ الأقصر عزت سعد للوقوف على آخر الاخبار المتعلقة بحادث سقوط بالون طائر فوق المحافظة والذى أدى إلى وفاة عدد من السياح وإصابة اثنين بينهما قائد المنطاد. من جانبه، أصدر الاستاذ الدكتور محمد مصطفى حامد وزير الصحة والسكان تعليماته بنقل مصابي حادثة منطاد الأقصر بالإسعاف الطائر . كما توجه فريق طبي برئاسة الدكتور محمد سلطان رئيس هيئة الإسعاف المصرية إلى الأقصر للوقوف على حالة المصابين ونقلهم إلى معهد ناصر.
تاريخ المناطيد وظهرت المناطيد قبل اختراع أول طائرة بأكثر من قرن من الزمان، والمنطاد هو بالون كبير الحجم، يتكون من كيس ضخم جداً من القماش المتين، أو من شرائح من مادة النايلون التي تتميز بخفتها وشدة تحملها للضغط الجوي، ويكسى الجزء السفلي من هذا الغلاف بمادة خاصة مقاومة للاحتراق لتفادي اشتعال المنطاد بأثر اللهب، كما أن المنطاد تتصل به سلة من الخوص في أسفله يستقلها ركابه أو توضع فيها البضائع المراد نقلها، وهذه السلة تصنع من الخوص الذي يتميز بخفة الوزن وشدة التحمل مع المرونة وهذه المرونة لها أهمية خاصة أثناء الهبوط لأنها تؤدي إلى التخفيف من صدمة الارتطام بالأرض، كما أن السلة تحمل في أعلاها موقدا للنار يعمل بغاز الهيليوم أو الهيدروجي.
وكان الفرنسي "هنري جيفار" هو أول من نجح في عام 1852 في تنفيذ أول رحلة طيران بمنطاد، وكان المنطاد الذي استخدمه في رحلته هذه مزوداً بمحرك ضعيف قوته 3 حصان فقط، ويزن 160 كيلو جرام، أما البالون الذي استخدمه فكان عبارة عن كيس بطول 44 متر ملأه بالهيدروجين، وانطلق جيفارد بالمنطاد من باريس بمعدل سرعة 10 كيلو/ ساعة، ولمسافة بلغت 30 كيلومتراً تقريباً.
وتصنع المناطيد بأحجام وأشكال مختلفة، فمنها ما يكون على شكل ألعاب أو مباني أو حتى على شكل زجاجات المياه الغازية، و لكن الشكل الأكثر استخداما هو شكل اللمبة التقليدية المقلوبة.
حوادث سابقة وهناك العديد من الدول شهدت حوادث مماثلة لما حدث اليوم بالاقصر ومنها على سبيل المثال: حفل زفاف كارثى فخلال الشهر الماضي تحول حفل زفاف في ولاية كاليفورنيا على متن أحد المناطيد إلى سقوط كارثى بعد أن اصطدموا بعاصفة من الرياح أسقطت المنطاد، وكان على متنه العروسين بالإضافة إلى 14 من أصدقائهم المقربين، والذى تفاجئوا بتمايل المنطاد ثم سقوطه فى حديقة إحدى المنازل. ولحسن الحظ اصيب شخص واحد من الركاب بجروح من ضمن 14 راكبا كانوا على متنه، ويرجع السبب الأساسي بحسب التقديرات للحادث الى شدة سرعة الرياح . وأظهر الفيديو سقوط المنطاد بعد أن ضربته عاصفة بمجرد أن تبادل العروسان عهود الزواج الخاص بهما، والذى انطلق قبل ساعات من غروب الشمس، ثم أظهر الشريط البالون الأزرق والأصفر وهو يكسو بعض الأشجار فى حديقة احد المنازل بعد سقوطه. - كما شهدت البحرين أيضا حادثاً مماثلا الشهر الماضي بعد أن سقط منطاد وزارة الداخلية على شارع شيخ عيسى بن سلمان في 18 يناير/ كانون الثاني 2013، وقد أدى ذلك لازدحام الشارع. وأشار شهود عيان إلى أن منطقة السقوط على شارع الشيخ عيسى بن سلمان بالقرب من السفارة الأمرييكية، وقد تسبب سقوط المنطاد في خلق إرباك مروري شديد. وكان رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن رئيس اللجنة الوطنية لمواجهة الكوارث صرح في يوليو 2012 بأنه في إطار تطوير المنظومة الأمنية ستنفذ وزارة الداخلية تجربة إطلاق منطاد للمساعدة في رفع الكفاءة الأمنية من خلال رصد نسبة مختلف أشكال التلوث البيئي ولقياس أية مستويات إشعاعية ضارة بالمملكة وذلك في إطار الخطة الوطنية للتعامل مع الحوادث الإشعاعية التي أقرها مجلس الوزراء كما يساعد في رصد ومتابعة الإزدحامات المرورية التي تشهدها شوارع المملكة.
- وفي يناير 2012 لقي 11 شخصا مصرعهم بعدما سقط منطاد يعمل بالهواء الساخن على الأرض في نيوزلندا صباح يوم السبت 7 يناير 2012 . وذكر بيان للشرطة النيوزلندية أن الحادث وقع في الساعة 7:26 صباحا في كلارفيل بالقرب من كارترتون بنورث أيلاند الدنيا. وأضاف البيان أنه "يبدو أن حريقا نشب، ما تسبب في جعل المنطاد الذي يعمل بالهواء الساخن يسقط في مزرعة. لم يتمكن قائد المنطاد و10 ركاب كانوا على متنه من النجاة". وأوردت "قناة تليفزيون نيوزلندا" أن سقوط المنطاد يعد أسوأ حادث طيران في البلاد منذ تحطم طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية النيوزلندية عام 1979ما أسفر عن مصرع 257 شخصا.
- ويبدو أن المنطاد له استخدام اخر من نوع خاص ، حيث تستخدمه اسرائيل في التجسس ، فقد سقط منطاد تجسس اسرائيلي قرب حدود غزة في مايو 2012
وأكّدت مصادر عسكرية اسرائيلية رسمية نبأ سقوط منطاد تجسس تابع للجيش الاسرائيلي قرب السياج الحدودي لقطاع غزة. ونقلت الإذاعة العبرية ن المصادر ذاتها ما مفاده بأن منطاد مراقبة تابع لسلاح الجو الاسرائيلي تحطّم بعد سقوطه على مسافة قريبة من حدود قطاع غزة.
- وفي أغسطس 2012 قتلا شخصان على الأقل وأصيب 18 آخرون عندما اشتعلت النار في منطاد يعمل بالهواء الساخن يحمل سياحا أجانب ومحليين قبل سقوطه قرب العاصمة السلوفينية ليوبليانا ، وقيل أن من بين المصابين ستة اطفال. وتم بث مقطع فيديو قصيرا يظهر طائرة هليكوبتر للشرطة تحلق فوق حقل للذرة في ضاحية إيج على مشارف ليوبليانا حيث سقط المنطاد.
- وشهدت مدينة باث البريطانية سقوط منطاد في أول أيام العام الجديد 2011 ، راح ضحيته شخصين، على الأقل. وذكرت الشرطة أن المنطاد، الذي يعمل بالهواء الساخن، سقط في أرض مخصصة للجولف.
- وفي الامارات لقي شخصان مصرعهما، وجرح إثنين آخرين حالة أحدهما حرجة، في حادث سقوط منطاد يقل 14 سائحا، في مدينة العين شرق العاصمة الإماراتيةأبوظبي في ابريل 2010 . وأكدت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات في بيان أن الحادث وقع ما بين الساعة السادسة والسابعة صباحا بالتوقيت المحلي، مشيرة إلى أن المنطاد كان يحمل على متنه 13 شخصا، بالإضافة إلى قائده. وقال بيان الهيئة إن المتوفين هما فرنسي وهندي، لافتا إلى أن فريقا تابعا للهيئة توجه إلى مكان الحادث لفتح تحقيق في ملابساته، بينما أعلن أن المنطاد تابع لشركة ''الإمارات لرحلات المناطيد''.
- وفي أغسطس 2007 قتل شخصان وأصيب 11 آخرين لدى احتراق منطاد كانوا يستعدون للتحليق على متنه غربي كندا. وقال شهود عيان إن المنطاد انفجر واندلعت فيه النيران قبيل إقلاعه فوق ضواحي مدينة فانكوفر. وأضافوا إن النيران كانت مندلعة في ثياب بعض الركاب لدى قفزهم من مقصورة الركاب المعلقة بالمنطاد قبل سقوطها على الأرض. وقالت الشرطة الكندية إن ذوي الضحايا كانوا على الأرض وشاهدوا وقوع الحادث ومقتل الضحيتين. كما أدى سقوط اسطوانات الغاز المستخدم في تحليق المناطيد إلى اندلاع النار في احد مواقف السيارات وإلحاق أضرار بالسيارة المتوقفة لكن دون وقوع إصابات. ووصف احد مسئولي الشرطة الحادث بأنه مأساوي وبأن ذوي الضحايا شاهدوا الحادث المؤسف بأعينهم. وأضاف المسئول من حسن الحظ انه لم يكن هناك احد في السيارات والمقصورات التي تحطمت بسبب سقوط اسطوانات الغاز التي كانت على متن المنطاد عليها. وقال احد المحققين من هيئة سلامة النقل في كندا إن الركاب البالغ عددهم 12 شخصا كانوا قد انتهوا للتو من الصعود إلى المنطاد وكانوا يتهيئون للإقلاع عندما اندلعت النيران في المنطاد.