حذرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم، الحكومة الانتقالية في اليمن من المخاطر التي تهدد استقرار الأوضاع في البلاد. وذكرت المنظمة - في تقرير لها حصلت وكالة أنباء "الشرق الأوسط "على نسخة منه - أنه يتعين على حكومة الوفاق، أن تتخذ خطوات عاجلة لضمان تحقيق العدالة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت خلال انتفاضة عام 2011، وإجراء تحقيق فوري في مقتل ما لا يقل عن 4 متظاهرين في مصادمات مع قوات الأمن في عدن في يومي 20 و21 فبراير الجاري.
وأشارت المنظمة - في تقريرها - إلى الخطوات التي اتخذها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ، الذي تولى منصبه في 25 فبراير2012، في إتجاه انتزاع قوات الأمن من قبضة أقارب الرئيس صالح ، معربة عن قلهقها إزاء بطء إيقاع الإصلاح بصفة عامة، بما فيه إخفاق الرئيس هادي في تشكيل أعضاء لجنة تحقيق كان قد أعلن عنها في سبتمبر2012 للتحقيق في جرائم حقوق الإنسان المرتكبة أثناء الانتفاضة.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط بالمنظمة جو ستورك " رغم تحسن الأوضاع في اليمن، إلا أن هناك انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان، مطالبا الرئيس هادي التصرف بحزم مع منتهكي الحقوق وتوطيد أركان سيادة القانون".
وانتهت المنظمة الحقوقية - مقرها نيويورك - في 15 فبراير الجاري من زيارة لليمن دامت أسبوعين وشملت لقاءات مع العديد من المسئولين الحكوميين والأمنيين وزعماء الأحزاب وأعضاء المجتمع المدني من مختلف الأطياف السياسية.
واكتشفت أدلة ذات مصداقية على انتهاكات جديدة تشمل اعتداءات نفذتها قوات الحكومة وقوات غير خاضعة لسيطرة الدولة على حد سواء، وطالت وسائل الإعلام والمتظاهرين الذين كانوا سلميين إلى حد بعيد.
ونقلت المنظمة في تقريرها عن شهود عيان - قولهم " في يومي 20 و 21 فبراير، فتحت قوات الأمن المركزي النار على المحتجين الجنوبيين في عدن، الذين كان البعض منهم مسلحين بالحجارة والأسلحة نارية، قتل في هذه العملية ما لايقل عن 4 متظاهرين، وأصيب 15 آخرون على الأقل بالرصاص ، حسب ما ذكره نشطاء حقوق الإنسان في المنطقة.
وقال بعض النشطاء وأحد المسعفين ل (هيومن رايتس ووتش)، إن عدد القتلى يمكن أن يصل إلى 14 شخصا، فضلا عن سقوط نحو 47 جريحا، كما احتجزت قوات الأمن اثنين على الأقل من قادة الحراك الجنوبي هما قاسم عسكر وحسين بن شعيب.
من جهتهم ، قال مسئولون بالحكومة اليمنية، "إن 6 من عناصر قوات الأمن المركزي جرحوا خلال المصادمات ، وفي 22 فبراير هاجم مسلحون مؤيدون لانفصال الجنوب نقطة تفتيش للجيش في عدن ، فقتلوا جنديا وأصابوا 3 آخرين".
كما طالبت (هيومن رايتس ووتش) - في تقريرها - السلطات اليمنية التحقيق في هذه الأحداث ، وفي الأحداث السابقة بعدن التي أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين بجروح بليغة، بما في ذلك مقتل محتجين اثنين على يد قوات الأمن المركزي في 11 فبراير.
وأوضحت أنه على مسئولي إنفاذ القانون الالتزام بالمعايير الشرطية الدولية عندما يشرعون في أداء واجباتهم ، يجب أن يكون استخدام الأسلحة النارية مقصورا فقط على الرد على تهديد وشيك بسقوط قتلى أو إصابات خطيرة ، أو منع وقوع جريمة خطيرة بما يتضمن تهديدا جسيما للأرواح أو لتوقيف شخص يمثل تهديدا خطيرا و يقاوم السلطات ، وأنه لابد من انتهاج سياسة ضبط النفس.
وشددت المنظمة - في لقاءات مع مسئولي الحكومة اليمنية - على أن المحاسبة على الجرائم السابقة هي مكون ضروري من مكونات الإصلاح السياسي والعسكري.
ودعت (هيومن رايتس ووتش) - في تقريرها - الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى استخدام سلطاته التنفيذية لإصلاح، وإنفاذ قانون العدالة الانتقالية الذي طال تأجيله ، والذي من شأنه أن ينشىء سجلا تاريخيا لجرائم حقوق الإنسان الخطيرة السابقة، وأن ينصف ضحايا تلك الانتهاكات.
يشار إلى أن القانون تعطل في البرلمان بسبب الخلاف المرير على الفترة الزمنية التي يغطيها ، فبعض الفصائل تريد أن يغطي عام 2011 فحسب ، بينما يريد البعض الآخر للقانون أن يرجع حتى الحرب الأهلية اليمنية في عام 1994 ، أوأن يشمل فترة رئاسة صالح الممتدة ل33 عاما بأكملها.
ومن شأن أحدث نسخ القانون ، التي قدمها مكتب الرئيس للبرلمان ، أن يلغي إنشاء السجل التاريخي ، وأن يقصر نطاق التحقيق على عام 2011 ، كما تنص هذه المسودة صراحة على أن أي تحقيقات تجري بموجب القانون ستخضع لقانون الحصانة الصادر في عام 2012 ، والذي منحه البرلمان بإيعاز من دول مجلس التعاون الخليجي ، وكذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لصالح وأنصاره.
وأكد تقرير المنظمة أن البرلمان أخفق في تمرير قانون جديد للعدالة الانتقالية ، فبوسع الرئيس اليمنى هادي أن يوقع عليه بنفسه، بموجب شروط مسودة انتقالية تسري لمدة عامين ، وتمنح الرئيس سلطة تمرير القوانين من طرف واحد ، إذا أخفق البرلمان في تحقيق الإجماع.
وتم وضع المسودة بوساطة من الأممالمتحدة ووقع عليها كل من حزب الرئيس السابق ، المؤتمر الشعبي العام ، وتكتل أحزاب اللقاء المعارض.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط بالمنظمة جو ستورك :"تعرضت مسودة قانون العدالة الانتقالية للتخريب حتى أفرغت من مضمونها ، وعلى الرئيس هادي أن يستخدم ما يتمتع به من سلطة للموافقة على قانون يحقق العدالة ، وليس مجرد تمويه".