في مثل هذا اليوم الموافق 11 فبراير منذ عامين كانت الشوارع المصرية تعم بالأفراح والسرور بعد أن حققت الثورة أول أهدافها بعد 18 يوماً قضاها الثوار بميدان التحرير يوحدهم هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" " عيش، حرية، عدالة اجتماعية".. وقضاها البعض في محاولات للتفاوض والحوار مع أبرز رموز مبارك ، إلا أنه في كلمات مقتضبة استغرقت أقل من دقيقة بصوت اللواء الراحل عمر سليمان أعلن خلالها عن تنحي مبارك " في ظل هذه الظروف العصيبة قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد" ، وتم اعتبار هذه الكلمات تاريخية ، وبعدها بلحظات انطلقت كل أنواع ردود الأفعال . ولم يكن يتصور أحد أنه بعد عامين أيضا نجد أن الشارع الذي امتلاء بالأفراح يعيش حالة من الاحتقان ، حيث لا زال هناك الكثير ينتفض لاستكمال تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها ثورة يناير .
فهناك الكثير من القوى ترفض الاعتراف بانتهاء الثورة وبداية الاستقرار.. مجموعات وقوى قدمت أغلى شبابها وقودا للثورة ولم ولن ترضى سوى باستكمال تلك الثورة التي استشهد من أجلها الآلاف ، حيث يطالبون برحيل نظام الإخوان والرئيس محمد مرسى.
وتشهد محافظات مصرية عدة منذ أشهر تظاهرات حاشدة وفعاليات احتجاجية اعتراضاً على ما يعتبره المعارضون ممارسات تقوم بها جماعة "الإخوان", "للهيمنة" على مفاصل الدولة المصرية عبر منهج إقصائي يُبعد التيارات المدنية عن مقاليد الأمور.
إسقاط النظام
وتحل ذكرى التنحي مع تزايد العنف في الشارع وانتشار الصدامات بين الشرطة والمتظاهرين كلما نُظمت فعاليات احتجاجية على خلفية الأزمة السياسية المحتدمة.
فقد دعت القوى الثورية جماهير الشعب المصري، للمشاركة في مسيرتين سلميتين اليوم تحمل شعارات "إسقاط النظام" و"القصاص للشهداء" و"العدالة الاجتماعية"، خلال ذكرى تنحي مبارك.
وتنطلق المسيرة الأولى من أمام مسجد الفتح برمسيس، والمسيرة الثانية من أمام مسجد السيدة زينب، على أن تبدأ المسيرات بالتحرك في الساعة الخامسة مساءا متوجهة إلى ميدان التحرير.
وستشمل القوى السياسية المشاركة في هذه الفعاليات حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حركة شباب من أجل العدالة والحرية،حزب الدستور، الحركة الشعبية لاستقلال الأزهر، حزب الكرامة، الجبهة الحرة للتغيير السلمي، اتحاد شباب ماسبيرو، حركة شباب الثورة العربية، الاشتراكيون الثوريون، التيار الشعبي المصري، حزب مصر الحرية، الجمعية الوطنية للتغيير، حركة كفاية.
وقالت القوى المشاركة في بيان لها، أنه بعد مرور عامان على ذلك المساء الذي حبست فيه الأنفاس في ميادين التحرير، بل ويمكن أن نقول في بلاد العالم أجمع، والناس في انتظار خطاب طال انتظاره يعلن تنحي الديكتاتور حسني مبارك عن حكم مصر.
ورغم كل ما سال من دماء، وكل العيون التي راحت برصاص قوات أمنه وكل المصابين الذين سقطوا برصاصه وخرطوشه وقناصته، أنيرت السماء بشماريخ الانتصار والهتاف وتبادل الثوار في الشوارع الأحضان، فقد سقط الديكتاتور الذي ظن أنه لن يسقط .. إنه يوم الحادي عشر من فبراير.. يوم احتفل الشعب المصري بخلع محمد حسني مبارك بعد ثلاثين عاما من القمع والفساد والنهب.
تظاهرات بالمحافظات
ولن تقتصر المسيرات على القاهرة فقط ، فسوف يكون للمحافظات أيضا نصيب من تلك الاحتجاجات، فقد أعلنت قوى وحركات ثورية بمحافظة الإسكندرية ، عن عزمها المشاركة في مسيرات اليوم ، وقررت تلك القوى والحركات السياسية والتي تشمل " حزب الدستور والتيار الشعبي وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وحملة لازم والاشتراكيين الثوريين وحركة كفاية واللجان الشعبية" ، الخروج في مسيرات تبدأ من مزلقان فيكتوريا بشرق المدينة لتجوب شوارع منطقة الساعة ودربالة، انتهاء بشارع الوزارة.
وقال مسئول الاتصال بحزب الدستور هيثم الحريري، أنه في مثل هذه الأيام منذ عامين كانوا لا يفارقون الشوارع والميادين ،لافتا إلى أنه كان للإرادة الشعبية دورها الفعال في القضاء على نظام فاسد لعدة عقود،
فيما حمل حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بالإسكندرية جبهة الانقاذ مسئولية فاعليات العنف خلال أحداث "جمعة الكرامة".
كما ينظم الأحزاب والقوى السياسية المعارضة بمحافظة الفيوم فعاليات احتجاجية فى هذه الذكرى والتى تبدأ فى الساعة الواحدة بعد ظهر اليوم بتظاهرة أمام ديوان محافظة الفيوم.
وصرح عبدالناصر أبو راتب امين حزب العمال والفلاحين "تحت التأسيس " بالفيوم أن الفعاليات الاحتجاجية المقرر تنظيمها اليوم قد تستمر حتى الساعة السابعة مساء للمطالبة برحيل حكم المرشد، مشيرا إلى أن عدد من النشطاء السياسيين بالفيوم ينوون الاعتصام أمام ديوان المحافظة سلميا للمطالبة برحيل حكم المرشد .
اقتحام القصر
وفي تصعيد جديد للميليشيا المعروفة ب"بلاك بلوك" ، هددت إحدى الصفحات التي تتحدث باسم مجموعة "بلاك بلوك" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنها تنوي اقتحام قصر الاتحادية الرئاسي الاثنين في الذكرى الثانية لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك تحت شعار "رحيل مرسي أو الفوضى" لإجبار الرئيس محمد مرسي على الرحيل من منصبه.
وقالت الرسالة المنشورة على الصفحة التي يبلغ عدد أعضائها قرابة 44 ألفا: "من (Black Bloc Egypt) إلى مرسي وإخوانه.. الرحيل أو الفوضى! 11 فبراير اقتحام القصر، قضي الأمر، وموعدنا في الاتحادية الساعة 3.30 العصر".
فيما كشفت معاينة فريق من النيابة العامة عن احتراق بوابة قصر الاتحادية رقم 4، ووجود تكسير كامل للرخام الموجود بالقصر، وتبين وجود كميات كبيرة من الحجارة داخل القصر وكميات كبيرة من زجاجات المولوتوف.
وكانت الحركة قد هددت في بيان سابق لها بتنفيذ خطة للتصعيد من موقفها وإسقاط الرئيس مرسي ونظام جماعة الإخوان المسلمين خلال 3 أيام، من خلال خطة محكمة يتم بمقتضاها شل المرافق الحيوية بالدولة في حماية مجموعات مسلحة وإجبار 50 ألف شخص على تنفيذ المخطط.
الشعب محبط
ومن جانبه، يصف أستاذ علم النفس بالقاهرة يسري عبدالمحسن في تصريحات خص بها صحيفة "البيان" الاماراتية ، حال الشعب المصري طيلة العامين الماضيين منذ تنحي مُبارك وحتى الآن بالقول إن الشعب المصري انتابته حالة من الإحباط الشديد نتيجة تأخر الثورة في تصحيح أخطاء المرحلة الماضية، وفشل القادة السياسيين في تحقيق مطالب ثورة 25 يناير ومن ثم تملكته حالة من الغضب والحنين إلى عهد مُبارك بما كان يحمله من وضع أمني مستتب ومستقر نسبياً عما تشهده مصر الآن، مشيراً إلى أن الشارع وجد في مُرسي صورة من مُبارك ومن ثم تخبطت رؤيته للمشهد الحالي «وكفر كثير من أبناء مصر بالثورة، وتملكهم حنين لعهد مبارك.
ويضيف عبدالمحسن أن وجود رئيس يتمتع بخلفية إسلامية في سدة الحكم وحزب قائم على أساس مرجعية إسلامية هو حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان تزامناً مع فشل الإدارة الحالية في التغيير كل ذلك يؤدي إلى حالة من فقدان الثقة في الإسلاميين، ومن ثم فإن ذلك كله يهدد إيمان الجيل وثقته بعلماء ورجال الدين وهو أمر خطير للغاية خاصة أن النظام الحالي "فشل في أن يتعامل بصورة نفسية صحيحة مع المصريين ومشكلاتهم وتطلعاتهم المختلفة".
لا زال رئيساً وراح بعض المصريين يستعين بالناحية القانونية من أجل إبطال تنحي مبارك. حيث تقدّم عدد من المحامين بدعاوى تطالب ببطلان التنحي وهي الدعاوى التي تم إرجاء النظر فيها إلى جلسة أول أبريل يستند فيها مقدمو الدعوى إلى أن مُبارك لم يصدر قرارات رسمية بالتنحي لكن كل ذلك كان من خلال خطاب لنائبه الراحل عمر سليمان دون وجود قرارات رسمية ومن ثم فهو نظرياً "لا يزال رئيساً لمصر".
فقد قررت المحكمة الإدارية العليا, بمجلس الدولة منذ عدة أيام ؟، تأجيل الطعن المقام من محيي راشد المحامي, وأنصار الرئيس السابق حسني مبارك الذي طالبوا فيه بإلغاء حكم القضاء الإداري برفض دعوي بطلان تنحي مبارك, وعودته الي رئاسة الجمهورية.
وكانت محكمة القضاء الإداري, قد أصدرت حكما بعدم اختصاصها ولائيا في نظر دعوي بطلان تنحي الرئيس المخلوع مبارك , وأكدت عدم اختصاصها بالفصل في الدعوي, لكونها تتعلق بعمل من أعمال السيادة التي لا تخضع لرقابة القضاء بصفة عامة والقضاء الإداري خاصة.
من جانبه, أكد راشد أمام المحكمة أن مبارك لم يصدر أي قرار بتخليه عن الحكم, وأن ما حدث هو إدلاء اللواء عمر سليمان بيانا بتخلي مبارك عن الحكم, ولهذا يجب إصدار حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا, بإلغاء قرار تنحي مبارك عن الحكم. وهناك حالة من الترقب تسود الشارع المصري انتظارًا لما ستسفر عنه فعاليات ذكرى التنحّي نتيجة المسيرات التي أعلن عنها .