يفتتح م. طلال أدهم المعرض الشخصي الخامس للفنان عبدالرحمن المغربي، وذلك يوم الاثنين الموافق 11 فبراير في "أتيلية جدة" بالسعودية، ويستمر المعرض لمدة أسبوعين. شارك المغربي في العديد من المعارض داخل وخارج المملكة، وأقام أربعة معارض شخصية كان آخرها في "قصر الفنون" بدار الأوبرا المصرية عام 2010 م، ومن خلال هذه المشاركات فاز بعدد من الجوائز أهمها جائزة "ملون السعودية" الخامس علي مستوي الخليج، وجائزة معرض "السفير". ويقدم المغربي في هذا المعرض ثلاثين لوحة تشكيلية جديدة، تعد امتدادا لتجربته الأخيرة "ذاكرة جدار". وعن تجربته الجديدة يرى هشام قنديل مدير الأتيليه أن المغربي يضع قدميه بثقة واقتدارعلى طريق التناقض المتنازع عليه فى الفن، ذلك الذي يجمع القديم والحديث، الأصالة والمعاصرة، الشىء وضده، ممتلكا بذلك أداوته وأسلوبه الخاص ذو الصوت المتميز والشخصية المستقلة الملامح، مقدما رؤى مختلفة لم يرتدها المشهد السعودي من قبل، رغم تأثره بخبرات من سبقوه في هذا المجال، ولكن ما يميزه تلك الحلول المبتكرة بأسلوب يميل إلى التجريد، ولعلك تشعر وأنت تشاهد أعمال عبدالرحمن المغربي بالقدم التليد، وفي نفس الوقت تشعر بروح العصر. تشعر بهدوء سطح اللوحة وقلق عميق في أعماقها, بالبنيات القاتمة والإضاءة الساحرة. ويواصل قنديل أن المغربي يرسم بحس الفنان البدائي ومعاصر في نفس الوقت، يعالج موضوع لوحاته بنزعة صوفية من خلال دائرة محدودة من الألوان في مقدمتها البنيات –وهولون القديم – الذي يلح على الذاكرة رافضا الموت ببساطة. والفنان يبحث منذ بداياته بإصرار وعناد عن موضوع يتفرد به محاولا أن يستخلص ملامحه ولغته الخاصة ورؤيته الذاتية، والخروج عن الموضوعات التقليدية التي يتناولها أقرانه، مع الاستفادة من المدارس الفنية المعاصرة من حيث اللجوء للتجريد واختزال العناصر والتفاصيل وإعجابه بالفن البدائي، الذي يراه معبرا أبلغ تعبير عن الإبداع والإبتكار من حيث البناء المعماري والإحساس بالوجود السرمدي الخالد. وقال قنديل ل"محيط": إذا كان أزميل الزمن قد محا بالتفتت والتآكل أروع آثار الفن البدائي, وأغرق بالطمس والمحو ملحمة المواجهة الممتدة والمتدرجة بين الإنسان وامتلاك العالم, فإن ما بقي من فن الأمم لا يزال قادرا علي تقديم الجذور الأولى التي عاشت على الأرض في الزمن القديم، وتراجعت بالفعل أهمية الحضارات القديمة، بينما بقي الفن يؤرخ لها، وها هو المغربي يستحضرها بأعمال أقرب إلى الشكل النحتي من حيث صلابة الخطوط واتساقها، وتأكيد الكتلة في نسيج عضوي واحد حافلة بالترديد والإيقاع ومتماسكة البناء، مع التأكيد على استلهام الفنون البدائية والحفريات القديمة، جماليات لغة تشكيلية جديدة خاصة به، مستلهما أشكال الفن البدائي القديم والرسوم الآشورية، مستخدما العجائن والسطوح والمواد الغريبة ليكسب سطح لوحته ملمسا فريدا وجديدا, فهذه عظام وغطيان مشروبات غازية ومستهلكات وأشياء مهملة يستخدمها المغربي ويلصقها على سطح لوحته، وأحيانا يستخدم الألوان في طلاءها، وأحيانا أخرى يتركها كما هي ويربط بين كل هذه الأشكال، ويتلاعب بها كيفما يشاء من خلال عملية إبداع جمالي. وبهذه المعالجات لسطح لوحته يتجاوز المغربي الأطر التقليدية للتصوير مقتربا من فنون الريليف والكولاج بأشكال أقرب إلى التجريدية؛ حيث يضع يده علي جوهر الأشكال ويستبعد التفاصيل الواقعية مقتربا أكثر إلى أشكال خرافية قريبة الصلة بالرسوم البدائية علي الكهوف والجدران القديمة، متحاشيا الزخرفيات وبأقل القليل من الألوان، وأحيانا تلمح حروف وكتابات متناثرة مجردة دون مدلولها اللفظي تتناغم مع بقية عناصر اللوحة التشخيصية في هارومونية هادئة.