تعيش فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هذه الأيام هاجس وضع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس عينه على رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة بدعم دول عربية مؤثرة.
ويدور خلف كواليس الفصائل سواء التابعة لمنظمة التحرير أو الساعية للانضمام إليها بواسطة الانتخابات المرتقبة للمجلس الوطني مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي إمكانية أن يتولى مشعل رئاسة اللجنة التنفيذية القادمة للمنظمة، الأمر الذي يدفعه للتمسك بعدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي لحماس مرة أخرى.
وفيما يلقى مشعل دعم دول عربية - وفق ما ذكرت صحيفة "القدس العربي" اليوم الثلاثاء، من مصادر فلسطينية مطلعة - لتولي قيادة منظمة التحرير خلال السنوات القادمة، تراهن حركة "فتح" على التعاون مع رفاق الدرب من فصائل المنظمة للاحتفاظ برئاسة اللجنة التنفيذية التي احتفظت بها منذ انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1968.
وحسب المصادر فإن استنجاد فتح بباقي فصائل المنظمة لن يسعفها بالاحتفاظ برئاسة المنظمة إذا ما جرت انتخابات للمجلس الوطني الذي يمثل كل الفلسطينيين في الداخل والخارج في المرحلة القادمة، وفق اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة والقاضي بإعادة بناء منظمة التحرير وإجراء انتخابات للمجلس الوطني وفق نظام التمثيل النسبي الكامل.
ورجحت المصادر أن حركة حماس ستقود منظمة التحرير خلال السنوات القادمة إذا ما جرت انتخابات المجلس الوطني، والذي بدوره سينتخب اللجنة التنفيذية للمنظمة، منوهة إلى أن هناك العديد من الدول العربية تدعم فكرة ان يتولى مشعل قيادة المنظمة خلال السنوات القادمة وان اختلفت أهداف تلك الدول حول ضرورة تولي حماس دفة القيادة الفلسطينية في المرحلة المقبلة.
ويسود اعتقاد في أوساط فلسطينية رفيعة المستوى تستعد لحزم حقائبها للرحيل عن الساحة السياسية الفلسطينية بأنه إذا ما جرت انتخابات للمجلس الوطني خلال المرحلة المقبلة فان بعض الدول العربية وخاصة الأردن وقطر تسعى لجر حماس من خلال قائدها البارز خالد مشعل للدخول في دوامة قيادة المنظمة التي اعترفت بإسرائيل ووقعت معها اتفاق أوسلو الشهير الذي أقيمت بموجبه السلطة الفلسطينية.
ويدور في أوساط النخبة السياسية الفلسطينية التي سيطرت على المشهد الفلسطيني لعقود بان تولي مشعل رئاسة المنظمة المعترفة بإسرائيل سيدخل حماس في اللعبة السياسية والتفاوض مع إسرائيل لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الأراضي المحتلة عام 1967، والاعتراف بإسرائيل من قبل "المعظم" الفلسطيني وعلى رأسهم حماس التي يدعو نظامها السياسي الداخلي لإزالة إسرائيل وتحرير فلسطين من النهر للبحر.
وحسب ما يدور خلف الكواليس فان إسرائيل معنية بتوقيع اتفاق سلام ينهي الصراع مع الفلسطينيين مع حماس الإسلامية التي تطالب بتحرير فلسطين من النهر للبحر كون "فتح" ستكون مؤيدة لذلك الاتفاق القاضي بإقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967، وناضلت سنوات طويلة لتحقيق ذلك الهدف واعترفت بإسرائيل ووقعت الاتفاقات معها خلال قيادتها للمنظمة.
وألمحت المصادر التي تتابع التحركات الجارية على الساحة السياسية بالمنطقة بأن الذي يجري حاليا هو إدخال حماس إلى المعترك السياسي في المنطقة، وذلك من خلال رئاستها للمنظمة المسئولة عن كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج والتفاوض مع إسرائيل للوصول إلى دولة فلسطينية على حدود الأراضي المحتلة عام 1967.
وحسب مصادر فلسطينية أخرى فإن لقاء مشعل بالملك الأردني عبد الله الثاني الاثنين، في عمان جاء في إطار التحرك الإقليمي والأردني على وجه الخصوص لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية للوصول إلى اتفاق سلام على أساس حدود عام 1967، وضرورة التزام حماس التي تسيطر على قطاع غزة بضرورة القبول بالاتفاق المرتقب لانهاء الصراع على اساس حدود عام ال 67 مع اجراء بعض التعديلات على تلك الحدود من خلال اجراء تبادل للاراضي بين دولتي فلسطين واسرائيل.
وفيما تشهد المنطقة اتصالات وتحركات لدمج حماس في المعترك السياسي بالمنطقة يجري التحضير في اروقة فصائل منظمة التحرير للتوجه للقاهرة الشهر المقبل لحضور اجتماع الهيئة القيادية العليا للمنظمة التي تضم حركتي حماس والجهاد الاسلامي ممثلتين في خالد مشعل وعبدالله رمضان شلح الامين العام للجهاد الاسلامي.
وفي ظل التحضيرات لعقد اجتماع الاطار القيادي للمنظمة بالقاهرة وفق اتفاق المصالحة لانهاء الانقسام تجري مشاورات لامكانية اضافة اعضاء مستقلين في صفوف الاطار القيادي للمنظمة حيث يجري تداول اسماء النائب في المجلس التشريعي الدكتور زياد ابو عمر والنائب المهندس جمال الخضري وهما نائبان مستقلان عن مدينة غزة للانضمام للاطار القيادي للمنظمة.
وعلى ضوء الاستعدادات الجارية لعقد اجتماع للاطار القيادي للمنظمة في القاهرة لبحث اجراء انتخابات المجلس الوطني، وتفعيل مؤسسات المنظمة يبقى هناك عوامل عديدة قد تعوق سعي حماس لتولي قيادة المنظمة من خلال الانتخابات التي ستجري للوطني وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، خاصة وان الوطني عليه ان يضم في صفوفه ممثلين عن 'العسكر' - قوات الامن التابعة للمنظمة- والتي في معظمها تابعة لفتح اضافة الى المنظمات الشعبية وتمثيلها في الوطني، وهي بمجملها محسوبة على فتح، وذلك اضافة لوجود ممثلين عن المستقلين والفصائل الفلسطينية في المجلس.
وفي النهاية لا بد من الاشارة الى ان وضع مشعل عينه على رئاسة المنظمة سيواجه عراقيل كثيرة تحول دون وصوله لرئاسة المنظمة من خلال الانتخابات للمجلس الوطني الذي يجب ان تكون المنظمات الشعبية والاهلية والعسكر ممثلين فيه وفق العرف والتقاليد التي كانت سائدة في المجلس منذ عقود مضت رغم محاولات سابقة من بعض الدول العربية التأثير في تركيبة المجلس الوطني الذي ينتخب بدوره اللجنة التنفيذية التي تنتخب هي بنفسها رئيسها.
وفيما فشلت العديد من المحاولات العربية التدخل في تركيبة المجالس الوطنية الفلسطينية السابقة يبقى الحديث عن رغبة قطر في تولي مشعل رئاسة اللجنة التنفيذية مجرد رغبة ستكون الايام والشهور القادمة كفيلة بالبرهان على تحقيق تلك الرغبة او فشلها.
ويدور بالاوساط الفلسطينية بان الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني عبر للرئيس الفلسطيني محمود عباس الرافض الترشح للرئاسة الفلسطينية في الانتخابات القادمة عن رغبته بتولي مشعل رئاسة المنظمة في أعقاب حصول دولة فلسطين على صفة مراقب غير عضو في الاممالمتحدة، وذلك بحجة ان مشعل قادر على ملئ الفراغ الذي قد ينشأ على صعيد القيادة الفلسطينية اذا ما اصر عباس على عدم الترشح لرئاسة دولة فلسطين القادمة.