الإثنين المقبل.. "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ في الشرقية    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    محافظ المنيا يتفقد أعمال إنشاء وحدة مرور مطاى بنسبة تنفيذ 70%    محمود محيي الدين: التغلب على أزمتى الديون والتنمية يتطلب الاعتماد على التمويل الوطنى    Lynk & Co 06 في مصر بسعر يبدأ من مليون و400 ألف جنيه.. مواصفات تفصيلية    الحكومة تسعى لجذب 101 مليار جنيه استثمارات خاصة بقطاع تجارة الجملة والتجزئة    ارتفاع حصيلة ضحايا حادث الدهس فى لوس أنجلوس إلى 30 مصابا    روسيا: مجموعة بريكس تتجه نحو التعامل بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار    القسام تبث مشاهد لعمليات استهداف آليات وقتل جنود إسرائيليين بجباليا    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    الصحة اللبنانية: شهيد فى غارة نفذتها مسيرة إسرائيلية على بلدة الخيام    وفد الناتو يشيد بجهود مصر في دعم السلم والأمن الأفريقي    قائمة منتخب الدراجات قبل المشاركة فى بطولة أفريقيا للمدارس بالجزائر    الأهلي يعلن استقالة أمير توفيق من منصبه في شركة الكرة    حُسمت.. برشلونة يتعاقد مع ماركوس راشفورد على سبيل الإعارة    ننشر حيثيات براءة المخرج محمد سامى من اتهامه بسب وقذف الفنانة عفاف شعيب    دون إصابات.. السيطرة على حريق مخزن في البدرشين    يومًا من البحث والألم.. لغز اختفاء جثمان غريق الدقهلية يحيّر الجميع    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    في سهرة مميزة.. أنغام تفتتح مهرجان العلمين بأغنية لوحة باهتة ورسائل حب للجمهور    في ذكرى اكتشاف حجر رشيد.. الأوقاف تطالب باستعادته وتدعو لصون الهوية المصرية    صدقي صخر صاحب شركة إعلانات في مسلسل "كتالوج"    كواليس تصميم فستاني زفاف عروس نجل إيلى صعب.. الأول احتاج 800 ساعة عمل    ب"ملابس جريئة".. هنا الزاهد تستعرض اطلالتين لها والجمهور يغازلها (صور)    رزان مغربي تطمئن جمهورها بعد إصابة الرأس.. ودنيا سمير غانم تدعو لها    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    "نقلة طبية في سوهاج".. افتتاح وحدة رنين مغناطيسي بتقنيات حديثة (صور)    محافظ كفرالشيخ ورئيس جامعة الأزهر يتفقدان القافلة الطبية التنموية الشاملة بقرية سنهور المدينة بدسوق    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    محافظ المنيا يتفقد سير العمل بمحطة رفع صرف صحي بقرية بردنوها    الرئيس السيسي يهنئ الإمارات بذكرى يوم "عهد الاتحاد"    مصر تقود مسار التنمية وتطويق النزاعات من «مالابو»    طفل يقود تريلا.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم | فيديو    تعاون أكاديمي جديد.. بنها ولويفيل الأمريكية تطلقان مسار ماجستير في الهندسة    الصحة توجه نصائح للمواطنين بشأن الطقس الحار وتحذر من ضربات الشمس    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    برنامج تدريبي لتأهيل طلاب الثانوية لاختبار قدرات التربية الموسيقية بجامعة السويس    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    اليوم.. بدء محاكمة المتهم بقتل سائق أمام مستشفى فاقوس ب الشرقية    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    تعرف على مواعيد وديات الأهلي في معسكر تونس    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية الديكتاتورية وإنقاذ قطار الوطن
نشر في محيط يوم 26 - 01 - 2013

هناك من يفصل بين "صنع البدائل" و "التصويت للاختيار": الديمقراطية تقوم على شقين؛ شق آليات صنع البدائل بعدالة ومساواة، ثم شق الاختيار بين هذه البدائل من قبل الناس؛ وإذا لم يتفق المجتمع على توفير آليات صنع البدائل السياسية بموضوعية وعدالة؛ يصبح ذلك هو عين الاستبداد، حينما تتحكم سلطة ما فى البدائل التى تعرض على الناس، يعد ذلك "استبدادا من المنبع" وفرضا لبدائل محدودة على الناس لتختار بينها؛ وهو ما أسميه "ديمقراطية الدكتاتورية": فرض وإجبار الناس للتصويت على بدائل سياسية محدودة.

ديمقراطية ما قبل الصندوق هى الأهم فى دولة المؤسسات والعدالة والحق؛ تلك التى تقوم على وضوح آليات صنع البدائل السياسية؛ إذا تدخلت قوة مسيطرة متسلطة معينة فى عملية صنع البدائل السياسية، يكون أهم شروط التصويت والاختيار الحر بين بدائل سياسية متساوية الفرص قد ضاع! ويتعرض المجتمع لعملية تنميط واستبداد مستتر ومقنع! حيث يتم سد الطريق أمام أنماط قيمية وسياسية متمردة بعينها، وفتحها أمام أنماط سياسية وقيمية متكيفة أخرى، تحظى برضاء القوة المتسلطة، وتنفذ أهدافها بادعاء المرحلية والتدرج فى التغيير وصولا للأفضل!

مرت مصر بخمس ممارسات تصويتية منذ انطلاق الثورة: استفتاء الإعلان الدستوري، انتخابات مجلس الشعب، انتخابات مجلس الشورى، انتخابات الرئاسة، استفتاء الدستور. والجذر السياسي التى تفرعت منه معظم فروع شجرة العملية السياسية فى مصر حتى الآن؛ يعود لاستفتاء الإعلان الدستوري مارس 2011! كانت القوة المتسلطة هى: المجلس العسكري، وأمامه أحزاب سياسية هشة وجماعة الإخوان المنظمة؛ لم تجد الأحزاب السياسية الضعيفة ما تستطيع أن تفاوض به المجلس العسكري، فاستخدمت تكتيك المزايدة والشعارات الرنانة لتحافظ على بقائها محتمية بالثوار، ووجد المجلس العسكري فى جماعة الإخوان الفصيل القوى؛ فتفاوض معه للوصول لإطار سياسي يحقق أهداف المجلس، ويغوى الجماعة بالحضور السياسي وبريق السلطة وتمرير شعاراتها الفكرية؛ وتلك كانت لحظة إنتاج "الاستبداد من المنبع" فى مصر الثورة!

تم تفصيل أول إجراء تصويتي ليجبر الناس على اختيار من اثنين: نعم أو لا! ولكنه لم يعطهم بديل إنشاء دستور جديد، والتخلص الكامل من النظام القديم! لم يعطهم حق "الاختيار من متعدد" حيث تم التأسيس فى مصر الثورة للفصل بين شقي الديمقراطية: "صنع البدائل" بعدالة، ثم "التصويت للاختيار" بينها بنزاهة..

أما فى انتخابات مجلس الشعب؛ فتم استقطاب بعض القوى الحزبية الضعيفة للترشح على قائمة الإخوان، وتم استقطاب بعض شباب الثوار للترشح على قائمة بعض الأحزاب الجديدة، وتم فتح الطريق لبعض الفرق الدينية المرضى عنها من المجلس العسكري (القوة المتسلطة حتى حينه) للترشح؛ ولكن الملاحظ هنا أن الثوار ككتلة لم يتم إعطائهم الفرصة ليكونوا بديلا سياسيا أمام الناس، ليختاروه من بين متعدد فى العملية التصويتية! ذلك لأن الشباب يكسر معادلة ومنظومة التكيف التى تقدمها القوة المسيطرة (المجلس العسكري).

واستمر الأمر كذلك فى انتخابات الشورى، إنما تزايد دور القوة المتكيفة (الإخوان وفرق الدين السياسي) مع القوة المسيطرة (المجلس العسكري والنظام القديم)، وتراجع دور الأحزاب السياسية الضعيفة حيث لم يعد لها فائدة عند الإخوان التى تحالفت معهم من قبل، كما أصبحت هذه الأحزاب موضع هجوم مستمر من الثوار لانتهازيتها، وكذلك كان الثوار عازفون عن المشاركة مشغولون بالدفاع عن جذوة ثورتهم من الانطفاء فى أحداث مجلس الوزراء، لتستمر سياسية "تقييد البدائل السياسية" المطروحة للتصويت أمام المصريين الذين كان أملهم فى الثورة كبيرا وأخذ يضعف!

وفى انتخابات الرئاسة، ضغطت القوة المسيطرة(المجلس) على القوة المتحالفة معها (الإخوان) لتمرير أهدافها، حيث أن الإطار السياسي للتفاوض بينهما يقوم على ثلاث نقاط: استقلال وحصانة المؤسسة العسكرية ومصالحها من أن تطالها يد الثورة والثوار، الانتصار لشعارات الإخوان السياسية فى وضع الدستور وتواجدهم فى المجلسين النيابيين بالأغلبية، وأخير كان البند المشكل: الملف الرئاسي حيث كان من المفترض أن يكون الرئيس توافقيا يحافظ على أهداف القوة المسيطرة والقوة المتحالفة معها! هنا حدث الاختلاف والشقاق بين المجلس العسكري والإخوان!

وجدت الجماعة أن هناك فرصة للانتصار السياسي بشكل أكبر، فى ظل غياب البدائل المقنعة أمام الناس، حيث فشلت الأحزاب فى تقديم بديل يجمع عليه الناس فى التصويت، وفشلت محاولات الثوار فى تقديم بديل يجمع بين حمدين وأبوالفتوح معا فى المقعد الرئاسى، حيث كانت وجهة نظر الثوار تقوم على: الاستفادة من خبرات حمدين السياسية المتراكمة، ومن تمرد أبوالفتوح ومحاولته تقديم نموذج قيمي مغاير! لكن الصورة الختامية أدت لانحصار البدائل أمام الناس مرة أخرى، بين مرشح القوة المسيطرة (أحمد شفيق)، ومرشح القوى المتحالفة معها ( محمد مرسى)، لينجح الرئيس مرسى.

وفى الاستفتاء على الدستور، تمسكت المؤسسة العسكرية (بعد انتهاء دور المجلس العسكري) بحصانتها واستقلالها فى الدستور، وحاولت الأحزاب الضعيفة أن تفرض وجهة نظرها لتقديم دستور متوازن نوعا لا ينتصر لفصيل ضد الآخر، لكن الإخوان وفصائل الدين السياسي لم يروا للأحزاب مواطن قوة تجعلهم يحترمون رغبتهم، من ثم حاولوا تمرير دستور - على هواهم السياسي - تواكب مع ذكرى أحداث محمود، لينتفض الثوار رافضين عملية الانتقال السياسي لأنها تقوم على التمكين لفصيل سياسي دون تطهير حقيقي للبلاد، فشعروا أنهم أمام استبدال لاستبداد قديم باستبداد جديد؛ وأوصلنا الاحتجاج لأحداث الاتحادية، التى انتهت أيضا بفرض بديل سياسي محدود أمام الناس، إما قبول أو رفض دستور فصائل الدين السياسي والإخوان! استمرت نفس آلية الاستبداد من المنبع، والسيطرة على الاختيارات المعروضة أمام الناس.

الثوار ليسوا طلاب سلطة، وليسوا فى صف الأحزاب أو فصائل الدين السياسي والإخوان، ولكنهم طلاب قيم وعدالة وأخلاق ومبادئ، الفطرة السليمة أن الناس تتحرك ناحية الأفضل والأصوب دائما، لماذا لا نحقق شروط وجود المجتمع الفعال والإيجابي! لماذا لا تكون بيننا كلمة سواء، حتى يكون تصويت الناس على بدائل واضحة متساوية! يجب أن نتفق على أن تكون المرحلة الانتقالية هى مرحلة بناء الدولة ومؤسساتها، وليس بناء تيار سياسي والانتصار له! الثورة لم تقم كي نجرى تصويتا أجوف على من سيقود القطار الخرب! إنما هى قامت لإيقاف القطار وإصلاحه، ثم فى مرحلة تالية يقترع الجميع على من يقوده! القطار الخرب لو وضعنا عليه شعار الدين - أو أي شعار آخر- لظل خربا، ولشوهنا الدين وحملنا الإثم! لابد من إصلاح القطار من قبل الجميع! محاولات الإقصاء قد تجعل القطار الخرب.. ينقلب بالجميع.

الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.