سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 22-7-2025 مع بداية التعاملات    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22-7-2025 بعد هبوطه ب8 بنوك    أجنة على حافة الموت.. تقرير أممي يكشف مأساة الحوامل في غزة    بعد الأضرار الفادحة... عراقجي يصعّد: التخصيب لن يتوقف    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    مصطفى العش: الموسم القادم سيكون صعبا.. وهدفنا إسعاد جماهير الأهلي    الحالة مستقرة.. حسن شحاتة يخضع لعملية جرحية في القلب    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    وسيط كولومبوس ل في الجول: النادي أتم اتفاقه مع الأهلي لشراء وسام أبو علي    رانيا محمود ياسين غاضبة: «منفعلتش على أمي.. كنت بدور عليها ومش لاقياها»    9 اختبارات تؤهلك للالتحاق بكلية الشرطة    زيلينسكي: الجولة الجديدة من المحادثات مع روسيا تنعقد في إسطنبول الأربعاء    لندن: فرض عقوبات على من يسهلون رحلات المهاجرين عبر القنال الإنجليزي    هي دي مصر، رجال الشرطة بأسوان يساعدون النساء وكبار السن السودانيين لتسهيل عودتهم إلى بلادهم (فيديو)    باستثناء الرومي والشيدر، ارتفاع كبير يضرب جميع أصناف الجبن بالأسواق، وصل إلى 37 جنيها    وزير العمل: أي عامل بلا عقد سيُعتبر دائما.. والأجنبي لن يعمل إلا بتصريح    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    أهلي جدة يحسم موقفه من المشاركة في السوبر السعودي بعد انسحاب الهلال    ثلاث صفقات من العيار الثقيل في الزمالك خلال ساعات (تفاصيل)    مفاجأة مدوية، محمد صلاح يتدخل لانتقال كوكا إلى الأهلي    الرابط الرسمي ل نتيجه الثانوية العامه 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم فور اعتمادها    عودة القبة الحرارية، البحوث الزراعية يحذر من طقس الأربعاء ويثير المخاوف من ظاهرة "تنفس الظلام"    يوسف معاطي يكشف سر رفض فيلم "حسن ومرقص" وهذا طلب البابا شنودة للموافقة (فيديو)    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    إيمان العاصي تشارك في «قسمة العدل» والعرض خارج رمضان (تفاصيل)    تامر أمين ل «فشخرنجية الساحل»: التباهي بالثراء حرام شرعا ويزيد الاحتقان المجتمعي    طريقة عمل الأرز البسمتي، في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهز    دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب، ماذا قالت عن الكوليسترول الضار    إسرائيل تقتحم منشآت تابعة لمنظمة الصحة العالمية في غزة وتحتجز موظفين    جثة و3 مصابين في حادث تصادم ميكروباص وسيارة نصف نقل بالمنيا- صور    موعد مباراة ألمانيا وإسبانيا في نصف نهائي أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    سيمون توجّه رسالة حاسمة لجمهورها: لن أعلّق على ما لا يستحق    معتصم ينتقم من مسعد بعد خطف ريم..حلقة 29 من فات الميعاد    مصرع شاب في مشاجرة بين تجار خُردة بالإسماعيلية.. والأمن يُلقي القبض على المتهم    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد من دار الإفتاء المصرية    «خاتم فرعوني» عمره 3500 سنة يُعرض للبيع في مزاد بلندن بسعر بخس    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    وصول قطار العائدين السودانيين إلى محطة السد العالي في أسوان    الداخلية تعلن بدء التقديم لكلية الشرطة 2025-2026 إلكترونيًا    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يظهر شخصًا يمارس البلطجة باستخدام سلاح أبيض في المنوفية    عراقجى: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكننا لن نتخلى عن التخصيب    الاحتلال يشن غارات متواصلة على دير البلح    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يرحب ببيان دولي يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    أول بيان من «الداخلية» بشأن فيديو مواطن تعدى بالضرب على زوجة شقيقه المتوفى للاستيلاء على أرض زراعية في البحيرة    إصابة 9 أشخاص بحالة إعياء بعد تناولهم وجبة عشاء في فرح ب الدقهلية    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب بيطري 2024 بالدرجات    رئيس وزراء الكويت يستقبل كامل الوزير لبحث التعاون الاستثماري وتوسيع الشراكة الاقتصادية    برلمانيون: نائب رئيس "مستقبل وطن" يحظى بشعبية كبيرة في الشرقية (صور)    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأندلس في دائرة الضوء
نشر في محيط يوم 12 - 01 - 2013

شتانٌ هو الفارق بين المثقفين في كلِّ أمَّة، وبين نخبتنا التي تصيبُ آمال الشباب بالغُمَّة.

فالمثقفون في كل أمة يتطلعون إلى شبابها الذين هم عمادُ الحاضر وأمل المستقبل، يسعَون إلى تشكيل وجدانهم وصياغة ثقافتهم وترشيد أفكارهم.

أما أدعياءُ الثقافة في مصر فحالهم عجب، إن رأوا لشبابنا اقتراباً من هويتهم الإسلامية فالقدحُ فيهم وجب.

فتراهم يسارعون إلى قصفِ أقلامِهِم، ويتنافسون في تسفيهِ أحلامهم.

من ذلك مقالٌ كتبه بلال فضل تحت عنوان " لن ننسى كباريه الأندلس !" عبرَ بوابة الشروق للأخبار، وكفى بالعنوانِ عن المحتوى كاشفا.

عندما تقرأُ عنواناً كهذا فإن أول ما قد يتبادر إلى ذهنك أنه حلمٌ يراود صبي راقصة، لكنك عندما تعرفُ من الكاتب وتسلك أغوارَ المقالِ تدركُ كيف يشوهون أفكارُ الشبابِ لتبدو ناقصة !

وأصلُ الموضوعِ أنَّ شباباً من حركة أحرار كان قد دعا لوقفة بميدان سفنكس في ذكرى سقوط الأندلس، والتي يحتفل الأسبان بها في هذا التوقيت ، وكان هدفُ الشباب من تلك الوقفة تقديمَ عرضٍ تاريخي عن مُلابسات سقوط الأندلس، وعن تزييف التاريخ الذي صُدِّرَ إلى كثير من الشعوب والتذكير بأحد أبشع جرائم التاريخ (محاكم التفتيش)، والهدف الأكبر هو استخلاص الدروس والعظات مما وقع في الأندلس عبر التاريخ، إيماناً بأن من لا يُحسِن قراءة التاريخ لن يُحسِن صناعة الآمال والأحلام في المستقبل.

وحركة أحرار - لمن لا يعرفها - هي حركة شبابية مستقلة عن جميع الهيئات والأحزاب والجماعات الدينية والسياسية، تهدف إلى تنمية الوعي في المجتمع.

أمَّا تلك الوقفة فقد حققت نجاحاً لافتاً للأنظار، وكان من أصداءِ ذلك النجاح أن يتعرَّضَ لهجومٍ وإنكار، وإلاَّ فمن يهاجم الفكرة.. إن بقيت في ثوبِ فشلِها نكِرَة ؟

بل لقد كان لتلك الوقفة التي استنكرها الكاتب آثارٌ إيجابية لدى أهل الأندلس المهجَّرين في بلادٍ شتى انعكست في رسائلهم الشاكرة وتواصلهم المعبِّر مع النشطاء الأندلسيين المهتمين بقضايا بلادهم.

ومن المفارقات أنه في الوقت الذي يحتفلُ فيه الإسبان بذكرى تلك الجريمة النكراء في تاريخ الإنسانية، ويقفُ بعض العلمانيين الإسبان موقفاً مناهضاً لذلك كجمعية غرناطة العلمانية، وكذا بعض الأحزاب اليسارية وهيئات حقوق الإنسان، وينظمون وقفاتٍ رافضة للاحتفال من منطلق إنساني بحت داخل "إسبانيا" نفسها.. نجد على النقيض المذهل أن من بني جلدتنا من يسفّه أحلام شبابنا في وقفةٍ مشابهة تنتصر للإنسان الأندلسي وتستخلص العبرَ من استقراء التاريخ !

لقد كبُرَ على الكاتب أن يرى الأندلسَ لا تزالُ في وعي أولئك الشباب حاضرة، وأن ذكرى تلك الحضارة الإسلامية التي أضاءت ما حولها تُبَثُّ من القاهرة، فكان هذا المقال الذي تهكم فيه من كل شيئ بدءً بالفكرة، ومروراً بالإخوان المسلمين الذين لا علاقة لهم بتلك الوقفة، وانتهاءً بالخلافة الإسلامية التي تصيب أمثالهم بالرجفة.

وهذا المقالُ الذي أكتب لا أقصدُ منه الردَّ على شخص بلال.. بل أكتبه تنبيهاً وتفنيداً لما احتوى عليه من ضلال.

لذلك سأغضُّ الطرف عن كثيرٍ مما وجدتُه لا يستحق الردّ، مُركِّزاً على ثلاث نقاطٍ تحتَّم تفنيدها ولا بُدّ.

الأولى: تتعلق بتزويرٍ تاريخي بشأن الأندلس بادعاء أنها عادت لسكانها الأصليين.

والثانية: تتعلق بالسخرية مما صاحب الفتوحات الإسلامية من السبي.

والثالثة: تتعلق بالتخويف من الربط بين قضية الأندلس وبين إدعاء الصهاينة بالحق التاريخي في فلسطين.

أما فيما يتعلق بادعاء أن الأندلس عادت لسكانها الأصليين، فإن الكاتبَ يتساءلُ بنبرةٍ لا تخلو من تهكم عمَّا نحن فاعلوه بعد أن نحررها من قبضة سكانها الأصليين، وهذا ادّعاءٌ لا ينبغي أن نمرّ عليه مرور الكرام، فإنه تزويرٌ للوقائع إمّا لجهلٍ بالتاريخِ أو تغييبٍ للحقائق عن عمد، وكما يقولُ العلامة ابن القيم رحمه الله في البيت الشهير:

فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبةٌ.. وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم !

والمضحك أنه استند إلى الكتاب المترجم "العرب لم يغزو الأندلس" وأصله كتاب " La revolución islámica en Occidente " لمؤلفه Ignacio Olagüe، ولو تكبّد عناء قراءته لعلم أن الكتاب يرفض أساساً فكرة أن الأسبان هم (أهل الأندلس الأًصليين).

واستعراضاً للتاريخ فإن أرض الأندلس الحبيبة قد دخلها الإسلام عام 92ه ، واستمر حكم المسلمين بها إلى عام 897ه ، فترةٌ تربو على الثمانية قرون، شهدت حضارةً عامرة ونهضةً شاملة فى مختلف العلوم النظرية والعملية، فى الوقت الذى كانت فيه أوربا تتخبط فى ظلمات الجهل، إلى أن بدأت بفعل الترجمة من الحضارة الإسلامية تستضيئُ شيئاً فشيئاً على المهل.

وبالمناسبة فإن الأندلس تُعرَف بهذا الاسم نسبة إلي قبائل الفندال، لذلك سُميت هذه البلاد فانداليسيا، ومع الأيام حُوِّلت إلى أندوليسيا ف أندلس.

ولقد كانت الأندلس موطن الشعب الآري الموحّد لله، الرافض للتثليث و لإلوهية المسيح , فجاء الكاثوليك من روما و احتلوا الأندلس و فرضوا على أهلها المذهب الكاثوليكي، واضطهدوا اليهود اضطهادا شديدا ذكّرهم بالسبي البابلي، فلما جاء طارق بن زياد رحمه الله للأندلس حاملاً راية التوحيد وداعياً الناس إليه، استجاب أهل الأندلس الذين رأوا في الإسلام شبهاً كبيراً بدينهم السابق المبني على التوحيد، فاعتنقوه مرحبين بالفاتحين، أما اليهود فقد استبشروا خيراً بقدوم المسلمين بعد معاناة شديدة من اضطهاد الكاثوليك لهم.

وبذلك دخلت الغالبية الساحقة من أصحاب الأرض أهل الأندلس أفواجاً في دين الله، واختلطوا بالعرب والأمازيغ ليشكلوا معاً المجتمع الأندلسي الثري الذي احتضن جميع الثقافات والديانات كما لم يفعل أي مجتمع آخر بشهادة الغرب قبل المسلمين.

أما يسمى بحرب الاسترداد فما كانت إلا احتلالاً، حيث اجتاحت مملكة قشتالة أرض الأندلس وأقامت محاكم التفتيش وعذبت وأبادت (سكانها الأصليين)، وصدر الأمر البابوي عام 1524م بإجبار المسلمين على اعتناق الكاثوليكية، ومن أبي ذلك فعليه الخروج من إسبانيا خلال مدة معينة أو أن يصبح عبدًا رقيقاً مدى الحياة، ورغم إجبار الكثيرين على التنصُّر إلا أنهم لم يَسْلَموا من التعذيب أو الطرد.

وفي ذات الاتجاه تنتصر بإنصاف شديد Dolors Bramon المؤرخة بجامعة برشلونة لتلك الحقيقة التاريخية في المقال المؤرخ 11 نوفمبر 2007 تحت عنوان:

"Historiadora señala que llegada de los musulmanes a España en el siglo VIII no fue una conquista"

وترجمته: "مؤرخة تعتبر أن الوصول الإسلامي لأسبانيا في القرن الثامن لم يكن غزوا"

حيث تؤكد أن الفتح الإسلامي للأندلس خلال القرن الثامن الميلادي "لم يكن قط غزوا" بما أن (السكان الأصليين) الذين كانوا الغالبية العظمى قد "تحمّسوا و انخرطوا بهذه الحضارة التي كانت متفوقة آنذاك".

ولعل في ذلك الكفاية لتوضيح أن دسّ عبارة تحرير الأرض من سكانها الأصليين هي مغالطة تاريخية فاحشة.

وأما النقطة الثانية فهي تناول ما صاحب الفتوحات الإسلامية من السبي، إذ يقول ساخراً "ونسبي نساءهم ليتخذها شبابنا جواري ونبيع غلمانهم كعبيد، فنحل بفتح واحد أزماتنا الإقتصادية والإجتماعية عاملين بفتوى المرجع السلفي الشيخ الحويني الشهيرة"

وقد سبق للشيخ الحويني –حفظه الله- أن ردَّ على هذا الذي نُسبَ إليه فأوضح أنه كان يؤصل تأصيلاً علمياً في محاضرةٍ عن الجهاد فتم اجتزاء بعض العبارات إخراجاً لحديثه عن سياقه، فأي ذريعةٍ تلك التي تُستخدم في إعادة الاجتزاء وإخراج كلمات الشيخ عن مبتغاها، إلا أن تكون حاجةً في نفس الكاتب قضاها!

والواقع أن هذا الكاتب المسلم قد حاد عن الإنصاف كثيراً، فالمعلوم أن الإسلام لم يبتدع الرق، بل ظهر الإسلام والرق شائع في جميع الأمم، فحدّ الإسلام من هذا الباب، وشدَّد في تحريم استرقاق الحر، وحصر دائرة الرق فيما أُخِذَ من طريق الجهاد المشروع، ومع حثه على الإحسان إلى الرقيق وتأديبهم وتعلميهم وإكرامهم وإعانتهم، فإنه سعى لتحرير الرقيق بكل طريقٍ مشروع، ورغب في ذلك بقوة إذ فتح عملياً مجالات كثيرة للعتق، ككفارة اليمين والظهار والقتل ونحوه.

وليته قارنَ ما بين وضع الرقيق في الإسلام، وبين ما يفعله غيرُ المسلمين حين يتمكنون من بلاد المسلمين فيقتلون بدمٍ بارد ويغتصبون النساء ويبلغون في الإجرام القمة، فلا يرقبون في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذمَّة.

لو أنه استحضر تلك المقارنة بحياد، فلربما استحيى مما خطت يداه وعاد.

وإذا كان الرق قد انتهى في هذا الزمان ، فأي مبررٍّ لإقحامه وإثارة الحديث فيه الآن !

وأما النقطة الثالثة فهي التخويف من الربط بين قضية الأندلس وبين إدعاء الصهاينة بالحق التاريخي في فلسطين.

والمضحك أنَّ المثقف الكبير بلال، يعتقدُ أنَّ حلم استعادة الأندلس يفتحُ للصهاينة أبوابَ الاستغلال، ويكأن الصهاينة كانوا ينتظرون تلك الوقفة لتأكيد حقهم التاريخي على نفس المنوال!

إنها لسطحيةُ تستحضرُ الرثاء، وتُشعِرُنا كم تحت قالبِ من يدّعي الثقافةَ من غُثاء !

إن الحق التاريخي المزعوم لليهود في أرض فلسطين مردود من حيث أقدمية السكن والمواطنة، فأول من سكن فلسطين هم (اليبوسيون) من بطون العرب الأوائل، وأقدم اسم لبيت المقدس هو (يبوس) وله ذكر في التوراة، وورد في ألواح تل العمارنة بالمتحف المصري، وشاركهم في سكناها الكنعانيون العرب، ثم أطلق عليها (أورشالم)، أو مدينة (شالم) ، ثم بعدها بقرون طويلة أتى إليها إبراهيم عليه السلام لأول مرة.

فالعرب سكنوا فلسطين قبل أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام الذي جاء من نسله اليهود- كما جاء من نسله العرب العدنانيين من جهة اسماعيل عليه السلام- فللعرب الأقدمية في السكنى، بل لم تزد مدة بقاء إبراهيم عليه السلام في فلسطين على المائة عام، وهذا ينفي الحق التاريخي المزعوم في السكنى رغم أنها لا تكفل حقًا، فليس لليهود فيها من حقٍ ولا أن يستنشقوا هواءَها.

وليكن معلوماً من قبل ذلك ومن بعد أنَّ الأرضَ لا يملكها بشر (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) سورة الأعراف الآية 128، وورد مصداقاً لذلك من سفر (لاويون25: 23) من قول الرب في خطابه لبني إسرائيل: "والأرض لا تباع بتةً. لأن لي الأرض وأنتم غرباء ونزلاء عندي".

لقد جعل الله التمكين في الأرض لمن يقيم العدل فيها، ويشيع الصلاح في أرجائها، ويعلي راية التوحيد في ربوعها، إنها سنة الله في عباده وفي أرضه.

ختاماً أقول، لقد أساء ذلك الكاتب إلى الشباب الواعي بالغ الإساءة حين وصفهم بأنهم يُقادون كالقطيع، متناسياً أن النخبة البائسة هي التي تنساقُ خلف الأفكار المستوردة كالخادم المطيع.

إن ما حمل ذلك المقال من أفكار لا يتجاوز حدود عرضِ هزليّ في أحد الكباريهات، لكن أن يحلم بأن يطال تراثنا فهيهات هيهات

الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.